رؤية

القوانين والتشريعات الاقتصادية بالإمارات

نجيب الشامسي

الجميع يدرك مدى أهمية القوانين والتشريعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية في أي دولة ترنو إلى تحقيق أهدافها وطموحات أبنائها، والنهوض بمؤسساتها، وتعزيز مكانتها وحضورها الإقليمي والدولي، وكلنا يدرك أهمية القوانين والتشريعات في صياغة وصناعة مستقبل الدولة واقتصادها وحماية أسواقها وأفرادها، وجميعنا يدرك أن تلك القوانين تشكل ركيزة أساسية من ركائز الدول، ومفصلاً مهماً من مفاصل التنمية والتطور والنمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي.

لكن من يصنع أو يصيغ أو يشّرع القوانين والتشريعات الاقتصادية في دولة تؤمن القيادة السياسية فيها بضرورة تحقيق التنمية فيها، وكذا النهضة والاستقرار لأبنائها؟! إذا كانت القوانين والتشريعات في بداية الدولة معظمها مستنسخاً، والمشّرع لها مستشارون وخبراء أجانب فما حقيقة القوانين الجديدة؟ هل جاءت مواكبة لمتطلبات التنمية؟ هل تعد منسجمة مع احتياجات الحاضر والمستقبل؟ لماذا تعطل التشريعات؟ ومن الشركاء الفعليون في صياغة التشريعات الجديدة؟ في حقيقة الأمر إن التشريعات الجديدة يصار إلى إرسالها كمشروعات إلى غرف التجارة في الدولة، وإلى الدوائر الاقتصادية المحلية في إمارات الدولة للاستئناس بالآراء، وليتم إدخال التعديلات عليها، وهنا تكمن المشكلة!

إن غرف التجارة والصناعة تمثل شريحة تجار ومستثمرين، منهم المواطنون والأجانب، وهذه الشريحة تعمل على تفريغ تلك المشروعات من مضامينها، وتعاد صياغتها بما يخدم أهدافها ومصالحها فحسب، من دون مراعاة للمستهلك أو استقرار الأوضاع التجارية والاقتصادية والاستثمارية في الدولة، ومن منطلق قناعة تامة، ومن واقع تشخيص الدور الذي يمارسه تجارنا وأصحاب الشركات في دولتنا، نؤكد أنهم يعملون على تجيير تلك القوانين والتشريعات بما يخدم مصالحهم وأهدافهم التي غالباً ما تأتي على حساب الفرد والمجتمع، وهكذا تصبح القوانين ساتراً لحماية شريحة التجار ليتفرغوا لتحقيق أهدافهم.

أما الاستئناس برأي الدوائر الاقتصادية في الدولة، فإنه يعد مشكلة أخرى، ذلك أن هذه الدوائر في ظل تباين السياسات التجارية والاقتصادية في ما بينها، وبروز التجزئة الاقتصادية التي تعانيها أسواقنا واقتصادنا، تتجاذب وتتنافر مع مشروعات القوانين بما يحقق أهداف الإمارة وليس الدولة، وأهداف شريحة معينة منتمية لتلك الإمارة أكثر من ترجمة رؤية الدولة الشاملة، وفي حال تعارض مشروعات القوانين مع سياساتها ومصالح الشرائح المستفيدة فيها، فإنه غالباً ما يتم تفريغها أو تعطيل بنودها لتصبح حبراً على ورق، ومصيرها دهاليز الوزارة ومكاتب المسؤولين، وهذا ما يحدث فعلياً، إذ تؤكد المعطيات أن هناك العديد من مشروعات القوانين معطلة، وهناك العديد من المواد القانونية المقترح تعديلها في القوانين الاقتصادية المعمول بها حالياً مجمدة ومعطلة، ولو تم إقرارها وإصدار القوانين الأخرى لأصبح واقعنا الاقتصادي والتجاري أكثر قوة وأكثر خدمة لمسيرة التنمية في الدولة، لكن طالما هناك فئة مستفيدة، فإن من يأتي من بعدها مصيره الطوفان!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر