كل يوم

مرض غامض يُثير القلق

سامي الريامي

130 حالة سرطان، بمختلف أنواعه، تم اكتشافها في مستشفى «النور» منذ بداية العام الجاري، وبلغ عدد زيارات المرضى الذين يعانون أمراضاً سرطانية ويتلقون العلاج في وحدة الأورام في المستشفى ذاته خلال السنوات الثلاث الماضية 6750 زيارة، منها 222 حالة جديدة، لاحظوا أننا نتحدث عن مستشفى واحد، فكيف سيكون الوضع إن أحصينا عدد الحالات في المستشفيات الحكومية والخاصة الأخرى؟ وكم سيكون عدد مرضى السرطان إن شملنا أعداد المرضى الذين ابتعثتهم الدولة للعلاج في الخارج؟

لا يخفى على أحد انتشار هذا المرض المخيف في بلد صغير كالإمارات، ومن الملاحظ جداً أن هذا المرض أصبح أحد أسباب موت مواطني الإمارات بشكل خاص، والمقيمين في الدولة عموماً، ومن بين 10 متوفين نسمع على أقل تقدير أن ستة منهم قضوا بالسرطان.

في المقابل لا تألو الدولة جهدها لتوفير العلاج للمصابين بالمرض، وما أعرفه جيداً أن قرار ابتعاث مريض السرطان للعلاج في الخارج لا يحتاج أبداً إلى قرار من لجنة العلاج في الخارج، ويكفي أن يثبت المريض أنه مصاب بأي من أنواعه حتى تبدأ وزارة الصحة أو الهيئات المحلية بإجراءات إرساله إلى لندن أو ميونيخ أو سنغافورة بأسرع وقت، ومن دون «واسطة».

ولكن حجم مشكلة مرض السرطان وتأثيراته الاجتماعية كبيرة جداً، وكم سمعنا عن حالات من النساء تركن أطفالهن صغاراً، ورجال خسرتهم الدولة والمجتمع، وشباب أصيبوا بهذا المرض في مقتبل العمر، وكثيراً ما ترددت قصص كثيرة عن مفاجأة اكتشاف المرض لحالات لم تكن مصابة بأي سوء، لتكتشف أن المرض وصل إلى مراحل متأخرة ولم يترك لهم سوى أيام بسيطة في الدنيا يقضونها في الغالب كمداً وحزناً وانهياراً في حالة نفسية لا يمكن تخيلها.

لا يستطيع أحد تحديد أسباب محددة للمرض، ومازالت بعض أسباب انتشاره غامضة إلى الآن، وهناك كثير من الأشياء التي تسبب ظهوره لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن هذا لا يعني أن تتحرك الجهات المعنية الصحية والاجتماعية بأن تعمل بشكل مشترك لنشر أكبر قدر من المعلومات المتوافرة عن هذا المرض، وتنظيم حملات مستمرة للتوعية والتثقيف به، تماماً كما يحدث الآن في حالة سرطان الثدي، فالجهود واضحة والحملات لا شك أنها أتت بنتائج إيجابية، وإقناع النساء بالفحص المبكر نتج عنه لجوء 69٪ من النساء إلى إجراء الفحوص، بعد أن كانت النسبة في السابق لا تتجاوز 12٪، وهذا بالتالي أدى إلى اكتشاف كثير من الحالات في وقت مناسب، وكانت نتيجة ذلك شفاء 94٪ من الحالات التي تم اكتشاف المرض فيها في مرحلته الأولى.

ولكن ماذا عن الأنواع الأخرى؟ إلى الآن هناك نقص في المجهودات المبذولة خصوصاً في مجال التوعية والوقاية والتحذيرات، من أنواع السرطانات الأخرى.

مرض غامض ومخيف، ومع ذلك لا نملك إلى اليوم أي معلومات حقيقية عن كيفية التعامل معه، ولا أدري إن كان هذا الغموض عالمياً بسبب خطورة المرض وخبثه، أم أن هناك نقصاً في التوعية وتوفير المعلومة داخلياً.

على كل حال، لابد من خطوات عملية، وخطة واضحة لمكافحة السرطان وبشكل مكثف، لابد من طريقة أخرى للتعامل معه غير طريقتنا الحالية، لأنه بصراحة بدأ ينشر الرعب والقلق.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه 

تويتر