يقضي بقصر تصدير الأسماك وتحديد نسبها على الجمعيات

صيادون وتجار أسماك: «مقترح الرحومي».. حل لمشكلة غير موجودة

صورة

أعرب صيادون مواطنون عن استغرابهم من مقترح عضو المجلس الوطني الاتحادي، حمد الرحومي، الذي يقضي بتولية جمعيات الصيادين في الدولة مهام تصدير الأسماك، وتحديد النسب المسموح بها وفقاً لحجم المعروض في كل موسم، بدلاً من ترك ذلك للتجار والصيادين، كما هو الوضع حالياً.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن المقترح سيضر بمصالحهم، في حال تطبيقه، موضحين أنه «يوحي بأن هناك مشكلة، وأنه يمثل حلاً لها، وهو أمر غير صحيح، خصوصاً أن وزارة التغير المناخي هي من يتولى الإشراف على هذه المهام حالياً».

وأكدت الوزارة، بدورها، أن اللوائح تلزم المصدرين باستيفاء اشتراطات محددة لحفظ ونقل الأسماك، تشمل التقيد بالمواسم والكميات المحددة، وعدم تأجير رخصة التصدير، أو إساءة استخدامها، أو إعارتها. وأضافت أن سلطات الحجر البيطري تتولى التثبت من الكميات والأنواع المعدة للتصدير، والتأكد من مطابقتها القرارات الصادرة في هذا الشأن، لافتة إلى حرصها على تنظيم هذه المهام، حفاظاً على الموارد البحرية ولدعم الصيادين.

من جهتها، قالت جمعية دبي التعاونية لصيادي الأسماك، إن هناك صعوبات عدة تحول دون تولي الجمعيات مسؤولية تصدير الأسماك، أولاها رصد ميزانية ضخمة لذلك، مشيرة إلى ضرورة وجود دعم حكومي لشراء مستلزمات التصدير، من شاحنات وأنظمة تبريد ومستودعات مجهزة، وغيرها.

قانون شامل

أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة، أن تحديد نسب الأسماك التي تصدر تحظى باهتمام ومتابعة عالية، لكونها عاملاً مشتركاً في أمرين مهمين، الأول تأثيرها المباشر في المخزون السمكي في الدولة. والثاني كونها قناة أخرى للصيادين وأصحاب مزارع الاستزراع السمكي لزيادة أرباحهم، وخلق أسواق إضافية لتسويق منتجاتهم.

وقال مدير إدارة الثروة السمكية في الوزارة، صلاح الريسي، إن الوزارة حرصت على وضع قوانين تنظم عمليات تصدير الأسماك، لذا نصت أحكام القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2016 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (23) لسنة 1999 بشأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية وتعديلاته على إجراءات تصدير الثروة المائية الحية التي تصاد في مياه الصيد إلى خارج الدولة. كما حددت الفئات المسموح لها بالتصدير وهي الجمعيات التعاونية لصيادي الأسماك، والصيادون المواطنون الذين يملكون قوارب صيد، والذين يعتمدون على مهنة الصيد مصدر رزق أساسياً لهم، والأشخاص والشركات والهيئات التي تزاول أعمال الزراعة السمكية بالنسبة للأسماك المستخرجة من المزارع السمكية.

وأضاف الريسي: «حددت اللوائح التنفيذية لأحكام القانون موسم تصدير الأسماك المحلية وبعض الأنواع المسموح بتصديرها، كأسماك التبان والقرفا والصدى والضلع والقباب والدردمان، واقتصرت الفترة على مدة ستة أشهر تبدأ من نوفمبر من كل عام حتى نهاية أبريل من العام الذي يليه، واستثنى القانون من ذلك الأسماك المملحة والمجففة».

وأشار الريسي إلى أن اللوائح المنظمة ألزمت المصدرين باستيفاء اشتراطات الأسس الصحية اللازمة لحفظ الأسماك ونقلها، فضلاً عن التقيد بالمواسم والكميات المحددة وعدم تأجير رخصة التصدير للغير أو إساءة استخدامها أو إعارتها للغير لأي غرض كان، على أن تقوم سلطات الحجر البيطري بالتثبت من الكميات والأنواع المعدة للتصدير ومطابقتها للقرارات الصادرة في هذا الشأن. ويأتي التنظيم في إطار الحفاظ على مواردنا البحرية، ودعم الاستهلاك المحلي وإتاحة الفرصة للصيادين المواطنين للاستفادة من تسويق بعض الأنواع التي تورد بكميات أكبر ولها إقبال ثانوي من المستهلك المحلي.

وكان الرحومي طرح المقترح في إحدى جلسات المجلس، قائلاً إن هدفه هو منع التلاعب الذي يفرضه دلالون على الأسواق، موضحاً أن القانون يتيح للصيادين تصدير الأسماك، إلا أن نسبة كبيرة من هؤلاء يوجههم دلالون من الجنسيات الآسيوية موجودون في أسواق السمك، ويسيطرون ضمنياً على تحديد الأسعار.

وتفصيلاً، قال تاجر الأسماك والصياد جمال الشامسي، إن «فكرة تولي جمعيات الصيادين مهام التصدير أثبتت فشلها سابقاً، إذ حاولت جمعية صيادي دبي قبل سنوات القيام بهذا الأمر، واشترت شاحنات عدة، وبدأت في تسويق كميات من الأسماك الموجودة في السوق، إلا أنها أوقفت هذا النشاط بعد أشهر قليلة، وباعت سياراتها، وتخلت عن الأمر بالكامل».

وأشار إلى أن «تولي الجمعيات هذه المهام يحتاج إلى تجهيزات عدة، يستغرق توفيرها فترة طويلة. كما أنه يستدعي وجود ميزانية ضخمة لشراء شاحنات نقل الأسماك، وتوقيع اتفاقات مع الدول المستوردة، وهي أمور متوافرة لدى التجار الحاليين فعلاً».

وأضاف: «من غير المنطقي تطبيق مقترح يقوم على تسليم التجار الحاليين لمصدر رزقهم بالكامل، إلى جهة أخرى، وبقائهم دون عمل، حتى إن اقتصر المقترح على تولي الجمعيات مهمة الإشراف على التصدير وتحديد نسبه، فحالياً تتولى وزارة التغير المناخي والبيئة هذا الأمر بالكامل، فلا حاجة له، خصوصاً أن الإجراءات القانونية من تراخيص وشهادات اعتماد، التي يحتاجها كل من مصدر وتاجر الأسماك، تصدر جميعها عن الوزارة، لذا فلا داعي لتقسيم المهام».

المهمة الأولى

وقال تاجر الأسماك والصياد، محمد المرزوقي، إن الأساس المبني عليه المقترح، الذي يرى أن نسبة كبيرة من الدلالين باتت تتحكم في عمليات تصدير الأسماك، هو أمر غير موجود على أرض الواقع، فالنسبة العظمى من عمليات التصدير يقوم بها تجار يمتلكون الأدوات اللازمة للقيام بهذا الأمر، من شاحنات ومستودعات، ولديهم اتفاقات مبرمة مع جهات في دول عدة، والنسبة القليلة المتبقية يتولاها صيادون، إلا أن أعدادهم آخذة في التناقص والتراجع، كون أعداد الصيادين المواطنين آخذة في التراجع من الأساس، ومن الصعب أن يقوم الدلال بعمليات التصدير لعدم امتلاكه أدواتها.

وأوضح أن «المهمة الأولى لجمعيات الصيادين هي تذليل العقبات والتحديات التي يواجهها الصيادون، وليس تولي مهمة تعد مصدر رزق فئة أخرى من مواطني الدولة، يقومون بها بالشكل اللازم. وبالنسبة لفكرة تحديد نسب التصدير للحفاظ على حجم المعروض ومستوى الأسعار، فالمسؤولية الإشرافية تتولاها وزارة التغير المناخي فعلياً».

وأكد الصياد محمد عبدالله، أن القانون الذي أعطى الحق للصيادين بتصدير الأسماك، راعى خلق مصدر ربح جديد لهم. وفكرة قصر التصدير على الجمعيات سيغلق هذا الباب أمام الصيادين، ما يهدد بعزوف وهجرة المواطنين للمهنة.

وأضاف: «خلال السنوات الماضية تمكنا من بناء علاقات جيدة مع مستوردين وشركات عدة في الدول المجاورة، ما سهل التصدير لها، وخلق عامل جذب جديداً لاستمرار مزاولة الصيد، ومن الصعب أن نتخلى عن هذه العلاقات والشبكة التي استطعنا بناءها لمصلحة جهات أخرى. كما أن جزئية اشراف الجمعيات على التصدير لضبط احتياجات السوق المحلية، غير مقنعة، فمن الطبيعي إذا لاحظ أي صياد وجود طلب في السوق المحلية على الأسماك أن يقلل نسب التصدير التي يقوم بها، والعكس».

دلالون آسيويون

قال حمد الرحومي، الذي طرح المقترح، إن الهدف الرئيس منه هو منع تحكم الدلالين بالأسواق، خصوصاً في عمليات التصدير، موضحاً أن القانون يتيح للصياد تصدير الأسماك، لكن نسبة كبيرة من الصيادين يتلاعب بهم ويوجههم دلالون آسيويون.

وأضاف أن «التوجيه الذي يمارسه دلالون يؤثر بشكل كبير في مصالح المستهلك والصياد، فبسببه تتوافر كميات كبيرة من الأسماك في بعض الأوقات فينخفض السعر بشكل كبير، بما يؤثر سلباً في تحقيق الصياد أرباحاً تساعده على الاستمرار في مهنته وتحمل كلفة عمليات الصيد، وفي أوقات أخرى ترتفع الأسعار بسبب تصدير كميات كبيرة، ما يؤثر في مصلحة المستهلك. لذا لابد من تولي جمعيات الصيادين مهمة التصدير والإشراف على النسب المخصصة له من إجمالي كميات الأسماك التي يتم صيدها، لخلق توازن بين مصلحة المستهلك والصياد معاً». وأشار الرحومي إلى أن الجمعيات هي الجهة القادرة على إجراء دراسات واقعية للسوق وتحديد طبيعة احتياجاتها، ونسب الأسماك التي يجب أن تتوافر فيها، والنسب الأخرى التي يمكن تصديرها، كونها تعمل لمصلحة السوق بشكل عام، فيما يبحث الأفراد بشكل دائم عن مكاسب شخصية سواء كانوا صيادين أو تجاراً.

ولفت إلى أن وزارة التغير المناخي والبيئة أبدت تفهماً جيداً للمقترح في النقاشات الأولية معها.

جمعية الصيادين

أفادت جمعية دبي التعاونية لصيادي الأسماك بأن تولي الجمعيات مسؤولية تصدير الأسماك، أمر معقد جداً، ويحتاج لترتيبات عدة، فبداية لابد من رصد ميزانية ضخمة لهذه الجمعيات، لشراء مستلزمات عمليات التصدير من شاحنات، وأنظمة تبريد ومستودعات مجهزة.

وقال رئيس الجمعية، اللواء محمد المري، إن توفير الميزانية صعب إلا عبر الدعم الحكومي.

وأضاف أن تطبيق المقترح سيتطلب دعماً كبيراً من غرف التجارة والصناعة على مستوى الدولة، لمساعدة الجمعيات في التعرف إلى الأسواق الأخرى، وفهم طبيعة احتياجاتها من الأسماك، وبدء تنظيم جولات تسويقية لعقد اتفاقات تصدير، الأمر الذي سيطغى على الدور الذي تتولاه الجمعيات حالياً، ويستحوذ على طبيعة عمل تجار مواطنين موجودين فعلاً.

وأوضح أن القانون أعطى حق الاتجار في الأسماك، وتصديرها، للجمعيات والصيادين، إضافة إلى أن الشركات، والجمعيات تركز بشكل أكبر على دراسة أوضاع الصيادين ومساعدتهم، وتترك الأمور التجارية لهم، كونها مصدر رزقهم.

تويتر