رؤية

طريق الحرير الجديد

نجيب الشامسي

إن رغبة الإمارات في تعزيز شراكاتها الاستراتيجية الاقتصادية مع مختلف دول العالم، والمنظمات، والتكتلات الدولية، ودخولها في مفاوضات لإبرام اتفاقات معها، لتحقيق اندماجها واستقرار نموها الاقتصاديين، وترجمة أهدافها التنموية؛ تستوجب الإمعان والتأكد جيداً من خطواتها واتصالاتها مع الدول والمنظمات التي تسعى إلى الارتباط بها استراتيجياً، ومراعاة تكافؤ الفرص، والأخذ في الاعتبار الاختلاف في مستوى التنمية الاقتصادية بينها وبين تلك الدول والمنظمات.

ولعل من أهم الدول الاستراتيجية التي يجب بناء استراتيجية اقتصادية وتجارية معها، جمهورية الصين الشعبية، التي يسجل اقتصادها نمواً سريعاً وقوياً، ويستند إلى قطاعات إنتاجية، استطاعت خلال سنوات قليلة أن تغرق العالم بصناعاتها ومنتجاتها.

وخلال القرن الجاري، فإن الاقتصاد الصيني مرشح لأن يكون الاقتصاد الأول، متفوقاً على الاقتصاد الأميركي، خصوصاً بعد أن أصبح الميزان التجاري بينهما يميل بحدة إلى مصلحة الصين.

وتعود العلاقة بين الصين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، بما فيها الإمارات، إلى أزمنة غابرة، حين تم فتح الطريق البحري المسمى بـ«طريق الحرير الثاني» الذي كان يشكل امتداداً اقتصادياً وثقافياً، على الرغم من التباين الأيديولوجي، والطبيعة العقائدية.

ومع محدودية التبادل التجاري في تلك الفترة، إلا أن المتغيرات والتحديات التي أفرزتها العقود الماضية تستوجب على الإمارات أن تبحث عن شراكة استراتيجية تمنح اقتصادنا استقراراً ونمواً وتنمية، وإذا كان نمو الاقتصاد الصيني يعتمد على نفط الخليج، ومنه نفط الإمارات، فإن الطلب الصيني على مصادر الطاقة في الإمارات ودول المجلس، سيسجل زيادة كبيرة، وبالتالي فإن الإمارات ستحصد إيرادات مالية كبيرة، بما تمتلكه من احتياطات من مصادر الطاقة (النفط والغاز).

وفي مجال الاستثمار، فإنه يمكن للشركات الصينية المتخصصة، الدخول إلى الإمارات من خلال قطاعات اقتصادية مختلفة، ومنها قطاع النفط، ومشروعات البنية التحتية، بما في ذلك إنتاج الكهرباء والماء، إضافة إلى الصرف الصحي، والخدمات الصحية والطبية، ثم النقل والسكك الحديدية، والاتصالات، والمشروعات الزراعية.

وهنا ستجد الشركات الصينية فرصة للدخول إلى اقتصاد الإمارات وأسواقها. وفي الوقت ذاته، يمكن للإمارات الاستفادة من الشركات الصينية المتخصصة ذات الامكانات والخبرات الفنية الواسعة.

ومن ناحية ثالثة، فإن الإمارات وبما تتمتع به سوقها من قوة شرائية، وما تتسم به من نزعة استهلاكية، يمكن أن تصبح سوقاً رائجة للبضائع والسلع الصينية، كما يمكن إنشاء شركات متخصصة برأسمال إماراتي، وخبرات فنية صينية، يتم تأسيسها في الصين لإنتاج سلع وبضائع، بما فيها سلع غذائية تكون مصممة ومخصصة للإمارات، ويراعى فيها مستوى الجودة والنوعية والسعر المناسب.

إن من شأن هذه العلاقة أن تفتح آفاقاً عريضة أمام الطرفين، وسيستفيد منها الشعبان، والاقتصادان، والسوقان الإماراتية والصينية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر