اختلال قائمة اليونسكو

علي العامري

على الرغم من أهمية الحفاظ على التراث المادي والمعنوي للبشرية، فإن هناك ملاحظات على تسجيل مواقع تاريخية وأثرية، وكذلك تسجيل مأثورات تتعلق بالتراث غير المادي في قائمة التراث الإنساني في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «يونسكو». إذ إنه وعلى الرغم من كون هذه المنظمة دولية، وتمتد مهامها على كامل الكوكب، فإن هناك خللاً واضحاً في تسجيل المواقع والمأثورات في قائمتها.

المديرة الجديدة للمنظمة، إيرينا بوكوفا، التي تتسلم عملها في أكتوبر الجاري بعد تصديق الدول الأعضاء، يفترض أن تتنبه إلى الوضع الجائر، إذا أرادت، وأن تصحح المسار الحالي، الذي وقعت نتيجته دول عدة ضحية الظلم، ولم تأخذ حقها في تسجيل جزء من تراثها المادي والمعنوي في القائمة، في حين منحت بعض الدول «الحق» لتسجيل مواقع عدة.

هذا الخلل أو الانحياز أو الظلم، تحدث عنه مدير اليونسكو كويشيرو ماتسورا، الذي سيترك مقعده لبوكوفا، إذ أشار إلى «خطورة الابتعاد عن التوازن بين المناطق المختلفة في العالم، والتي تتقدم بقوائمها الخاصة لحماية التراث»، إذ يؤكد عدم وجود توازن جغرافي في تسجيل التراث المادي والمعنوي للشعوب، وهناك من يهيمن على «قائمة اليونسكو»، إذ إن عدداً محدوداً من الدول حصلت على نسبة كبيرة تصل إلى 44٪ من العناصر المدرجة في القائمة، في حين لم تتمكن أو لم يتم إتاحة المجال أمام دول أخرى، فحصلت على حصة ضئيلة بلغت 4٪ فقط. وهكذا تغيب العدالة، لتبقى الفنون الشعبية لكثير من تلك الدول ومأثوراتها ومواقعها التاريخية والأثرية نهب الغبار والتجاهل.

وعلى الرغم من ترشيح الإمارات لثلاثة فنون تراثية للقائمة، فإنها لم تسجل حتى الآن، وتم «ترحيل» الملفات الثلاثة لـ«الصقارة» و«العيالة» و«الأهالا» إلى المناقشة في العام المقبل. لكن اللجنة الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو اعتمدت في اجتماعاتها في أبوظبي، منذ أيام، 76 عنصراً قدمتها 34 دولة لإدراجها في القائمة التمثيلية للتراث المعنوي للبشرية، من بينها 22 للصين، و13 لليابان، و7 لكرواتيا. ولم تضم القائمة أي دولة عربية، على الرغم من ثرائها التراثي.

وعلى الرغم من فرادة الفنون الثلاثة التي رشحتها الإمارات، لم يحظ واحد منها، حتى الآن، بالاعتماد من اليونسكو، ليتم تأجيل مناقشة ملفات هذه الفنون، فهل كانت هذه الملفات ناقصة، أم أن هناك معايير «حولاء» أبعدت التراث غير المادي للدول العربية عن القائمة، حتى اللحظة.

لقد أبدت الإمارات تعاوناً كبيراً مع اليونسكو، من خلال هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وجائزة الشارقة للثقافة العربية، وعقد مؤتمرات في أبوظبي، ونشر كتب اليونسكو بعد ترجمتها. كما تبرعت الإمارات بمليوني دولار لدعم مشروعات الحفاظ على التراث في اليونسكو. وبشهادة ماتسورا، «لم تكتف الإمارات وهيئاتها الحكومية بحمايتها للأشكال المختلفة للتراث، لكنها بذلت أيضاً كل الجهود في مجال رعاية الأشكال الحية للثقافة بتعابيرها المختلفة».

وبعد كل ذلك، بقي الوضع على ما هو عليه، كما أوضحه مدير اليونسكو نفسه، بأن هناك اختلالاً في التمثيل الجغرافي في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي. فهل نعوّل على المديرة الجديدة لليونسكو في «تصحيح» الوضع المائل.

ali.alameri@emaratalyoum.com

تويتر