«البيئة» تدعم الصيادين المواطنين للحفاظ على المهنة

صيادون آسيويون يستنزفـون الثروة السمكية برُخَص مواطنين

صورة

في الوقت الذي تبذل فيه وزارة التغير المناخي والبيئة، والجهات المعنية جهوداً كبيرة من أجل حماية المخزون السمكي، والحفاظ على توازن البيئة البحرية، أفسح صيادون مواطنون في إمارة الشارقة المجال أمام آسيويين لمزاولة المهنة بطريقة غير رسمية، عبر التنازل وبيع رخص الصيد الخاصة بهم إلى مواطنين غير مقيدين في سجل مزاولي حرفة الصيد في وزارة التغير المناخي والبيئة، الذين يتولون تأجير الرخص وقوارب الصيد إلى آسيويين مقابل حصولهم على 50% من حصيلة الصيد اليومية من الأسماك.

وقال صيادون مواطنون إن قيمة التنازل أو بيع رخص صيد الأسماك تبلغ نحو 60 ألف درهم، لافتين إلى أن عملية بيع الرخص فتحت المجال أمام آسيويين إلى احتراف مهنة الصيد الجائر، الأمر الذي يؤثر في المخزون السمكي للأجيال المقبلة، موضحين أن صيادين آسيويين لا يبالون بالطرق القانونية للصيد، بل يكون هدفهم الأول والأخير تحقيق أكبر قدر من الربح، لذا يرتكبون تجاوزات عدة، أهمها الصيد الجائر، واستخدام أساليب صيد محظورة قانونية، ما ينتج عنه قلة بعض أنواع الأسماك المستوطنة، وعزوف صيادين مواطنين عن مزاولة مهنة الآباء والأجداد.

فيما أفادت وزارة التغير المناخي والبيئة، بأنه لا يجوز بيع أو التنازل عن رخصة قارب الصيد، إلا بعد استيفاء الاشتراطات التي نصت عليها التشريعات واللوائح المنظمة التي حددتها الوزارة، مشيرة إلى أنها تقدم دعماً للصيادين المواطنين، من أجل الحفاظ على المهنة، وتشجيع المواطنين على الاستمرار فيها.

وأضافت أنها تعمل بالتنسيق مع كل الجهات الاتحادية والمحلية المعنية، على تطبيق أحكام القانون واللوائح المنظمة لمزاولة حرفة الصيد، ويتم تنظيم حملات تفتيش مشتركة مع الشركاء، لرصد التجاوزات وضبط مخالفات الصيد.

ومن جانبها، أكدت جمعية الصيادين في الشارقة عدم ورود شكاوى بهذا الخصوص، ولو وجدت فستكون قليلة، لافتة إلى أن أصحاب رخص قوارب الصيد ورخص مزاولة المهنة، هم من يحضرون بأنفسهم إلى الجمعية بشكل مستمر للحصول على معدات ومستلزمات الصيد، وعلى الدعم المقدم لهم.


 قال الصياد المواطن يوسف شاهين، من مدينة خورفكان بإمارة الشارقة، إن ظاهرة تنازل صيادين مواطنين عن رخص الصيد الخاصة بهم إلى أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصيد، انتشرت بشكل لافت في الآونة الأخيرة، موضحاً أن بعض الصيادين المواطنين الحاصلين على رخص قوارب صيد (الجول) من وزارة التغير المناخي والبيئة، يتنازلون عنها لمواطنين من غير أصحاب الخبرة في مهنة الصيد وارتياد البحر، كما أنهم غير مقيدين في سجل مزاولي حرفة الصيد في الوزارة، وهذا التنازل مقابل مبالغ مالية تصل إلى 60 ألف درهم للرخصة الواحدة، بينما يستثمر هؤلاء الأشخاص الرخص بطرق غير مقبولة، إذ يؤجرون إلى مجموعة من الآسيويين بمبالغ مالية كبيرة بعقود غير رسمية، وفي الوقت ذاته، يعملون على استثمار الطراد أو قارب الصيد الخاص بهم، من خلال إعطائه للآسيويين لاستخدامه في رحلات صيد مقابل الحصول على نسبة 50% من حصيلة الصيد اليومية من الأسماك.

كهوف اصطناعية

أفاد مدير استدامة البيئة البحرية والساحلية في وزارة التغير المناخي والبيئة، صلاح الريسي، بأن الوزارة تسعى إلى تنمية المخزون السمكي، من خلال مبادرات إنزال كهوف اصطناعية في مناطق عدة، بهدف تعزيز المخزون السمكي في مياه الصيد بالدولة، مشيراً إلى أن الوزارة تكثّف جهودها لحماية الثروة السمكية، وتعزيز استدامة قطاع صيد الأسماك في الدولة، وتعزيز إسهاماته في الأمن الغذائي، عبر إطلاق حزمة من التشريعات والقرارات والمبادرات والمشروعات، بهدف الحد من هذا التراجع للثروة السمكية، والحفاظ عليها على المديين القريب والبعيد، والحفاظ على الثروة السمكية للأجيال المقبلة.

وتابع أن الوزارة تقدم الدعم للصيادين، عن طريق تزويدهم بمحركات صديقة للبيئة بنصف القيمة، كما توفر حزمة من التسهيلات والخصومات على مستلزمات مختلفة عبر بطاقة «موروثنا»، التي تقدم تخفيضات للمواطنين العاملين في مهنة الصيد.


تراجع الشعري والجش والدبسي

أكد الصياد المواطن حميد سالم العوبد، من إمارة الشارقة، «تراجع كميات أنواع من الأسماك مثل الشعري والجش والدبسي بشكل ملحوظ أخيراً، وهو ما نلمسه، كصيادين ومستهلكين ومهتمين بقطاع الصيد البحري، في أسواق السمك المحلية، بعد أن كانت متوافرة بكثرة في سواحل الدولة والأسواق لمراحل متعاقبة، ونصطادها كأبناء للمهنة بكثرة».

وعزا سبب التراجع إلى استخدام صيادين طرق صيد ضارة بالبيئة البحرية، مثل شباك «التدريس» الممنوعة، التي تصل إلى قاع البحر، وأحياناً تعلق الشباك بالشعاب المرجانية وغيرها من الأحياء البحرية، المهمة للتوازن النباتي والبيئي في البحر، مؤكداً أن المخالفات حقيقية ومستمرة، والصيادون المخالفون موجودون في عرض البحر، على الرغم من جهود بعض الجهات المختصة للحفاظ على توازن البيئة البحرية.


• لا يجوز البيع والتنازل عن رخصة قارب الصيد إلا بعد استيفاء الاشتراطات التي نصت عليها التشريعات واللوائح المنظمة.

• الأسماك والأحياء البحرية ثروة وطنية تجب حمايتها، لكن صيادين مواطنين أفسحوا المجال أمام آسيويين لارتياد البحر والصيد.

• «البيئة» حدّت من ظاهرة الصيد الجائر عبر حظر صيد «الشعري» و«الصافي» لمدة شهرين من كل عام من أجل تكاثرهما.


80 %

تراجع عدد رحلات الصيادين المواطنين في الفترة الأخيرة.


60

ألف درهم قيمة بيع أو التنازل عن رخص صيد الأسماك.

وتابع «وليتجنب هؤلاء الآسيويون المساءلة من قبل الجهات المختصة، يصطحبون في رحلاتهم مواطناً مرافقاً تحت مسمى (نوخذة)، مقابل مبلغ لا يزيد على 400 درهم في رحلة الصيد الواحدة، ما يجعل رحلاتهم البحرية قانونية بشكل كامل».

وأكد أن وجود مثل هؤلاء الآسيويين بأعداد كبيرة في عرض البحر بشكل يومي، نتج عنه تراجع في حجم المخزون الاستراتيجي لبعض أصناف الأسماك خلال المرحلة الماضية، بسبب الصيد الجائر، واستمرار استخدام بعض أساليب الصيد المحظورة قانوناً، والضارة بالبيئة البحرية، مثل الصيد بـ«المناشل» المحظورة.

وأوضح أن العمالة الوافدة تمارس الصيد بالمناشل، لصيد أكبر كمية من الأسماك بفترة وجيزة، لافتاً إلى أن المناشل لها أضرار موجعة في الثروة السمكية، فهي تصيد الأسماك الصغيرة، وتتسبب في قتل عدد كبير منها، شارحاً أن المناشل عبارة عن مجموعة من السنارات يصل عددها إلى أكثر من 1000، وتكون مربوطة بخيط مصنوع من النايلون، وإلى جانب السنارات تربط علب فارغة وقطع من الفلين لتساعد على طفو المناشل فوق سطح الماء.

وذكر أن المناشل توفر الفرصة للصياد كي يتحرك على امتداد البحر دون التقيد بالوجود في مكان محدد، الأمر الذي يؤدي في بعض الأوقات إلى قطع المناشل بما فيها من أسماك، وتالياً موت أعداد كبيرة منها.

وقال «تعلمت مهنة الصيد وورثتها أباً عن جد، وعملت فيها أكثر من 25 عاماً، وتراجعت عن مزاولتها أخيراً، نتيجة وجود الآسيويين (الدخلاء) على المهنة، الذين يزاولون الصيد الجائر، بغرض الربح المالي السريع، دون مراعاة للثروة السمكية، وهذا الأمر جعلهم يحتكرون أسواق بيع الأسماك بشكل كبير، ما أثر في الصيادين المواطنين سلباً من ناحية الإقبال على المهنة».

ولفت إلى وجود 350 قارب صيد مملوكة لصيادين مواطنين متوقفة على سواحل البحر، إلا أن عدد القوارب التي تدخل البحر في رحلات صيد يومية لا تزيد على 10 قوارب، مطالباً الجهات المعنية بمراقبة سلوكيات الآسيويين الدخلاء على المهنة والحد من التجاوزات التي يرتكبونها، كونها تؤدي إلى انخفاض المخزون الاستراتيجي لبعض الأسماك.

وأيده في الرأي الصياد المواطن إسماعيل الحوسني، الذي وصف النشاط المُزاول من قبل الآسيويون لمهنة الصيد البحري بـ«دمار للبيئة البحرية»، مشيراً إلى أنها أضحت مهنة تجارية تتم مزاولتها من قبل آسيويين، لا يراعون أنواع وأحجام الأسماك التي يصطادونها، فمعظمهم يعمدون إلى صيد كميات من الأسماك بطرق غير مرخصة، ما أدى إلى تراجع أعداد كبيرة من الأسماك المستوطنة في بحر خورفكان مثل «الشعري»، الذي أصبح يورد إلى أسواق البيع من بحار الإمارات الأخرى.

وقال إن «استثمار الآسيويين تجارياً في عملية الصيد عبر إفساح المجال أمامهم من قبل مواطنين يشترون الرخص المعروفة بـ(الجول) من أصحابها الصيادين، ويتولون تأجير قوارب أو طرادات إلى هؤلاء الآسيويين، مقابل نصف المردود اليومي من محصول الصيد، فتح أمامهم آفاقاً واسعة من الصيد غير القانوني لبعض أنواع الأسماك المحظورة، ولا يبيعونها في الأسواق حتى لا ينكشف أمرهم، بل يبيعونها لمطاعم في الإمارات الأخرى، بعد نقلها ببرادات خاصة، كما أدى الصيد الجائر إلى تقلص أعداد بعض الأسماك مثل (الجش)، الذي انقرض أخيراً بشكل ملحوظ في الأسواق، فارتفعت أسعار الكميات المتوافرة منه للبيع لتصل إلى 30 درهم للكيلوغرام الواحد».

وشرح الحوسني أن «بعض الآسيويين يلجأون إلى استخدام شباك الصيد بطريقة (التدريس) المحظورة قانوناً، والتي تشكل خطراً على البيئة والأحياء البحرية، في ظل استخدامها شباك صيد (ألياخ) مصنعة من (النايلون)، والتي توضع في قاع البحر من المغرب حتى فجر اليوم التالي، يؤدي إلى نفوق كميات كبيرة من الأسماك العالقة فيها، بسبب طول مدة البقاء في الشباك، كون الأسماك تموت بعد 10 دقائق من اصطيادها».

وأكد أن عدد رحلات الصيادين المواطنين تراجعت 80% في الفترة الأخيرة، بسبب وجود الصيادين الآسيويين الذين يسببون أضراراً بالغة في مخزون البيئة البحرية من الأسماك، موضحاً أنه كان يدخل البحر بشكل مستمر في رحلات صيد يومية، يصل عددها 30 رحلة شهرياً، وفي ظل سيطرة الآسيويين على المحصول البحري وعلى أسواق البيع، أصبحت رحلاته الشهرية لا تزيد على ثلاث رحلات، على الرغم من مزاولته المهنة لأكثر من 27 عاماً، لافتاً إلى أن الآسيويين يتفقون في ما بينهم على تحديد أسعار بيع الأسماك، من أجل احتكار أسواق البيع، وهذا أحد الأسباب التي جعلت المواطنين يتراجعون ويعزفون عن مزاولة مهنة صيد الأسماك.

وناشد الجهات المعنية في الدولة فرض ضوابط صارمة على عملية التنازل عن رخص قوارب الصيد، وعلى تأجير الطرادات، حفاظاً على المخزون الغذائي في البيئة البحرية، وإفساح المجال أمام أصحاب المهنة الأصليين للاستمرار في مزاولتها، وكذلك فرض الرقابة من قبل حرس السواحل على محتوى رحلات الصيد اليومية، ومعاقبة المخالفين من الصيادين.

وأفاد الصياد المواطن حميد سالم العوبد، من إمارة الشارقة، بأن «الأسماك والأحياء البحرية ثروة وطنية تجب حمايتها، وهناك قوانين نوعية ورادعة سنتها الجهات المختصة في الدولة، لكن معظمها ظل حبراً على ورق، بسبب لا مبالاة بعض الصيادين بالمصلحة الوطنية العامة، خصوصاً الآسيويين، في ظل رغبتهم تحقيق الربح المالي السريع، واستمرار انتهاك شريحة من الصيادين والهواة والعاملين في المهن البحرية للقوانين السارية»، موضحاً أن صيادين مواطنين أفسحوا المجال أمام هذه الفئة لارتياد البحر والصيد بطرق غير مرخصة، من خلال إيجاد طرق قانونية لهم لمزاولة صيد الأسماك، وتأجير الطرادات لهم بعقود غير رسمية.

من جانبه، قال نائب مدير جمعية الصيادين في الشارقة وأمين صندوقها، إبراهيم العبدولي، «لم تردنا شكاوى بهذا الخصوص، ولا حتى ملاحظات تشير إلى وجود مثل هذا السلوك، ولو وجدت فستكون قليلة، فأصحاب رخص قوارب الصيد ورخص مزاولة المهنة هم من يحضرون بأنفسهم إلى الجمعية بشكل مستمر، للحصول على معدات ومستلزمات الصيد، وعلى الدعم المقدم لهم»، مشدداً على ضرورة إبلاغ الجمعية في حال رصد مثل هذه التجاوزات، لعمل دراسة، ووضع حلول لهذه الإشكالات، بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة.

وأشار إلى أن وزارة التغير المناخي والبيئة حدّت من ظاهرة الصيد الجائر، عبر حظر صيد «الشعري» و«الصافي» لمدة شهرين من كل عام، من أجل تكاثرهما والحفاظ عليهما، ومعظم صيادي الإمارة ملتزمون بتطبيق هذا القرار، باستثناء بعض المخالفين الذين يتم رصدهم من قبل مفتشي الوزارة أو حرس السواحل، الذين يفتشون قوارب الصيد بشكل يومي، للتأكد من معرفة أنواع وأحجام الأسماك التي تم اصطيادها.

فيما أكد مدير استدامة البيئة البحرية والساحلية في وزارة التغير المناخي والبيئة، صلاح الريسي، أنه يتم حصر مزاولي حرفة الصيد والقوارب التابعة لهم بالسجل العام في الوزارة، الذي تسجل فيه البيانات المتعلقة بصاحب الرخصة ومواصفات قارب الصيد، وفق اشتراطات نصت عليها أحكام القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1999، في شأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية وتعديلاته، ولا يجوز البيع والتنازل عن رخصة قارب الصيد إلا بعد استيفاء الاشتراطات التي نصت عليها التشريعات واللوائح المنظمة، على أن يكون المتنازل له من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، ومرخصاً له بمزاولة حرفة الصيد من السلطة المختصة، ولا يقل عمره عن 18 سنة، كما يشترط في طالب القيد بالسجل حسن السيرة والسلوك وغير مقيد في سجل مزاولي حرفة الصيد في الوزارة، شريطة أن تكون لديه خبرة في مهنة الصيد وارتياد البحر.

وفي ما يتعلق برخصة نائب النوخذة، قال «نظم القانون واللوائح بعض الحالات، مثل وفاة مالك القارب وورثته الذين يعتمدون على مهنة الصيد كمصدر رزق أساسي لهم، أو العجز الكامل لصاحب القارب، على أن يكون نائب المالك الذي يوجد على ظهر القارب مواطناً، وأتم الـ18 عاماً من العمر، وأن يكون حاصلاً على بطاقة نائب نوخذة صادرة من الوزارة».

وأضاف الريسي، أن الوزارة تعمل بالتنسيق مع كل الجهات الاتحادية والمحلية المعنية، على تطبيق أحكام القانون واللوائح المنظمة لمزاولة حرفة الصيد، ويتم تنظيم حملات تفتيش مشتركة مع الشركاء، لرصد التجاوزات وضبط مخالفات الصيد.

ولفت إلى تطبيق جداول الجزاءات الإدارية لمخالفي القرارات التنظيمية الخاصة بالثروات المائية الحية والثروة السمكية، المنصوص عليها بقرار مجلس الوزراء رقم (18) لسنة 2012، وتطبق العقوبة لمخالفة الصيد بأدوات ومعدات الصيد المحظورة في المرة الأولى بحجز رخصة القارب لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وتكون العقوبة للمخالفة في المرة الثانية إلغاء رخصة القارب.

تويتر