رؤية

السوق الخليجية واقتصادات المجلس

نجيب الشامسي

إن اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي المتسمة بالريعية، وضعف القاعدة الإنتاجية، وارتباطها باقتصادات الخارج، أكثر من اقتصادات الداخل، تواجه تحديات صعبة داخلية، وصدمات اقتصادات خارجية، ما يتطلب إعداداً جيداً، ومراجعة تصحيحية للأوضاع الاقتصادية، والعمل على تسريع العمل، نحو تحقيق اندماجات أكبر في الاقتصاد، وتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود، وفقاً لما نص عليه النظام الأساسي للمجلس، وترجمة فعلية لبنود الاتفاقية الاقتصادية، وقرارات المجلس الأعلى ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي.

ولعل أهم المشروعات التي جاءت في سياق التكامل الاقتصادي، الإعلان عن السوق الخليجية المشتركة، التي تمثل خطوة نوعية، وفرصة تاريخية أمام اقتصادات المنطقة، نحو تحقيق اندماجاتها وتوحيد سياساتها، وتعزيز حضورها، وترجمة أهدافها، لتكون أكثر قدرة على امتصاص آثار الصدمات، ومواجهة التحديات، وتجاوز العقبات، والتعاطي مع استحقاقات المرحلة المقبلة، بما في ذلك عولمة الاقتصادات، وعصر التكتلات الاقتصادية والتحالفات الاستراتيجية، وتمكنها من تسجيل حضورها في الخريطة الاقتصادية العالمية، ووجودها الفاعل والمؤثر في الساحة الاقتصادية الدولية.

إن السوق الخليجية المشتركة، إنما تمثل فرصة تاريخية تترجم قناعات أصحاب الجلالة والسموّ، قادة دول المجلس، في تحقيق تكامل اقتصادي استراتيجي يمهّد إلى وجود اتحاد اقتصادي، أو وحدة اقتصادية وتجارية، ثم اجتماعية وبشرية، نظراً لما تتضمنه بنود السوق الخليجية من أبعاد تحقق تطلعات القادة، وتترجم أحلام المواطنين في العمل، والتملك، والاستثمار، والانتقال من دون تمييز أو تفريق في ظل وجود مظلة للتأمينات الاجتماعية.

وهذه السوق أوجدت بيئة استثمارية محفزة ومشجعة لمؤسسات القطاع الخاص، كي تستفيد من هذا المزايا والتسهيلات والوفورات التي وفرتها، لتحقق أهدافها وتعزز مصالحها، كما أن القطاع الخاص مطالب بشكل جاد وفاعل بالقيام بدور إيجابي للإسهام في تحقيق إصلاحات نوعية في البنية الاقتصادية، وترجمة مشروعات التنمية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات القطاع الحكومي في كل دولة. كما يتطلب أن يعمل على تحقيق اندماجات بين وحداته ومؤسساته المتسمة بضعف القاعدة الإنتاجية، ومحدودية الخبرة الفنية ومحدودية الطاقات البشرية.

كما أن السوق الخليجية المشتركة التي أتاحت الفرصة كاملة أمام انسيابية رؤوس الأموال والاستثمارات الوطنية، وتفرع مؤسسات القطاع الخاص، وتحقيق الاندماجات، إنما تشكل فرصة تاريخية أمام القطاع الخاص لتعزيز قدراته الذاتية، وتوظيف إمكاناته، وتأكيد حضوره على الساحة الاقتصادية الخليجية، لا لكونه قطاعاً طفيلياً، وإنما شريك حقيقي في إحداث التنمية المنشودة.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر