المستشار الأسري

■ يحرجني ابني ببعض السلوكيات الخاطئة أمام أهلي، وكلما حاولت أن أنهره أو أعالج الموقف يزداد الأمر سوءاً، فكيف أتصرف معه؟

يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري:

■■ كل مرحلة من مراحل أبنائنا تتخللها سلوكيات جديدة، منها ما هو طبيعي، متعلق بالطفولة والبراءة، وبعضها له مقاصد إيجابية، منها الإثارة، ولفت الانتباه، وإظهار الشخصية الحقيقية، وإثبات الذات، وإبداء الرأي، والتدرب على الحوار وفن الإقناع. وهي مقاصد رائعة، وإن كان السلوك الذي يقوم به الطفل غير خاضع للتوجيهات الأدبية، أو العادات التربوية.

إن أي تصرف خاطئ من منظورنا التربوي هو فرصة لمعرفة هذه المقاصد، وتحليلها، وإيجاد الحل المناسب لها وفقاً للمرحلة العمرية. لكن علينا أولاً أن نبدأ بتصنيف المشكلة، وتحديد حجمها.

أما السلوكيات الغريبة أو الخاطئة، فتظهر من خلال الأساليب الغريبة أو الخاطئة في التربية. إن ما يظهر على الأبناء من إيجابيات أو سلبيات هو نتيجة لطرائق التربية الخاطئة أو الصائبة. وأهم الأسباب وراء ذلك، عدم إعطاء الطفل قدراً كافياً من حرية الحركة واللعب والتعبير، وكثرة المنع والتوجيه، أو الإفراط في المراقبة والحماية، أو الاعتماد الكلي على الأم، أو التوسع في العطاء وتلبية الرغبات بلا حد ولا ضابط.

هناك أسباب أخرى، منها قصر الاهتمام على المولود الجديد في العائلة، وعدم التوازن أو العدل في الحنان والرعاية. لكن الأخطر هو محاولة تسكيت الحالة بتلبية رغبات الابن، فهذه الطريقة هي بداية المشكلة.

ويجب ألا ننسى الأسباب الخارجية، ومنها تقليد الآخرين، خصوصاً الأطفال في المراحل العمرية المتقاربة، حيث الانسجام في اللعب والهوايات. ما يقوم به الطفل من تصرفات غريبة في السنوات الأولى من عمره مؤشر على وجود مشكلة ما، أو حالة سيكولوجية مرحلية، وما يبدر عنه من تصرفات هو فرص تعليمية، أو خبرات أولية، تمثل رصيده في الأرشفة الذاتية التربوية.

الأبناء في كثير من الحالات هم أساتذة الحياة، منهم نتعلم الحلم والصبر والحكمة، ونكتسب من خلال سلوكياتهم الخاطئة مهارات رائعة في التربية. هم من يعلموننا أساليب التربية، ويبصروننا بمواطن ضعفنا، ونحن نكتشف من خلالهم مواطن القوة في شخصياتنا. الأبناء نعمة تحتاج إلى الحمد والشكر عندما ننظر إليهم من خلال هذه النافذة الإيجابية.

إذا جاءك رجل يشتكي من مشكلة نفسية ظاهرة في ابنه، ويعاني منها، فقل له: ابنك دكتور في الجامعة جاء يعلمك مهارات جديدة في التربية والاحتواء. نحن نتعلم من خلال مشكلاتنا ومشكلات أبنائنا أكثر مما نتعلمه من خلال الساعات التي نقضيها في الجامعات والكليات، فالحياة بحد ذاتها مدرسة سلوكية تربوية رائعة، وما نحن فيه من المعاناة ما هو إلا اختبار يؤهلنا لمستقبل مشرق.

تويتر