واحدة من أهم إنجازات الملك عبدالعزيز

ثقة «المؤسس» تمنح «أرامكو» الفرصة التاريخية والريادة العالمية

صورة

«أرامكو».. الاسم التاريخي الذي يحظى اليوم بمكانة مرموقة في خريطة العالم، والشركة النفطية الكبرى التي نشأت في المنطقة الشرقية قبل 84 عاماً، أي في عام 1933، بعد أن نالت عناية فائقة في بدايتها، منحها إياها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، الذي ذلل كل العقبات التي كانت ستواجه الشركة للتنقيب عن الزيت، لتصبح «أرامكو» اليوم قصة تاريخية فريدة من نوعها في مجال التنقيب والتطوير والتعاون بين الحكومة والصناعة، بل باتت تراثاً من الوفاء بفضل جهود مشتركة بين قائد يؤسس نهضة تاريخية لبلاده، وصنّاع قرار من الموظفين عملوا؛ لتغيير مسار عالم بأكمله من خلال النفط.

البداية

جاءت انطلاقة البحث عن النفط في السعودية، عندما منح الملك عبدالعزيز في عام 1922 أول امتياز للتنقيب عن النفط في البلاد، إلى النقابة الشرقية الإنجليزية «ذا إيستيرن آند جينيرال».

جاءت انطلاقة البحث عن النفط في السعودية عندما منح الملك عبدالعزيز في عام 1922 أول امتياز للتنقيب عن النفط في البلاد إلى النقابة الشرقية الإنجليزية «ذا إيستيرن آند جينيرال»؛ ليمر بعد ذلك التنقيب بمراحل عدة، مثل عدم مقدرة مدير النقابة الشرقية، النيوزيلندي هولمز علي إيجاد شركة نفط ترغب في اكتشاف النفط وتطوير آباره في منطقة الامتيازات الصحراوية، وإزاء فشل تلك المحاولات اتخذت نقابة الشرقية قراراً مفصلياً بالتنقيب عن مكان النفط في منطقة امتيازاتها بنفسها، فأرسلت بعض الجيولوجيين البلجيكيين في عام 1923؛ لمسح المنطقة والبحث عن مكان النفط تحت رمال منطقة الأحساء الجرداء، ولكن النقابة بعد دفعها إيجار عقد الامتياز عن عام 1924، ما لبثت أن تخلت عن دفع الإيجار السنوي المتفق عليه 1925، واعتبر هذا إخلالاً بشروط اتفاقية الامتياز، وهو ما حدا بالملك عبدالعزيز إلى إنهاء عقد الامتياز في عام 1948؛ لتفقد النقابة الشرقية أحد أكبر حقول النفط وأغناها في العالم.

منح «أرامكو» حق التنقيب

شهد عام 1932 اكتشاف النفط في أرض البحرين بعد أن قامت شركة «بابكو» بأعمال التنقيب، ونجحت في الاكتشاف في الأول من يونيو من العام ذاته، ومن المفارقات أنه من حسن حظ ممثل نقابة الشرقية سابقاً، النيوزيلندي هلومز أنه حظي بثقة «بابكو» التي عينته ممثلاً محلياً لها في البحرين وبات يُكنى «أبوالنفط».

وحيث أن ساحل البحرين قريب جداً من شرقي السعودية، لدرجة أن رؤيته ممكنة بالعين المجردة، صار وجود «النفط» في شرق السعودية أمراً وارداً، ولذلك طلبت شركة ستاندرد أوف أويل كاليفورنيا، المعروفة اختصاراً بـ«سوكال» من هولمز «أبوالنفط» مساعدتها في تسهيل زيارة مندوبيها إلى منطقة الأحساء، وترتيب لقاء مع ممثل الملك عبدالعزيز، إلا أن هولمز ماطل كثيراً، وفُسر موقفه بعد ذلك بأنه لا يرغب في ترتيب اللقاء؛ لتقوم «سوكال» بقطع علاقاتها معه، ومن ثم تلجأ إلى جون فيليبي الذي خدم في وزارة المستعمرات البريطانية، وأقام في جدة، وكان مقرباً من الملك عبدالعزيز، واعتنق الإسلام حينها حتى أصبح وكيلاً لسيارات «فورد» في جدة.

قدم فيليبي للملك عبدالعزيز رجل الأعمال الأميركي كرين، ومن خلال الأخير تلاحقت عمليات التنقيب عن النفط، وبدأت رحلة المفاوضات مع شركة ستاندرد أوف أويل كاليفورنيا «سوكال»، بعد أن قدمت عرضها إلى جانب شركات عدة من ضمنها شركة بريطانية.

المفاوضات والتوقيع

استمرت المفاوضات أكثر من ثلاثة أشهر متواصلة بعد دراسة السعودية مختلف العروض، وقدمت الردود عليها بعناية تامة، خصوصاً بعد وضوح موقف الشركة البريطانية، ورفضها دفع المبالغ المالية التي أصر عليها الجانب السعودي حداً أدنى نظير منح الامتيازات، علاوة على عدم ارتياح الملك عبدالعزيز للنفوذ الإنجليزي السياسي القوي في منطقة الخليج، إضافة إلى فشلها في استثمار التنقيب في الأحساء، لذا رجح الملك عبدالعزيز حق الامتياز للشركة الأميركية «سوكال»، خصوصاً أنها وافقت على دفع مبلغ أكبر.

وبعد التوصل إلى صياغة مسودة اتفاق مبدئية تم في قصر «خزام» في مدينة جدة في الـ29 من مايو 1933 التوقيع على منح حق الامتياز لمدة 60 عاماً لشركة ستاندرد أوف أويل كاليفورنيا «سوكال» وصدر المرسوم الملكي رقم 1135، وتم نشر الاتفاق في الصحيفة الرسمية آنذاك «أم القرى». وفي الـ31 من مايو 1939 وجه الملك عبدالعزيز بالموافقة على توقيع اتفاق إلحاقي تضمن توسيع المنطقة الممنوحة للشركة، وإعطاءها امتياز التنقيب عن الزيت.

أفضل عرض

يروي رئيس مجلس الإدارة، كبير المديرين التنفيذيين المتقاعد في شركة أرامكو فرانك جنكرز، أنه حصل على أفضل عرض وظيفي في حياته من خلال شرطة أرامكو 1947، ويتحدث عن تسهيلات كبيرة لتوفير بيئة عمل مميزة؛ لإنجاح المشروع التاريخي حينها، ويؤكد أن السعوديين يبحثون دائماً عن التعلم ولديهم قوة ذكاء عالية. في البداية لم تكن الشركة شيئاً محسوساً لدى السعوديين، ولكن بعد التطوير الملحوظ اختلف كل شيء، الملك عبدالعزيز كان لديه نظام حازم وقوي، يستقبل كل مواطن يود ملاقاته، ويعقد صباح كل خميس مجلساً مفتوحاً، ويسأل عن كل جديد ويحقق في التراجع، ويكافئ على التفوق، لذلك نجحت «أرامكو»، وباتت كياناً عالمياً غنياً.

تويتر