‏‏

‏أقول لكم‏

محمد يوسف

‏«انفرطت السبحة» وتناثرت «هيبة» الكبار في عالم السيارات، عيوب تلو عيوب، وسحب «موديلات» وفئات من الأسواق، وبيانات وتوضيحات لتبرير الجشع التجاري، وحياة الناس أصبحت محل أخذ ورد، رغم أنهم «أي الناس» وثقوا بتلك الأسماء الكبيرة، ووضعوا سلامتهم وأمنهم في يد المصنعين الموثوق بهم.

إحدى الوكالات أصدرت بياناً «تعلن فيه عن سحب أو استدعاء بعض أنواع من سياراتها»، وقررت في الوقت نفسه «تعليق» بيع تلك الأنواع، ومع ذلك رفضت أن تقول إن الإجراءات المتخذة سببها «عيوب تصنيعية» في أنظمة التحكم المرتبطة بثبات السيارة أثناء الانعطاف، وبحثت في قاموس اللغة العربية فوجدت كلمة ظريفة أسعدت إدارتها بلا شك فوضعتها عنواناً لبيانها وقراراتها، فقد أسمتها «ملاحظات»، والفرق شاسع بين الملاحظة والخطأ أو العيب التصنيعي، والسيارة التي لا تثبت عند الانعطاف تتدهور وتقتل من فيها وتعرض حياة مستخدمي الطريق للخطر، والملاحظة لا تفعل ذلك، لأنها مجرد ملاحظة، قد تكون خادعة وقد تكون عابرة، وقد تكون نتيجة جهل من لاحظها، ولو كانت كذلك ما أوقفت الشركة الأم بيع «الموديلات» المذكورة، وما اضطر رئيس مجلس إدارة الشركة «سليل العائلة المالكة للعلامة التجارية» أن يذهب إلى «الكونغرس» الأميركي ويعتذر عن العيوب التي اكتشفت وأخفيت!

كل عمل البشر معرض للخطأ، والعيوب تظهر في أي منتج صناعي، ولكن «عيب» التلفزيون أو جهاز التسجيل أو الثلاجة ليس مثل «عيب» السيارة، والشجاعة هي أن يعترف المخطئ بخطئه ويتدارك أضراره، أما أن نستخدم كلمات مثل «وجود ملاحظات» أو «قررت الشركة تعليق البيع»، بدلاً من «اكتشاف أخطاء في أنظمة الثبات عند الانعطاف»، أو «قررت الشركة وقف بيع هذا النوع من السيارات حتى إصلاح تلك الأنظمة»، فهذا يعني أن هناك محاولة لإيهام الناس بأن المسألة خاضعة للاجتهادات، وهذا خطأ يضاف إلى الخطأ الأصيل.‏

myousef_1@yahoo.com

 

تويتر