2018 يجسِّد المكانة الاستثنائية والفريدة للشيخ زايد لدى كل إماراتي

«عام زايد» يبدأ اليوم بقيم تلم الأجيال وتقود مسيرة الإنجازات

صورة

ينطلق اليوم أول أيام «عام زايد» في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالقائد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، بمناسبة مرور 100 سنة على ميلاده.

أوسمة وشهادات

منح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الإمارات سمعة إنسانية يتحدث عنها العالم كله، إذ تجاوز حجم المساعدات التي قدمتها الإمارات 98 مليار درهم حتى أواخر عام 2000.

ونال الشيخ زايد الكثير من الأوسمة والشهادات تقديراً لدوره السياسي والإنساني على الساحة الدولية، ففي عام 1985 نال الوثيقة الذهبية من المنظمة الدولية للأجانب، ومقرها جنيف، تقديراً لجهوده الإنسانية ورعايته للجاليات العاملة في الدولة.

وفي عام 1988 اختارته هيئة دولية تتخذ من باريس مقراً كأبرز شخصية سياسية للعام، لدوره في وقف الحرب العراقية - الإيرانية.

وفي استطلاع أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية في جدة عام 1995، وشارك فيه أكثر من نصف مليون عربي، فاز الشيخ زايد بلقب الشخصية الإنمائية على مستوى العالم.

جاء إعلان سموه متزامناً مع ذكرى يوم جلوس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، في السادس من أغسطس 1966 عندما تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي.

وأكد صاحب السمو رئيس الدولة، أن اختيار 2018 ليكون (عام زايد) يجسِّد المكانة الاستثنائية والفريدة التي يمثلها الشيخ زايد لدى كل إماراتي، فهو القائد المؤسِّس لدولة الاتحاد، وواضع أسس النهضة العصرية التي تشهدها الدولة على المستويات كافَّة، وهو رمز الحكمة والخير والعطاء.

كما أكد سموه أن «سيرة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيَّب الله ثراه - ستظل حية في وجدان الشعب الإماراتي والشعوب العربية والإسلامية، بل العالم أجمع، لأن أياديه البيضاء امتدت لتغيث الملهوفين، وتعين الضعفاء، وتسعف المحتاجين، وتضمِّد جراح المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها، من دون تمييز على أساس دين أو عرق أو لون. وتواصلت مشروعات الخير والنماء التي تندرج تحت ذكراه الطيبة في كثير من المجتمعات والدول، وقد كان إعلان 2017 عاماً للخير امتداداً لنهج زايد الخير، الذي علَّمنا تقديم الخير إلى الجميع بلا مقابل، وبذل العطاء بلا حدود».

ولا يمثل «عام زايد» انقطاعاً مع «عام الخير»، الذي أعلنه صاحب السمو رئيس الدولة العام الماضي، بل هو امتداد له، واستمرار لقيمه، وتأكيد على حيوية معانيه التي تمثل بدورها جزءاً من الإرث الحي الذي خلفه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

لقد وضع «زايد الخير» أساساً قوياً للدولة، على المستوى الداخلي، فأنشأ إمارات الخير، التي يشهد الجميع، القريب والبعيد، بأن لها أيادي بيضاء في كل الاتجاهات. كما حرص على أن يكون الإنسان الإماراتي محور المشروعات وهدف الجهود والبرامج، وغاية الخطط والاستراتيجيات.

ويأتي «عام زايد» ليلقي مزيداً من الضوء على القيم النبيلة السامية المملوءة بالحكمة والاحترام والعزيمة والإرادة والوفاء والانتماء للوطن والاستعداد للتضحية من أجله بكل غالٍ ونفيس، التي تحلى بها الراحل الكبير وأورثها لشعبه من بعده جيلا بعد جيل، وكان لها أثرها في توحد البيت الإماراتي ومنعته في مواجهة التحديات والمخاطر.

ويعرف الراحل الكبير بأنه رمز للحكمة والخير والعطاء في الإمارات والمنطقة والعالم، فيما لاتزال مبادراته شاهدة على استثنائيته بوصفه قائداً عصرياً يحظى بتقدير جميع شعوب ودول المنطقة والعالم، وأحد أعظم الشخصيات القيادية وأكثرها إلهاماً في صبره وحكمته ورؤيته.

ومثلت مبادئ وقيم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - ولاتزال وستبقى - الأسس التي قام عليها اتحاد دولة الإمارات، بينما تشكل تجربته التنموية مصدر إلهام لدول العالم، وتجد اعتزازاً محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً.

وشهد عام 1968 على أولى خطوات الشيخ زايد بمعية أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، التي غيرت وجه التاريخ بالمنطقة، ثم توجت بإعلان قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وانتخاب الشيخ زايد بإجماع حكام الإمارات رئيساً للدولة، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً له.

وبدأ الشيخ زايد في تطوير الاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة، وحرص على تعزيز المشاركة الشعبية الواسعة في التنمية الشاملة بجميع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث حظي المجلس الوطني الاتحادي ــ إحدى السلطات الدستورية الخمس ــ منذ عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير 1972 باهتمام ودعم لا محدود من قبله تجسيداً لنهج الشورى، وبلورة لقناعته بأهمية مشاركة المواطنين في قيادة العمل الوطني وتحمل مسؤولياتهم.

وأولى الشيخ زايد اهتماماً كبيراً لرعاية الشباب انطلاقاً من إيمانه بأنهم عماد التنمية والتقدم في أي مجتمع، وأن نهضة الأمم في الاستثمار والارتقاء بقدراتهم وتوظيفها بشكل فاعل في تقدمها ونهضتها.

وحرص على دعوة الشباب باستمرار إلى التسلّح بالعلم والالتحاق بمختلف ميادين العمل باعتبار أن العمل شرف وواجب.. كما جعل من تمكينهم العنوان الجامع لكل المبادرات التي تطلقها وتنتهجها الدولة في رحلتها للعبور إلى المستقبل.

وتصدر النهوض بالمرأة الإماراتية سلم أولويات العمل الحكومي في فكر الشيخ زايد، انطلاقاً من رؤية ثاقبة حددها منذ قيام اتحاد الإمارات بقوله: «إن المرأة نصف المجتمع وهي ربة البيت ولا ينبغي لدولة تبني نفسها أن تُبقي المرأة غارقة في ظلام الجهل أسيرة لأغلال القهر».

ومنذ ذلك الحين، بدأت المرأة الإماراتية تنهض بمسؤوليتها الكاملة، إلى جانب الرجل، في مختلف مجالات العمل من خلال إسهامها النشط في التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على قاعدة المساواة والتكافؤ في الحقوق والواجبات، وفي إطار من الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والشريعة الإسلامية السمحاء والعادات والتقاليد المتوارثة.

وحظيت الخدمات الصحية باهتمام كبير من القائد المؤسس، إذ وجه منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم بضرورة توفير خدمات صحية شاملة لأبناء الوطن، انطلاقاً من اهتمامه بالإنسان السليم المعافى، لأنه الثروة الحقيقية للوطن.

وحرص على تسخير كل الإمكانات لدعم الخدمات الصحية بكل أنواعها الوقائية والتشخيصية والعلاجية حتى لا يضطر أي مواطن للسفر إلى الخارج بحثاً عن العلاج، وقد نجحت جهوده في بناء شبكة متطورة من المستشفيات الحديثة والمراكز الصحية النموذجية وفق معايير عالمية للمواطنين والمقيمين على أرض الوطن.

وفي مجال التعليم، وضع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على رأس أولوياته تأسيس دولة حضارية قائمة على العلم والمعرفة، وأدرك منذ إعلان الاتحاد أن العلم والعمل هما الطريق نحو رفعة الأمة وتقدمها وبناء الإنسان، لإيمانه بأن الشباب هم ثروة الأمم الحقيقية فسارع إلى إعطاء الأوامر السامية ببناء المدارس ومراكز التعليم في مختلف مناطق الدولة، وزرع في الأجيال الجديدة حب العلم والمعرفة.

وشهدت الدولة توسعاً في أعداد الجامعات وأنواعها داخل الدولة ولم يقتصر التحاق الطلبة المواطنين بالتعليم العالي على داخل الدولة، بل أتيحت لهم الفرص كاملة ليلتحقوا بالتعليم الذي يرغبون فيه خارج الدولة.

وكثف الشيخ زايد جهود البناء بعد قيام الاتحاد ورفع من وتيرة العمل في سائر المشروعات الحيوية والمهمة. وقد نجح في توظيف عائدات النفط لبناء اقتصاد قوي ومتماسك، ما وضع دولة الإمارات في مصاف الدول المتطورة اقتصادياً في المنطقة.

وشهدت الدولة نهضة صناعية كبيرة فأقيمت المناطق الصناعية والمؤسسات المشرفة على إدارة الشؤون الصناعية بالدولة، واستثمرت مبالغ كبيرة في عملية النهوض بالصناعة الوطنية لتأمين مصادر بديلة للدخل، وقد بلغ عدد المنشآت الصناعية في الدولة عام 2003 نحو 2795 شركة ومصنعاً.

كما شهدت أعمال البنية التحتية نهضة حقيقية شقت خلالها الطرقات وشيدت الجسور، لتصل أواصر البلاد ويبلع إجمالي طول شبكة الطرقات في الدولة اليوم إلى ما يناهز الـ7000 كيلومتر من الطرق السريعة المعبدة.

وبفضل الرؤية الثاقبة للمغفور له الشيخ زايد تحتل دولة الإمارات اليوم المركز الثاني بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية من حيث حجم الاقتصاد، والمركز الثالث في منطقة الشرق الأوسط ككل.

ولم تعرف البشرية في تاريخها نصيراً للبيئة ومدافعاً عنها كما عرفت الشيخ زايد «طيب الله ثراه»، الذي آمن بضرورة تحقيق التوازن بين التنمية والبيئة، والحفاظ على حق الأجيال المتعاقبة في التمتع بالحياة في بيئة نظيفة وصحية وآمنة.

وحققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي، أثمر عن إقامة شراكات استراتيجية سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية وعلمية وتربوية وصحية مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز المكانة المرموقة التي تتبوأها في المجتمع الدولي.

وتشهد الشعوب في مختلف الأقطار العربية والإسلامية للشيخ زايد «طيب الله ثراه»، بأن اهتمامه بتأمين الرفاهية لشعبه لم يشغله أبداً عن أمته العربية والاهتمام بأمورها وقضاياها، فقد كان من أكثر الداعمين للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولا ينسى إحدى المبادرات الخاصة التي قام بها في إعادة بناء مخيم جنين، الذي دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي على نفقته الخاصة.

كما اهتم بمساعدة دول مثل لبنان من خلال مبادرته بنزع الألغام التي خلفها الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وعلى نفقته الخاصة، وكذلك اهتم بأن تقوم الإمارات بدور فاعل في عملية إعادة بناء لبنان بعد الحرب، فقدمت الدولة المساعدات المالية والهبات والقروض للمشروعات الحيوية والتنموية.

وكما في لبنان، كان الأمر في اليمن والصومال وجيبوتي والعراق وغيرها من الدول العربية التي وقفت الإمارات إلى جانبها في أوقات المحن والشدائد.

وامتلك الشيخ زايد قلباً عامراً بالعطاء للجميع، فلم تقف مواقفه الإنسانية أمام الحدود المحلية بل تجاوزتها إلى بقاع الأرض كافة، ولم يكن طيب الله ثراه يوماً رجل أقوال ولكنه رجل فعل وعمل، فكانت أياديه تمتد في صمت لتبني مدرسة أو مسجداً أو مستشفى أو مدينة أو تمسح دمعة أو تطعم جائعاً، وذلك من خلال أبنائه ومؤسساته الخيرية التي أنشأها.

تويتر