سياسيون يتوقعون مواجهة عسكرية في المنطقة قبل نهاية العام

قرقاش: الإمارات لـن تبقى مكتوفة اليدين أمام ظهور «حزب الله» جديد في اليمن

صورة

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، أن «دولة الإمارات لن تقف مكتوفة اليدين في ظل التهديدات التي تمثلها إيران على استقرار المنطقة».

وأضاف: «لا يمكننا أن نبقى بلا حراك في ظل بوادر ظهور (حزب الله) جديد في اليمن، متمثل في ميليشيات الحوثي، التي استغلت بعض الموانئ لتسلم الأسلحة المهربة من طهران».

وقال قرقاش، أمس، في كلمته الافتتاحية لملتقى أبوظبي الاستراتيجي الرابع، الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات، إن «اليوم بات أكثر أملاً من الأمس بشأن السذاجة التي كانت تحيط البعض حول دور إيران في المنطقة، وذلك بعد أن بدأت تتلاشى»، محدداً ورقة عمل من خمسة مبادئ أساسية، قال إنها تسهم في تمكين الدول العربية المعتدلة من تبني أجندة مشتركة تحقق التقدم، تتضمن «عدم التسامح مطلقاً مع الإرهاب وداعميه، والعمل المشترك لمواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، وتبني الحلول السياسية للنزاعات في المنطقة».

نموذج يحمل الأمل

أكدت رئيس مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة ابتسام الكتبي أن «دولة الإمارات تسعى إلى تقديم نموذج يحمل الأمل لشعوب المنطقة، ويَعدها بالاستقرار والنماء والتقدم والسعادة، ويقودها إلى المستقبل بآفاقه الرحبة، كما عبرت عنه خطة مئوية الإمارات 2071»، معتبرة أن «جهود المملكة العربية السعودية، للتحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تمثل إسهاماً مهماً في رسم مستقبل أفضل للمنطقة وتوفير حياة كريمة لشعوبها».

الدكتور أنور قرقاش:

استراتيجية الإمارات تتمثل في أن تبقى السعودية ومصر آمنتين وقويتين ومستقرتين، ما ينعكس آثاره على المنطقة برمتها.

التطورات الإقليمية الراهنة تفتح الطريق أمام فرص تحقيق تقدم في اليمن وسورية وليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلة.

5 مبادئ أساسية

وضع وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، ورقة عمل من خمسة مبادئ أساسية، لتمكين الدول العربية

المعتدلة من تبني أجندة مشتركة تحقق التقدم، هي:

• عدم التسامح مطلقاً مع الإرهاب وداعميه.

• العمل المشترك لمواجهة التدخلات الخارجية في الشؤون العربية.

• تعزيز التعاون بين الدول العربية ذات السيادة.

• تبني الحلول السياسية للنزاعات في المنطقة.

• تحسين الأوضاع الاقتصادية والسياسية عن طريق الحوكمة

الرشيدة، وتحقيق التطوير الاقتصادي.

وتوقّع مشاركون في أولى جلسات الملتقى، «تزايد احتمالية حدوث مواجهة عسكرية في المنطقة قبل نهاية العام الجاري».

وقالوا إن هناك آثاراً إيجابية خلفتها أزمات المنطقة، يتمثل أبرزها في ظهور المحور الإماراتي- السعودي كقوة دبلوماسية واقتصادية وعسكرية موحدة، وعدم اعتماد دول الخليج على حليف استراتيجي واحد، ممثل في واشنطن.

وتفصيلاً، انطلقت أمس في أبوظبي، فعاليات «ملتقى أبوظبي الاستراتيجي الرابع»، الذي ينظمه مركز الإمارات للسياسات، بالتعاون مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، والشراكة مع «مجلس الأطلسي» بالولايات المتحدة ومركز جنيف للسياسات الأمنية في سويسرا.

ويهدف الملتقى، الذي تتواصل أعماله اليوم بمشاركة أكثر من 100 شخصية من كبار السياسيين والدبلوماسيين والخبراء والمفكرين والمختصين بالعلاقات الدولية والدراسات المستقبلية، إلى بحث الموضوعات الاستراتيجية المهمة للإمارات ومجلس التعاون الخليجي، بما يسهم في امتلاك الدولة رؤية خاصة تجاه النظامين الدولي والإقليمي، والاستمرار في محاولة استشراف خريطة تحولات القوة وتوزيعها في النظام الدولي وانعكاسها على الإمارات.

ويتضمن الملتقى هذا العام لأول مرة، تقديم نموذج للتحليلات والتوقعات الجيواستراتيجية، وتحليل المخاطر السياسية والاقتصادية، يتبناه المركز ويوظفه في أعماله وتوصياته، تحت عنوان «تفكيك شيفرة المستقبل».

وفي بداية أعمال الملتقى، الذي يحضره أكثر من 500 مشارك من الدولة ودول الخليج والمنطقة العربية والعالم، قالت رئيس المركز، الدكتورة ابتسام الكتبي، إن «الإمارات تعمل جاهدة من أجل تكريس الاستقرار في المنطقة العربية، خصوصاً في ظل الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط حالياً، مثل الأزمة الدبلوماسية ما بين قطر والدول الأربع المقاطعة لها (الإمارات والسعودية والبحرين ومصر)، ودور إيران التخريبي في النزاعات في اليمن وسورية والعراق، إلى جانب دورها التخريبي في لبنان، من خلال دعمها دويلة حزب الله، وإضعاف مؤسسات الدولة اللبنانية عبر الاستقواء بميليشيا الحزب وسلاحه».

وأشارت إلى استمرار «حالة السيولة وعدم الوضوح واللا يقين» في النظامين الدولي والإقليمي، وفق ما توقعته خُلاصات النسخة الثالثة من الملتقى، الذي عقد في نوفمبر 2016، مؤكدة أن بنية النظام الدولي لم تتغير، إذ لاتزال الولايات المتحدة القوة الأولى العظمى، فيما تسعى دول العالم جاهدة إلى فهم توجهات السياسة الأميركية ومحاولة التكيف معها.

وسلطت الضوء على «الاضطراب والتناقض» بين مؤسسات الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والأزمات التي عصفت بأوروبا، مثل قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، واستفتاء استقلال إقليم كاتالونيا في إسبانيا.

وقالت الكتبي: «مازالت المنطقة العربية تعاني تداعيات الربيع العربي، وتعيش حالة من النار واللهب، فالحرب مشتعلة في اليمن وسورية، وحالة التصارع والانقسام قائمة حتى اللحظة في ليبيا، وفي الوقت الذي بدا فيه أن العراق على طريق دحر تنظيم داعش، إذا بقضية استقلال كردستان تنفجر في وجهه»، مشددة على أن ذلك يحدث «في ظل مواصلة إيران سياساتها الهادفة إلى الهيمنة على الإقليم وتقويض الدولة الوطنية العربية، من خلال دعم الميليشيات المسلحة وتكريس الخطاب الطائفي».

وأكدت الكتبي أن الملتقى يسعى إلى مقاربة مختلف التحولات الإقليمية والدولية بأدوات التفكيك والتحليل الجيواستراتيجي، مضيفة أن «الجلسات ستتناول قضايا أمن الخليج وسيناريوهاته، وكيفية انعكاس أزمات إيران الداخلية على سياساتها الإقليمية، والدور التركي بين الإحياء والانكماش، والمستقبَلات المحتملة للدول العربية التي تشهد حروباً طاحنة وصراعات داخلية، واضطرابَ السياسات الأميركية في الخليج، إضافة إلى مقاربة واقع القوة الحقيقية لروسيا في النظام الدولي، ومسارات صعود القوى الآسيوية إلى مكانة قيادية في النظام الدولي، إلى جانب مناقشة إشكالات التطرف والإرهاب ومستقبل الإسلام السياسي، والنموذج الإماراتي في القوة الناعمة».

وفي الكلمة الرئيسة للملتقى، أفاد الدكتور أنور قرقاش، بأن «المنطقة العربية تواجه تحديات هائلة»، مشدداً على أنها «باتت بحاجة إلى أن تركز طاقاتها على توحيد الآراء بشأن أجندة أزماتها».

وقال قرقاش إن «اليوم بات أكثر أملاً من أمس بشأن السذاجة التي كانت تحيط البعض حول دور إيران في المنطقة، وذلك بعد أن بدأت تتلاشى، ليفهم الجميع أن طهران كانت تعتبر الاتفاق النووي خضوعاً من الغرب لها ولسياساتها، وأن الدور الإيراني يزداد سوءاً في دعم التوتر الطائفي ودعم الحرب بالوكالة في عدد من الدول».

وأضاف: «شاهدنا صواريخ إيران تنطلق نحو العاصمة السعودية عن طريق ميليشيات الحوثي الإرهابية، وهذا تطور وتصعيد خطيران، ومن جانبنا فإن الإمارات لن تقف بلا حراك أمام تصاعد حدة هذه التهديدات، إذ إنها تدعم النهج الذي يسلكه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تجاه إيران، وليس لدينا أدنى شك في أن المجتمع الدولي سيدرك مخاطر إيران وسلوكها الإرهابي التوسعي».

وأشار إلى أن تنامي الوعي الدولي بوجوب مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، الذي يتزامن مع التراجع الكبير للجماعات المتطرفة بعد هزيمة «داعش» في الموصل والرقة، وتراجع القاعدة في اليمن، إضافة إلى تجفيف الدعم القطري في مساندة الإرهاب، كلها عوامل ستساعد في تحسين فرص الوصول إلى حلول سياسية للصراعات في سورية وليبيا واليمن.

وأكد قرقاش أن «التكتل الإسلامي المعتدل في المنطقة بات أكثر قوة مقابل الوهن والضعف الذي أصاب الإرهاب ورعاته ومموليه»، معرباً عن اعتقاده بأن «التطورات الإقليمية الراهنة تفتح الطريق أمام فرص تحقيق تقدم في اليمن وسورية وليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلة».

وأفاد بأن دولة الإمارات ستبقى ملتزمة بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية في اليمن، قائلاً: «لا يمكننا أن نبقى بلا حراك في ظل بوادر ظهور (حزب الله) جديد في اليمن، متمثل في ميليشيات الحوثي، التي استغلت بعض الموانئ في تسلم الأسلحة المهربة من طهران».

وتحدث قرقاش عن الأوضاع الراهنة في ليبيا وسورية والأراضي الفلسطينية، مشدداً على أن «الإمارات تدعم خارطة الطريق التي وضعها المبعوث الأممي بشأن ليبيا للتقريب بين الفرقاء الليبيين، وتعتبر تشكيل حكومة الوحدة في غزة أمراً يعكس تقليص النفوذ الخارجي، بينما ترى أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة السورية».

وأكد أن «الإمارات لديها رؤية واضحة واستراتيجية صادقة، تتمثل في أن تبقى السعودية ومصر آمنتين وقويتين ومستقرتين، ما ينعكس آثاره على المنطقة برمتها».

وشهدت الجلسة الأولى للملتقى، التي حملت عنوان «أمن الخليج سيناريوهات وقضايا»، نقاشاً حول دور مجلس التعاون الخليجي ومستقبله في ظل الأزمات التي تواجهها المنطقة، ولاسيما الأزمة القطرية.

وقال رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية في الكويت، عبدالله بشارة، إن «الأزمة في قطر أصابت مجلس التعاون بالشلل، كما أن العقيدة الأمنية والعسكرية للدول الأعضاء في المجلس غير موحدة»، مؤكداً حاجة مجلس التعاون إلى تغيير ميثاقه.

وتوقع الباحث في شؤون الخليج، الدكتور عبدالخالق عبدالله «تزايد احتمالية حدوث مواجهة عسكرية في المنطقة خلال العام الجاري». لكنه قال: «على الرغم من كل الآثار السلبية التي خلفتها الأزمات في المنطقة، إلا أن هناك آثاراً إيجابية تتمثل في بروز المحور الإماراتي - السعودي كقوة دبلوماسية واقتصادية وعسكرية موحدة. كما أن دول الخليج لم تعد تعتمد على حليف استراتيجي واحد، ممثل في واشنطن، بل باتت تسعى لتنويع شركائها الاستراتيجيين».

وأكد الأكاديمي والباحث السياسي عايد المناع، أن قطر تروج للديمقراطية ولا تطبقها، فيما قال المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، إن «ارتباط مفهوم الأمن لدول الخليج بالجانب العسكري فقط، الذي يعتمد كثيراً على الخارج، يمثل مشكلة، حيث تسعى القوى الغربية لتحقيق مصالحها ضمن هذا المفهوم على حساب دول المنطقة وأمنها، بينما تتمثل المشكلة الأخرى في عدم توحيد مفهوم الأمن لكل دول مجلس التعاون الخليجي».

تويتر