رؤية

«مواصفات».. ماذا تُوصّف وبماذا تقيس؟!

نجيب الشامسي

هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (مواصفات)، إحدى الهيئات المهمة في الإمارات، وتنبع أهميتها من كونها جهازاً رقابياً على السلع والبضائع التي تدخل إلى أسواقنا، لتوفر الحماية المطلوبة للمستهلك، وفقاً لما نص عليه قانون إنشائها، والأهداف التي نص عليها نظامها الأساسي، فهل تملك سلطة منع دخول أي سلعة، أو بضاعة تفتقر إلى معايير الجودة، وغير مطابقة للمواصفات الخليجية، وتحمل عيوباً تصنيعية وفنية؟

كما أنه ومن خلال دورها الرقابي، وتطبيقها معايير الجودة، تشكل مفصلاً مهماً في تعزيز البيئة الاستثمارية، باعتبار أن المستثمر لاسيما الأجنبي، يهمه أن يحمي نفسه وأسرته من السلع، والبضائع المغشوشة أو المقلدة، أو التي تفتقر إلى الجودة، كما يحمي استثماراته من السلع والبضائع الوسيطة التي تدخل في استثماراته النهائية، سواء الصناعية منها أو الخدمية، أو التجارية.

وإذا كان هذا هو هدف «مواصفات»، وهذه هي الاعتبارات التي تستند إليها في عملها، فلماذا هذا الكم من السلع والبضائع، المقلدة منها والمغشوشة، المعروضة في محالنا وأسواقنا؟ حتى السلع المنتجة في اقتصادنا لا يخلو بعضها من غش وافتقار لمستوى الجودة! والأدوية التي تباع في صيدلياتنا، التي يفترض أن يكون فيها شفاء للناس، نجد أنها لا تخلو من غش، ومن افتقار إلى الجودة!

لعل ما يثير الحديث لتناول هذا الموضوع هنا، ما شهدته أسواق السيارات في العالم، حينما تم اكتشاف خلل فني كبير في بعض سيارات «تويوتا»، وقامت الدنيا ولم تقعد في الولايات المتحدة، وتعرض المدير العام للشركة لمساءلة قانونية على الرغم من اعتذاره الشديد، إذ ظهرت عيوب خطيرة في مكابح السيارات، وتوقف عملها في الأجواء الباردة، وكذلك هي حال العيوب الفنية التي تم اكتشافها في سيارات «هوندا»، عندما تبين أن فيها عيباً يتعلق بنظام فتح وسائد الهواء أمام السائق.

فأين هيئة المواصفات والمقاييس من هذا؟ وكم عدد ضحايا أبناء الإمارات والمقيمين نتيجة عيوب سابقة في أنواع مختلفة من السيارات، ومنها عيوب في هيكل السيارات نفسه ولم يتم اكتشافها؟

من الذي دفع ثمن تلك الضحايا والتي دوماً ما تسجل ضد (مجهول)؟ ولماذا لم تكشف «مواصفات» تلك العيوب التصنيعية والفنية في السيارات قبل غيرها من الدول؟

وماذا لو علمنا أن الشركات المصنعة للسيارات دوماً تحرص على تصدير نوعية متميزة وبجودة عالية من السيارات للدول الأوروبية والولايات المتحدة، لأنها تدرك قدرة الهيئات الرقابية في تلك الدول على اكتشاف العيوب، كما أنها تدرك جيداً حجم ونوعية العقوبات التي تفرضها تلك الدول على الشركات المصنعة، فيما نحن نستورد سيارات ليست بالجودة ذاتها ولا بمستوى النوعية نفسه، وإنما بعيوب خطيرة تودي بحياة مواطنينا والمقيمين على أرض وطننا، لأن شركات السيارات تعرف حقيقة الرقابة، ولأن وكالات السيارات لا يهمها سوى الربح، وتعرف جيداً كيف تتملص من أي عقوبات، هذا إذا تم اكتشاف العيوب.

فما حال بقية السلع والبضائع؟ وكم عدد ضحايا الغش، وغياب الجودة في السلع التي نستوردها؟!

alshami.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر