رؤية

سياسة العقوبات الأميركية في المنطقة

نجيب الشامسي

هل يمكن للعقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي ضد إيران أن تحقق أهدافها في إرغام إيران على التراجع عن تنفيذ، أو الاستمرار في تنفيذ برنامجها النووي؟ وهل تلك العقوبات التي تم تصميمها في الولايات المتحدة هي حقيقية أم أن هناك حقائق خافية، وأن تلك العقوبات تندرج تحت صفقة كبرى بين الطرفين في ظل المصالح الاستراتيجية بين إيران والولايات المتحدة، خصوصاً مجموعة الاتحاد الأوروبي، والدول الصناعية الأخرى التي ترتبط بمصالح استراتيجية مع إيران، مهما تعالت أصوات الأبواق الإعلامية بين الطرفين؟ وهل نجحت العقوبات الاقتصادية التي فرضت على دول من قبل في كسر إرادة الشعوب؟

سعت الولايات المتحدة في إطار سياساتها التعسفية، وغطرستها غير المحدودة ضد دول وشعوب العالم الثالث، ومنها دول عربية وإسلامية، إلى فرض عقوبات اقتصادية على بعض الدول، وحصار اقتصادي، وتجميد أموال دول أخرى، أو منع مساعدات دولية لثالثة، وضرب المصالح الاستراتيجية لدول، بما في ذلك شن هجوم ضد مشروعات استراتيجية في دولة شقيقة مثل السودان، وتحطيم محاولات التنمية في دول شقيقة أخرى مثل العراق، وحصار اقتصادي ضد ليبيا، ولكن هل نجحت في مسعاها وسياساتها تلك؟

لم ولن تنجح الولايات المتحدة في كسر إرادة الشعوب، ربما هناك أنظمة تخشى الولايات المتحدة، وربما هناك أنظمة موالية للولايات المتحدة، وربما هناك أنظمة من صنيعة الولايات المتحدة، ولكنْ هناك شعوب رفضت من قبل كل أشكال الظلم والاستعباد، وحاربت من أجل الحرية والتنمية، ولاتزال مؤمنة بأن الليل لابد أن ينجلي.

وفيما فشلت كل أشكال العقوبات الاقتصادية، وحتى السياسية، ضد دولنا العربية والإسلامية، وزادت من إيمان وإصرار شعوبها على التنمية والتحرر، خصوصاً أن الميزان التجاري لبعض هذه الدول مثل سورية وإيران يميل لمصلحة هذه الدول، إضافة إلى أن الحصار الاقتصادي مثل الذي فرض على السودان جعل شعبها يتحرر من السلبية، وينوع اقتصاده، ليصبح السودان من الدول المنتجة والمصدرة للنفط والقمح، وهما سلعتان استراتيجيتان، إضافة إلى كثير من المحصولات الزراعية.

من هنا، يجب على الولايات المتحدة أن تراجع سياساتها تجاه دول العالم الثالث، خصوصاً دولنا العربية، بأن تؤكد معايير العدالة والصدقية في التعاطي مع قضايانا المصيرية في الدول العربية والإسلامية، وأن تدرك جيداً أن التخويف، والترهيب، والتجويع، والابتزاز، أسلوب فارغ وغير مجدٍ، ولا يحقق المصالح الأميركية بقدر ما يكون سبباً في تهديدها من الداخل والخارج.

كما يجب على الولايات المتحدة أن تتعاطى مع القضايا المصيرية العربية والإسلامية، بشكل يحقق تكافؤ الفرص، واحترام الحقوق الإنسانية لشعوبنا، وعليها أن تسهم في إرساء دعائم العدالة الاجتماعية، والديمقراطية، والعدل، والتنمية، والأمن، والسلام، والاستقرار، في المنطقة العربية والإسلامية، بدلاً من تصدير السلاح، والأزمات، والصدمات، التي لا تؤدي إلا إلى مزيد من الكوارث والصدمات للطرفين.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر