كل يوم

العلاوة تحفيز أم صداع!

سامي الريامي

العلاوات هي أسلوب مهمّ لتحفيز الموظفين ودفعهم إلى التميز، ولا يهم إن كانت سنوية أو موسمية، لكن المهم استمراريتها ووجودها، فالتوقف عنها يعني باختصار التوقف عن الإبداع والإنتاج للموظفين.

لكن ما لاحظه كثيرون، خصوصاً المسؤولين في معظم الدوائر المحلية في إمارة دبي، أن النظام المتبع وفقاً لقانون الموارد البشرية المطبّق في الإمارة، خصوصاً في ما يتعلق بأحقية العلاوات الدورية، غريب جداً، ولعله من البديهي أن يتحول بكل صراحة إلى صداع شديد للمسؤولين، فهو معقد بشدة لا تقل أبداً عن مشكلة الشرق الأوسط وإحلال السلام فيه!

لا ننكر أبداً أن الهدف من النظام راقٍ وسامٍ، ولا شك أن النية كانت عند من وضع النظام سليمة، وتهدف إلى فتح مجال لزيادة الرواتب مقرونة بالأداء لكل الموظفين، وكل حسب إنتاجه وعمله يحصل على الزيادة التي يستحقها، وهذا مبدأ سليم، فالعدالة هنا تقتضي أن يكون هناك تفاوت في الحصول على العلاوات بين الموظفين، مادام هناك تفاوت في الأداء، ولا يستوي بكل تأكيد من يعمل ويتفوق، ومن يعمل ولا يتفوق، كما لا يمكن أن يتساوى معهما من لا يعمل أصلاً ولا يمكن أن يتفوق!

لا خلاف على ذلك، ولكن الخلاف الحقيقي يكمن في تلك النسب التي قيد بها النظام الإبداعي، وأصبحت في الوقت ذاته مبعث إحباط لكثير من المسؤولين والموظفين في آن واحد، فـ«امتياز» يجب ألا يحصل عليها سوى 5٪ من الموظفين من مختلف الدرجات والمناصب في الدائرة، وكذلك «جيد جداً» محددة في 15٪ فقط من أعداد الموظفين، ثم فئة «جيد»، ويجب أن تحصل عليها الفئة الغالبة وهي 60٪!

معادلة صعبة للغاية، كما أنها لا تخلو من الغرابة، وفي ضوء هذه التقسيمات وجد المسؤولون عن التقييم في الدوائر المحلية أنفسهم في موقف حرج للغاية، وباعترافات عدد منهم، أقرّوا بأن تقييماتهم لم تكن عادلة بسبب هذه الشروط وهذا التقييد، فهناك موظفون وقعوا في ظلم شديد، وحصلوا على تقييمات لا تليق بهم، لأن الإدارة تريد أن تحسن أوضاع فئات أخرى، من وجهة نظرها، أكثر استحقاقاً من هؤلاء، وبالتالي اضطروا إلى أخذ نسبة الامتياز من موظفين مستحقين، لإعطائها لموظفين آخرين أقل استحقاقاً، لكن من أجل تحسين وضعهم مالياً وإعطائهم تلك الزيادة حتى وإن كانت قليلة، وهذا يعني بكل وضوح أن التقييم لم يكن بحسب الكفاءة بقدر ما كان من أجل إرضاء الأطراف الأشد حاجة لتلك العلاوة!

وفي الوقت ذاته، لا يعني هذا المقال أن الموظفين دائماً على حق، ولا يعني أنهم جميعاً يستحقون فئة الامتياز، وهناك موظفون لا حصر لهم لم يفهموا إلى اليوم ماذا تعني درجة الامتياز، فأداء المطلوب، حتى لو كان بدرجة عالية من الدقة، لا يعتبر امتيازاً، بل هو عمل يستحق عليه الموظف راتباً شهرياً، أما التميز في المبادرات دائماً، وتنفيذ أمور غير متوقعة، والعمل بشكل يزيد على المطلوب وفقا لمهام الوظيفة، ولمصلحة التطوير، هو ما يمكن اعتباره امتيازاً يستحق المكافأة والعلاوة الإضافية، وبالتالي ليس كل متفوق يعتبر ممتازاً.

ما يهمنا الآن هو كيفية تطوير نظام الموارد البشرية في إمارة دبي، بحيث تصبح العلاوات الدورية هي بالفعل نظاماً يمكن أن يحفز الموظفين بدلاً من أن يحبطهم، هذا هو التحدي الحقيقي.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر