كل يوم

وراء كل سيارة.. رادار!

سامي الريامي

تهكم الفنان الكوميدي طارق العلي في إحدى مسرحياته على شارع من شوارع الدولة، فقال «الشارع طوله كيلو وعليه 200 رادار»، طبعاً بالنسبة لجمهور الإمارات كلام العلي أقرب للواقع ولا يمكن اعتباره طرفة، ومعظمهم اعتادوا إرسال الطرف عبر الرسائل القصيرة، وأجهزة «البلاك بيري» عن القصة ذاتها.

ولأن الطرائف تقوم على المبالغات، فيجب أن يكون الواقع أقلّ غرابة، وبصراحة شديدة، فإن الأمر أصبح خارج كل فهم ومنطق، فالرادارات في شوارعنا لا مثيل لها في أي دولة في العالم، لا من حيث الكم، أو حتى النوعيات، ومثل تنوع المجتمع وجنسياته التي تفوق الـ200 جنسية، هناك تنوع عجيب في أشكال ونوعيات الرادارت، التي لا يمكن لأي سائق مشاهدتها بالتنوع والكمية نفسيهما، في أي مكان في العالم لا في شماله ولا جنوبه، لا في آسيا ولا أوروبا، ولا في أستراليا ولا في أميركا، وكأن هذه الرادارات مصنعة خصيصاً لنا، ما يجعلنا نتساءل عن الوسائل التي تتبعها دول العالم للحد من انتشار الحوادث المرورية، من دون أن تستخدم هذا الكم الهائل من الرادارات، للدرجة التي نخشى أن تكون الخطة الخمسية المقبلة لإدارات المرور في الدولة هي وضع رادار مع كل عمود إنارة!

لا ننكر أهمية الرادارات في تقليل نسبة الحوادث المرورية الناجمة عن السرعة، ولن يطالب أحد بنزع الرادارات من الشوارع، ولكن الاعتماد عليها وحدها لتحقيق هدف تقليل الحوادث، لا يعد حلاً أمثل، بل يشير إلى دلالات أخرى مهما حاول المسؤولون في إدارات المرور نفيها، إلا أن هذا أالنفي لن يقنع الناس أبداً، فلن نقتنع بقصة الحماية لا الجباية، ونحن نشاهد في بعض الطرقات ثلاثة رادارات جنب بعضها بعضاً، أحدهم طويل، والآخر مربع صغير، والثالث أسطواني الشكل!

لن نقتنع، ونحن نشاهد رادارات مزروعة في طرقات داخلية وجانبية، وفي أماكن لا يمكن السرعة فيها فوق الحد، ولن نقتنع ونحن نرى في شارع ثلاث سرعات للضبط، ولن نقتنع ونحن نرى راداراً يشبه «مصاصة الأطفال» يتبعه مباشرة صندوق متوسط الحجم، ثم صندوق آخر مرتفع، وبينهما سيارة تحمل راداراً ضخم في خلفيتها المغلقة، ومن بعدها شرطي يصوب نحوك راداراً، وأخيراً جهاز أسطواني غريب الشكل يقال إنه يضبط خمس مخالفات في آن واحد، السرعة وحزام الأمان والتلاعب في لوحة السيارات، ولا أدري ما المخالفتان الأخريان.

وفي هذا السياق، شاهدنا أكثر من مرة انتشار رادارات متحركة بين أخرى ثابتة، كما شاهدنا رادارات مخفية، بما يجعل الهدف منها خارج المعلن عنه في التقليل من حوادث السير، لأن الأصل هو الإظهار لا الاختباء في التعامل مع شأن قانوني بحت، المغزى الوحيد المفترض منه هو حماية المجتمع من تبعات الحوادث!

المسألة زادت على الحد، في كل إمارات الدولة، ويبدو أن هناك تنافساً بين المعنيين لجلب كل ما هو جديد لزيادة التنوع الراداري الموجود، فهل نشهد اليوم الذي يكون فيه وراء كل سيارة رادار؟!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر