«صنّاع الأمل» تستقبل أكثر من 65 ألف قصة أمل

«انصُر أخاك» و«قلوب دافئة» و«ذاكرة السرو».. نوافذ تفاؤل عربية

صورة

نجحت مبادرة «صناع الأمل»، منذ إطلاقها مطلع مارس الماضي، في اجتذاب عدد كبير من المشارَكات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي، يتطلعون إلى الإسهام في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. وتلقت مبادرة «صناع الأمل» أكثر من 65 ألف قصة أمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشروعات ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة، أو الإسهام في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم. ومنها هذه القصص التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج، ومصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، منها قصة فتاة سعودية أطلقت مبادرة لدعم الأسر المتعففة التي لا تستطيع تحمل التكاليف المالية الباهظة للاستشارات القانونية أو عملية الترافع أمام القضاء. وقصة أخرى لشاب إعلامي وناشط اجتماعي في المغرب، اتخذ من العمل التطوعي نهجاً له في حياته، من خلال المشاركة في العديد من المبادرات والحملات، منها مبادرته لتوزيع الملابس والأغطية على الأسر الفقيرة، فيما نجح شاب أردني في إعادة الجمال لأشجار ميتة عن طريق الفن.


«انصُر أخاك» مبادرة تصنع الأمل باسترداد الحقوق القانونية لأصحابها

الشيماء الظاهري، فتاة سعودية أحبت القانون فدرسته، وأرادت أن تكون شعاع أمل في المجتمع لفئة تعاني ضعف القدرات المالية، ما قد يتسبب في ضياع حقوقها. وسخَّرت الشيماء مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة فئات المجتمع المحتاجة (الأرامل والمطلقات والأيتام وذوو الدخل المحدود والاحتياجات الخاصة)، من خلال تمكينها من نيل حقوقها القانونية عبر دعمها بالاستشارات والتقاضي من دون مقابل.

وأطلقت الشيماء مبادرة «انصُر أخاك» في يوليو 2015، مستهدفةً من لا يستطيعون تحمل التكاليف المالية الباهظة للاستشارات القانونية، أو عملية الترافع أمام القضاء. وحظيت المبادرة باهتمام وتفاعل كبير في المجتمع السعودي، ووجدت إقبالاً في جميع أنحاء المملكة. ومنذ انطلاقها، استقبلت المبادرة عشرات القضايا والطلبات والاستشارات عبر آلية تهدف لضمان تحقيق العدالة من خلال تعبئة الراغبين نموذج طلب الخدمة، قبل التحقق من صحة بياناتهم ووضعهم المالي، ليتم بعدها تقييم القضية لدى شعبة خاصة مكونة من أعضاء هيئة التدريس لقسم الأنظمة والشريعة، لتقرر إحالتها لشعبة القضايا، أو قد يتم التعامل معها كاستشارة قانونية.

وفي حال تحويل القضية إلى شعبة القضايا، يتم إعداد ملف كامل عن القضية يحتوي على الرأي القانوني، قبل أن تُحال أخيراً إلى محامي «انصر أخاك المتطوع» والمتاح في منطقة المستفيد، ليعمل على تحصيل الحقوق لأصحابها. علاوة على ذلك، وإلى جانب القضايا والاستشارات التي تقوم بها المبادرة مجاناً، فإن فريق عملها يسهم في رفع مستوى التوعية القانونية للفئات المستفيدة بلغة مبسطة ويسيرة، وبكل الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية.

وينضوي تحت المبادرة عدد كبير من المحامين ممن يمتلكون تصاريح رسمية للترافع أمام الجهات القضائية، إلى جانب عدد من المستشارين وأعضاء هيئة تدريس، وطلبة جامعات كجامعة الملك سعود، وجامعة دار العلوم، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الأميرة نورة، وجامعة طيبة، والجامعة الإسلامية، وجامعة الملك فيصل، وجامعة الأمير محمد بن فهد.

وقد أنجزت المبادرة أكثر من 105 قضايا و170 استشارة و12 حملة ميدانية، كما سمحت لعشرات الطلبة بالتدرب عملياً على الممارسة المهنية، والاطلاع على الإجراءات القانونية وآليات تقديم الاستشارات.

و«انصُر أخاك» مبادرة أسهمت، ولاتزال، في صناعة الأمل لعشرات الأسر والأفراد من الأرامل والمطلقات والأيتام وذوي الدخل المحدود والاحتياجات الخاصة، عبر تحقيق العدالة لهم من خلال خدمة متميزة من دون أجر.


فؤاد خصاونة يُعيد الجمال للأشجار الميتة عن طريق الفن

حين اجتاحت العاصفة الثلجية «أليكسا» الأردن وعدداً من دول بلاد الشام في ديسمبر عام 2013، جرفت كل ما هو جميل في طريقها، فدمّرت البيوت والطرقات واقتلعت آلاف الأشجار، بعض هذه الأشجار جذورها ضاربة في عمق التاريخ.

وطالت تداعيات العاصفة أجزاء ومناطق كثيرة في العاصمة الأردنية عمان، من بينها نحو 2000 شجرة من أشجار السرو والصنوبر المعمّرة، عدد منها في حرم الجامعة الأردنية. ومن هنا بدأت فكرة أستاذ الفنون، فؤاد خصاونة، ومعه إدارة الجامعة والأساتذة والطلبة، تحويل حطام وجذوع الأشجار شبه المقتلعة، إلى تحف فنية تفيض بالألوان وتعجّ بالحياة، وتضفي جمالية من نوع خاص على حدائق الجامعة من خلال مبادرة «ذاكرة السرو».

وتُوِّجت المبادرة، الهادفة إلى حفظ الأشجار في ذاكرة الأجيال، بإنجاز أكثر من 30 عملاً فنياً ونحتياً، تم نصبها في أكثر من موقع، لتشكل معرضاً فنياً نحتياً مكشوفاً، ولتظل جذوع الأشجار حية في وجدان طلبة الجامعة وخريجيها ومرتاديها. واستمرت المبادرة على مدار الأعوام التالية، بل أصبح من متطلبات التخرج في الجامعة الأردنية غرس شجرة في حرم الجامعة، لتعويض ما خسرته الجامعة من ثروة خضراء في تلك العاصفة الثلجية، فقيمة الشجرة وجدانية ومرتبطة بتاريخ الإنسانية.

وتوسعت المبادرة لتكون الفعالية الرئيسة لملتقى النحت العالمي السادس، الذي حمل عنوان «ذاكرة السرو»، والذي نظمه كل من المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، وكلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية، بدعم من أمانة عمان الكبرى، حيث تم تنفيذه بمشاركة عالمية لفنانين من فرنسا وألمانيا وإسبانيا والمغرب والبحرين وفلسطين والعراق وسلطنة عمان والأردن.

ويعدّ ملتقى النحت العالمي من أهم الفعاليات على المستويين المحلي والدولي، حيث يهدف إلى إيجاد نوع من التفاعل بين الفنانين الأردنيين والعرب والأجانب، ما ينعكس إيجاباً على أداء الفنانين، بالإضافة إلى دوره الفاعل في تجميل ساحات وحدائق العاصمة الأردنية وبقية مدن المملكة.

لقد أسهمت مبادرة «ذاكرة السرو» بإحياء الجمال في الأشجار وخلق لوحات ومنحوتات فنية مبتكرة، ما يبرهن بأننا نستطيع أن نصنع الجمال من الدمار وأن نبني الأمل من المعاناة، وأن نترك للبشرية إرثاً متجدداً من الإبداع والعطاء.

مبادرة «ذاكرة السرو» أسهمت بإحياء الجمال في الأشجار وخلق لوحات ومنحوتات فنية مبتكرة. من المصدر


«قلوب دافئة» توزع الملابس والأغطية على الأسر الفقيرة

الفقير محمد، شاب إعلامي وناشط اجتماعي، من مدينة تارودانت في المغرب، اتخذ من العمل التطوعي نهجاً له في حياته من خلال المشاركة في العديد من المبادرات والحملات، كما أسس مع مجموعة من الشباب صفحة «تارودانت العالمة تبتسم»، وهي صفحة اجتماعية على منصة «فيس بوك» نجحت في تنفيذ العديد من المبادرات بهدف خدمة المدينة والعمل على تنميتها وإبراز جماليتها والجوانب السياحية فيها.

من خلال هذه الصفحة، أطلق محمد مبادرة إنسانية لامست قلوب أبناء منطقته حملت اسم «قلوب دافئة»، نفذت للمرة الأولى في عام 2015، وهي حملة شعبية لجمع الملابس الشتائية والأغطية، سواء المستعملة أو الجديدة، وذلك بغرض مساعدة الأسر الفقيرة في مدينة تارودانت وضواحيها، والمناطق الجبلية القريبة من المدينة التي تعاني التهميش والعزلة في فصل الشتاء، وفي موجة البرد القارس وتساقط الثلوج، كما عملت الحملة أيضاً على جمع التبرعات المالية بهدف مساعدة المحتاجين لعمليات جراحية مستعجلة، وتغطية نفقات العلاج والمتابعات الطبية.

ولقيت الحملة في دورتها الأولى رواجاً وتفاعلاً كبيراً، ونجحت في مساعدة أكثر من 30 عائلة فقيرة في مدينة تارودانت، كما أسهمت في تقديم مساعدات لثلاث جمعيات خيرية واجتماعية، منها الهلال الأحمر بتارودانت، الأمر الذي دفع بمحمد وزملائه إلى تنفيذ الحملة مرة أخرى في دورتها الثانية لدعم «قافلة أناروز» لجمعية شباب الأطلس «تارودانت»، حيث استفاد من خدماتها أكثر من 60 قرية في إقليم تارودانت ومناطق أخرى من المملكة. وقد استمرت الحملة حتى منتصف ديسمبر 2016.

محمد، من خلال صفحة في الـ«فيس بوك»، تمكن من خلق بيئة تفاعلية وحلقة وصل بين أبناء مدينة تارودانت في الداخل والخارج. وبفضلها قدم أبناء المدينة في المهجر مساعدات عدة، متتبعين مسارها بكل شفافية عبر الصفحة، لضمان وصولها إلى مستحقيها. واليوم يتابع الصفحة أكثر من 37 ألف شخص، يتشاركون مع محمد حب المدينة وأهلها، ويسهمون بشكل مباشر في تحسين حياة الناس فيها.

ويمثل محمد نموذجاً للشباب الرافض للاستسلام لواقع الحياة الصعبة بكل ما تحمله من تحديات، فهو ومن معه من الشباب يحدوهم الأمل في غد أفضل لمدينتهم وعائلاتهم وأبنائهم.

«قلوب دافئة» حملة شعبية لجمع الملابس الشتائية والأغطية سواء المستعملة أو الجديدة. من المصدر

تويتر