كل يوم

المبالغة والرتابة في الدراما الرمضانية

سامي الريامي

من فوائد الثورات العربية أنها تسببت بشكل مباشر في خفض الإنتاج الدرامي لشهر رمضان الجاري بنسبة 35٪، مقارنة بحجم إنتاج العام الماضي، وبالتالي وصل عدد ساعات الدراما التلفزيونية التي يمكن مشاهدتها على مختلف القنوات الفضائية هذا العام إلى 65 ساعة تقريباً، هذا الرقم هو ليوم واحد فقط، وليس موزعاً على ليالي ونهار الشهر الكريم بأكمله كما يعتقد البعض!

وعلى الرغم من أننا لسنا ضد الإنتاج الدرامي التلفزيوني إطلاقاً، ونعتقد أن رمضان هو فرصة حقيقية لكسب عيون وقلوب المشاهدين، فنسب المشاهدة ترتفع في أيام هذا الشهر إلى أربعة أضعاف أو أكثر، وهذا الارتفاع يشمل مختلف الأعمار والفئات وشرائح المجتمع كافة، ما يعني أنها فرصة حقيقية لإيصال ما يمكن إيصاله للمتلقي، وطرح ما يمكن طرحه من قضايا، ومعالجة ما يمكن علاجه من مشكلات، وتوثيق ما يمكن توثيقه من تاريخ وعادات وسير خالدة.

ولكن ما نشاهده اليوم بعيد عن كل هذا، فالساعات تهدر على الهواء من دون فائدة حقيقية، والمسلسلات أصبحت تتسم معظمها، إن لم أقل جميعها، بالمبالغة والسطحية، مبالغة في طرح وعرض القضايا، ومبالغة في الحزن والتهويل، ومبالغة حتى في الكوميديا التي وصلت إلى حد الابتذال في كثير من الأعمال المعروضة!

لا أريد الدخول في تفاصيل المسلسلات، والأعمال الدرامية المعروضة، لأنها تكاد تكون متشابهة، الخليجية والمصرية والسورية، متشابهة مع نفسها مقارنة بالأعمال السابقة طوال السنوات الماضية، لا جديد فيها إطلاقاً، ومتشابهة جميعاً من حيث الرتابة والتحول الواضح إلى الجانب التجاري من دون النظر إلى أي اعتبارات أو جوانب أخرى.

ومسلسلاتنا المحلية، هي الأخرى تعاني الرتابة ذاتها، وهي ليست استثناء أبداً من المشهد الدرامي الرمضاني العربي بشكل عام، بل المؤسف أن تجارب وأعمال العام الماضي كانت أكثر إقناعاً، وأفضل عرضاً وتقديماً، بالتأكيد هناك من حافظ على تألقه، لكن الغالبية سقطت أيضاً في الفخ التجاري، من دون التركيز على ضرورة إيجاد التوازن المعقول بين رغبة المشاهد ورغبة المعلن، أو المنتج!

أصبحنا نشعر بمسألة «المط والتطويل» غير المبررة وغير الضرورية، في كثير من حلقات مسلسلاتنا المحلية، و«شعبية الكرتون» و«فريج» أيضاً لا يشكلان استثناء من ذلك، وحتى الكوميديا التي اشتهر بها عدد من ممثلينا المحليين، أصبحت هذا العام غير مقنعة، وبدأت تتجه نحو التصنع أحياناً، والصراخ أحياناً أخرى، ما جعلها أثقل بكثير من أن نطلق عليها كوميديا عفوية مرغوبة!

لست متحاملاً، ولا متشائماً، وكنا ننتظر أن نرى أعمالاً تستحق المتابعة والمشاهدة، كما يهمنا نجاح ممثلينا وأعمالنا الدرامية المحلية، لتأخذ مكانها الريادي بين الأعمال الخليجية والعربية، لكنها إلى الآن لم توفق في ذلك، وعموماً ما يخفف الوطأة علينا وعليهم هو أن بقية الأعمال الدرامية ليست أفضل منها بأي حال من الأحوال!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر