كل يوم

هل النفي «حقيقي»؟

سامي الريامي

نتمنى طبعاً، أن يكون نفي شركة «أدنوك للتوزيع» لخبر الزيادة الجديدة في أسعار البنزين، حقيقياً، وليس مجرد بيان لتهدئة الرأي العام، خصوصاً أن خبر الزيادة جاء نقلاً عن وكالة أنباء عالمية معروف عنها صدقيتها، فلم نعتد أبداً أن تكون «رويترز» مفبركة لأخبار من هذا النوع، والخبر أيضاً تابعته صحف محلية للتأكد منه، وهي تقريباً شبه متأكدة من قرب إقرار الزيادة الجديدة.

ومع ذلك، نتمنى بالفعل أن يكون النفي هذه المرة صحيحاً، وأن تكون «رويترز» مخطئة، وألا يكون النفي هذه المرة شبيهاً بالنفي الشديد الذي أصرّت عليه الشركات قبل سنوات قليلة ماضية، ثم ما لبثت أن رفعت الأسعار مرتين متتاليتين.

وسواء كانت هناك زيادة جديدة قريبة، أو أن ذلك مجرد نقاش لفرضها على مدى أبعد، فإن المسألة لن تتسبب في مشكلة أبداً لو أن الأمر سيقتصر على زيادة 20 فلساً في سعر ليتر البنزين، لا مشكلة حقيقية في ذلك، حتى وإن كانت هذه الزيادة هي الثالثة من نوعها، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في تبعات هذه الزيادة التي تراها شركات توزيع الوقود بسيطة، ويراها المجتمع بداية لفتح أبواب الغلاء في القطاعات الأخرى كافة المرتبطة وغير المرتبطة بالبنزين!

ربما، وأقول هنا ربما، رغم شكوكي وشكوك معظم الناس، تكون ادعاءات شركات توزيع الوقود ومبرراتها للزيادات السعرية المتتالية صحيحة، لكن ما يجب أن يضعه الجميع في الحسبان أن تقليل خسائر تلك الشركات بالاعتماد على فعل واحد هو زيادة أسعار البنزين، لن يحل مشكلة تلك الشركات، ولن يجعلها تصل إلى درجة الربحية، في الوقت الذي ستتفاقم فيه مشكلات مجتمع بأسره.

شركات توزيع الوقود ترى أنها ستستطيع تقليص حجم خسائرها بنسب تصل إلى 35٪ من خلال الزيادة السعرية الجديدة المقبلة، إن كانت تنوي إقرارها، لكن هل يستطيع أحد حساب تكلفة ذلك على المجتمع، وهل هناك من يستطيع التنبؤ بنسبة الزيادة المتوقعة في أسعار كل شيء في البلد بدءاً من الإبرة وحتى السيارة!

لن يعترض أحد أبداً، لو كانت لدينا سيطرة على الأسواق، وعلى التجار، ولن يثير خبر زيادة أسعار البنزين أحداً، لو أن المسألة ستقتصر على البنزين، لكن الجميع يعرف أن السوق حرة، والأسعار لا رقابة عليها، وهي بعيدة عن التنظيم والتقييد، وفقاً للأنظمة المعمول بها، ومن حق أي تاجر رفع أسعار بضاعته كما يشاء، ومتى شاء، وتحت مختلف الذرائع، فالبقدونس مرشح للارتفاع، ولم يكتفِ التجار ببيع الكيلوغرام منه بـ40 درهماً، والخس كذلك ومعه الخيار والكوسا، وكيلوغرام الكباب والكفتة، ومعه «الشعري» و«الصافي» وجميع أفراد العائلة السمكية، ليس ذلك فقط بل أسعار الشحن والمواصلات، وسيارات الأجرة، والأسمنت والحديد ومواد البناء الأخرى، وكل شيء، وربما حتى أسعار الدراجات الهوائية، ورواتب الخدم في المنازل، اللذان لا تربطهما علاقة بالبنزين إطلاقاً!

ارتفاعات البنزين السابقة، والارتفاعات المقبلة، ستظل لغزاً غير مفهوم، والحديث عن استمرارية شركات التوزيع المحلية في تكبد خسائر مالية متتالية، لأنها تشتري الوقود بالسعر العالمي، أيضاً غير مفهوم، وما لا نستطيع فهمه أيضاً أن تستمر هذه الشركات في عملها وهي تحقق خسائر ضخمة منذ أكثر من خمس سنوات، فما الذي يجبرها على ذلك!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر