رؤية

ثورات الشباب رسائل غنية

نجيب الشامسي

حملت ثورات الشباب في عدد من الدول العربية رسائل غنية، للدول الكبرى التي ظلت عقوداً من الزمن معتقدة أنها متمكنة ومتحكمة في إدارة دولنا العربية بوساطة أنظمة «فاسدة»، واعتقدت ومعها تلك الأنظمة، أنه من خلال إغراق الشعوب والمجتمعات في ثقافة الاستهلاك، وتغييب عقول الشباب، وإلهائها بثقافة ساذجة تصدرها من خلال أفلامها وأغنياتها، وفنونها وسلعها الفارغة، استطاعت أن تحقق أهدافها الاستراتيجية. كما كانت تلك الدول والأنظمة التي تدور في فلكها مخطئة، حينما اعتمدت على أساليب بالية، وعقليات ساذجة في إدارة شؤون البلاد والعباد!

ها هي ثورات الشباب تخترق العقول، وتدهش الدول والأنظمة، بما فيها الدول العظمى «المساندة»، ها هي الأرض التي اعتقدت تلك الأنظمة أنها باردة، وأنها أضحت وما تحتويه ملكية خالصة لها، تتفجر من تحت أقدامها وتزلزل أركانها، وتبخر أحلامها. وكانت صدمة الدول «المساندة» عنيفة وكبيرة، خصوصاً حينما عرفت أن أولئك الشباب العربي الذين ظنت أنهم غارقون في الأحلام والأوهام، بعد أن حاصرتهم بها من خلال أساليب رخيصة مثل إدمان المخدرات، وتعاطي الثقافات الاستهلاكية، ثم المشكلات المعيشية الصعبة. وإذ بهم يفجرون تلك الأحلام، ويحطمون كل القيود والأوهام، ويجيرون كل التقنيات الحديثة، ويوظفونها أسلحة فتاكة في وجه الأنظمة الفاسدة، ليميطوا اللثام عن شمس الحرية، ويرسموا بأقلامهم طريق التنمية والانعتاق من العبودية المقيتة، ويكسروا بإرادتهم جميع القيود بما فيها النفسية!

من الطبيعي في ظل هذا، أن تعترف وزيرة خارجية الولايات المتحدة، هيلاري كلينتون، بأن ما صنعه شباب مصر أعظم من أهرامات الجيزة! ليكون ذلك اعترافاً بإرادة شعوب أبية مفعمة بشباب تواق للحرية، وتسعى في زيارتها المكوكية إلى ترميم العلاقة مع دول الثورات الحديثة، ولكن هذه المرة من دون أن تراهن على عقول بالية مهترئة، وإنما مع شباب الثورة العربية الحديثة الذين سجلوا موقفاً عروبياً، ووجهوا صفعة قوية حينما رفضوا مقابلتها، إلا وفقاً لأجندتهم التي تراعي مصلحة أوطانهم، وتنميتها، وحرية الشعوب العربية.

إنها رسالة لأنظمة عربية لاتزال تحتقر الإنسان، وتدير الدول والشعوب بعقلية عقيمة، بضرورة العودة إلى الشارع الوطني العربي، واستلهام الحكمة والعظة، والعمل على ترجمة أفكار ورؤى حديثة تراعي فيها المصالح المشروعة، وتحقيق التنمية المنشودة قبل فوات الأوان!

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر