5 دقائق

تقدير ما نملك

علي آل سلوم

«لو كان العالم خاتماً لكان (هرمز) جوهرته» هذه الكلمات ترددت في وقت الرحالة ماركو بولو في القرن الـ13 الميلادي، عندما وصل الى هرمز بعد جولة طويلة من الصين مروراً بالهند حتى وصل الى «هرمز» وقرر اكتشافها، وهي تلك الجزر المجتمعة إضافة إلى منطقة جلفار وبقية المناطق ما بين شمال الإمارات وجنوب إيران وسلطنة عمان من الشرق.

عندما سمعت هذا المثل هاجت مشاعري لمعرفة أسباب اختيار ماركو لزيارة منطقتنا والعوامل التي دفعته إلى أن يقول ما قال، وسرعان ما تذكرت صوراً وقصصاً كثيرة منها الجميل ومنها المحزن، لكن أكثر ما يميزها أن أغلبها حمل طابعاً يبين جمالية المنطقة وخيرها الذي عم اتجاهاتها الأربعة، ومع استحضار تلك الصور، تذكرت عبارات لكبار السن، مثل «يا سلام على ايام قبل»، أو «الناس قبل غير»، أو «الحياة الاولية والبسيطة كانت أفضل»، أو «يا حلو ماي الطوي والحب»، أو «نبج قبل غير».. الخ من تلك الصور والكنايات التي تتغنى بخيرات الماضي.

إن تثمين وتقدير ما نملك من نعم الله تعالى أمر نعلمه، لكننا غالباً ما نتناساه ولا نمارسه يومياً، من دون إدراك لمدى أهميتها وحاجتنا اليها، وإن تمعّنا اكثر في صور التاريخ لباني حضارتنا أبينا المغفورله بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عندما كان يزور مختلف مناطق الدولة، خصوصاً مدينة العين وبالتحديد منطقة مبزرة بالقرب من جبل حفيت، والصور التاريخية التي وثقت بأن النقش في الحجر ليس بالمستحيل وأن تروي جبلاً ويصبح سجادة خضراء ايضاً ليس بالمستحيل، ولكن الاهم من ذلك كله هو تقديره، رحمه الله، لنعم الله في ارضنا، وبالرغم من تطور بلدنا الحبيب في وقت قياسي إلا ان اكثر الصور التي نتأثر بها جميعاً هي التي تبرز زايد الإنسان الذي اهتم بنعم الله تعالى، وحرص على تكريم هذه المخلوقات كاهتمامه بشعبه، وحبه واحترامه للصحراء، واهتمامه بطرق الصيد الأصيلة، تقدير الصقر، والجمل، الغافة والنخلة، تقدير الجبل وتحديه بإخراج المياه من باطنه، كل هذه الصور هي إثبات أن زايد كان يقدر طبيعة وتاريخ بلده، واجمل ما في هذه الصور أن زايد كان يرشدنا ويعلمنا ويقص اروع الامثلة، ما جعلنا وجعل غيرنا من خارج حدود الامارات يهتم بتراثها، بتاريخها، ببيئتها، بحضارتها ومقومات السياحة فيها. عندما يكون هناك تقدير لما حولك تبدأ بالافتخار به وتعليم الغير والتحدث عنه! وإظهار علامات الإعجاب به ويبدأ الآخرون أيضاً رؤية ما حولك بالعين نفسها، وتبدأ دائرة الإعجاب والتقدير والشغف بهذا الأمر في الاتساع، ومن هنا ينقل المرء شغفه وحبه وحكاياته عن المكان للآخرين، ويتحول تدريجياً إلى سفير لما يحب وما ينقل من ثقافة لمن حوله، متحولاً بذلك إلى مسؤول يتقد بروح مملوءة بحب المعرفة وتقدير المعلومة، والتميز بإيصالها ونشرها للمتلقي بالطريقة المثالية، أياً كانت جنسيته، وهو ما نطلق عليه في عالمنا الآن المرشد السياحي والثقافي، ومع صور زايد المفعمة بالارشاد الحكيم والحب ستستمر إن شاء الله هذه العجلة، عجلة المعرفة وتعريف الآخرين بما نفخر.. ورحمك الله يا زايد.

ali@ask-ali.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر