ماذا ينقصنا؟!

سامي الريامي

بمجرد دخولنا القاعة الرئيسة المستضيفة أعمال قمة مجلس التعاون الثلاثين، في قصر بيان في العاصمة الكويتية، بدأت المصافحات بحرارة والتقبيل والأحضان، بين رؤساء تحرير صحف الإمارات المرافقين لرئيس الدولة ورؤساء تحرير الصحف الخليجية، فالعلاقات بيننا وثيقة جداً، واللقاءات مستمرة منذ سنوات طويلة، والزيارات المتبادلة لا تنقطع، وهناك ودّ واحترام وتعاون ومحبة، حقيقةً، فذاك الزدجالي من عُمان، وهناك الحرمي من قطر، وتركي السديري من السعودية، يتعانقون مع ظاعن شاهين ومحمد يوسف من الإمارات، لم يكن ذلك مجاملة أو تمثيلاً، إنما محبة حقيقية تشكلت منذ إنشاء اتحاد الصحافة الخليجية الذي يعد من ثمار مجلس التعاون الخليجي.

وما حدث بين رؤساء التحرير ما هو إلا صورة مصغرة مما يحدث يومياً بين شعوب دول المجلس الست، فالشعوب منصهرة في ما بينها بشكل وطيد. هناك ترابط اجتماعي وأسري، وهناك علاقات اجتماعية وثيقة، وهناك أنساب وزوجات وأزواج وخالات وأعمام وإخوان يعيشون بين دولتين مختلفتين، وأكثر أحياناً، من دول المجلس، بل يكاد يكون من النادر جداً أن تجد أسرة إماراتية لا تربطها علاقة بأسرة قطرية أو عمانية، والعكس حتماً صحيح، وهكذا الحال بين جميع شعوب هذه المنطقة.. دخل القادة في منظر مهيب متراصّين متوادّين تعلو وجوههم الابتسامات وملامح التفاؤل، وهو المشهد نفسه الذي انسحب على الوزراء الذين سبقوهم إلى الجلوس في القاعة. سلامات متبادلة وأحضان وتقبيل ودفء المشاعر وتجدد اللقاء واضحة على الجميع.

هذا المشهد العام لقاعة صغيرة ضمت القادة وأصحاب القرار في دول الخليج العربية الست، مع تلك التلاوة العطرة جداً والصوت المميز الجميل للشيخ العفاسي وهو يقرأ {واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً}، جعلتني أشرد بذهني، وربما شرد غيري أيضاً، للتفكير في الوضع العام لدول مجلس التعاون، فنحن لم نكن في يوم من الأيام أعداء، ولن نكون، وإن كانت هناك خلافات قديمة متجددة، لكننا لسنا أعداء أبداً، الشعوب يحب بعضها بعضاً، وكذلك القادة، كما كان واضحاً، فما الذي يعيقنا، وما الذي يحد من انصهارنا، وما الذي يقيدنا عن المضي في خطوات تعاونية واسعة وملموسة؟ القلوب غير مؤلف بينها، ربما كان ذلك صحيحاً، لكن قلوب «إخوانا» الأوروبيين أعضاء الاتحاد الأوروبي أكثر جفاء بين بعضها بعضاً، وكانت بينهم حروب ودماء، لكنهم مع ذلك، تركوا ذلك جانباً وأنجزوا، وهم يسيرون الآن في خطوات مذهلة في التعاون.. لا يمكن لأي منا إلا أن يقف احتراماً لقادة الـ28 دولة أعضاء الاتحاد الأوروبي كلما مر على مركز حدودي «مهجور» بين الدول الأعضاء، كان في يوم من الأيام رمزاً للفرقة، وأصبح اليوم رمزاً للتعاون والتقدم والتطور الفكري والعملي.

ما الذي ينقصنا لنصل إلى ذلك المستوى، لماذا تلك الخلافات التي ترجعنا إلى الخلف سنوات طويلة، مع أن جميع الظروف الداخلية والخارجية تدفعنا نحو مزيد من الانصهار والتعاون الجدي لا الشكلي؟ لا أدري، ربما نلمس التعاون في السنوات المقبلة، خصوصاً مع مشروع الربط الكهربائي والسكة الحديد الخليجية. نتمنى ذلك، فنحن أنهينا بالأمس الدورة الثلاثين للمجلس الأعلى لدول المجلس، ونريد بالفعل أن نلمس ثمار هذه الاجتماعات الدورية تنعكس على حياتنا البسيطة.

 

reyami@emaratalyoum.com

تويتر