رؤية

إشكالات البحث العلمي في الإمارات

نجيب الشامسي

إذا كانت دولة الإمارات تطمح إلى تحقيق التقدم والازدهار والتنمية الشاملة، ولاسيما التنمية الاقتصادية، وإذا كان مختلف المؤسسات العلمية والاقتصادية يعمل على تحقيق تنمية في اقتصاد المعرفة استناداً إلى وثيقة استراتيجية الحكومة للأعوام 2011 ـ ،2013 التي اشتملت على سبع أولويات من ضمنها استراتيجية «اقتصاد المعرفة التنافسي»، فإن ذلك يستوجب إعادة النظر في واقع البحث العلمي في الدولة، الذي يعاني احتضاراً حقيقياً سواء في الجامعات الحكومية والخاصة، أو المؤسسات المعنية بالبحث، ومنها مراكز البحوث والدراسات، فهناك إشكالات حقيقية جعلت البحث العلمي يعاني حالة الاحتضار هذه.

وقد يعزى ذلك إلى ضعف القناعات لدى المعنيين والمسؤولين بأهمية البحث العلمي، وإلى غياب التأسيس العلمي الصحيح لأهمية البحث العلمي في مدارسنا وجامعاتنا، ثم إلى غياب التمويل اللازم للبحث العلمي الذي يحتاج إلى الدعمين المالي والمعنوي للباحثين، وكذا يحتاج إلى دعم سياسة ابتعاث أبناء الدولة الذين يبدون استعداداً جيداً للحصول على شهادات عليا في جامعات عريقة في الخارج، وابتعاث أساتذة الجامعة وعلى مختلف تخصصاتهم في بعثات علمية ودورات دراسية تؤهلهم للتفاعل مع مختلف قضايا مجتمعهم، وبالقناعة بأهمية البحث العلمي من أجل تحقيق نهضة تنموية في مختلف المجالات والمسارات.

وعلى الرغم من التوسع في عدد الجامعات، وتزايد أعداد أساتذة الجامعات من المواطنين والأجانب، فمن المحزن أن نلحظ غياباً واضحاً للبحث العلمي، فلا دراسات أو منشورات أو مجلات علمية تصدر، ولا وجود لمبتكرين أو مبدعين متميزين من أبناء الدولة إلا فيما ندر.

وعلى الرغم من وجود هيئة وطنية للبحث العلمي تم تأسيسها عام ،2008 فإن ساحتنا العلمية المحلية تعاني فقراً في البحث العلمي، كما أن القطاع الخاص الذي يجدر به أن يكون شريكاً في التنمية ومهتماً بأن تشهد الدولة تطويراً ونهضة، يقف موقفاً سلبياً، يلعب فيه دور المتفرج، من دعم مشروعات البحث العلمي في الإمارات، إذ لا يدعم مؤسسات التعليم، ولا يمول مشروعات البحث العلمي.

إن الدولة بمؤسساتها العلمية والعملية وبقطاعيها العام والخاص، وبدوائرها المحلية والاتحادية مطالبة بالاهتمام بالبحث العلمي من خلال منهجية دقيقة، مع ضرورة تخصيص اعتمادات مالية ضمن موازناتها لدعم وتمويل مشروعات البحث العلمي، وذلك في إطار بناء مستقبلها وتحقيق استقرارها، وتنويع قاعدة اقتصادها، وتبنيها نموذجاً قائماً على اقتصاد المعرفة، ومواجهة التحديات المستقبلية بالمزيد من العلم والعلماء والمبدعين والمبتكرين من أبناء الدولة، وتحقيق تنمية شاملة قائمة على أسس البحث العلمي والوعي الذي يفضي إلى التخلص من آثار التخلف واللحاق بركب التطور والازدهار.

alshami.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر