مختارات من قصص صناع الأمل في العالم العربي

«أحمد» يوظف ذوي الإعاقة.. و«علاء» يحلم بألا ينام محتاج جائعاً

صورة

نجحت مبادرة «صناع الأمل»، منذ إطلاقها مطلع مارس الماضي، في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي، يتطلعون إلى الإسهام في نشر الأمل، وصنع تغيير إيجابي.

وتلقت مبادرة «صناع الأمل» أكثر من 65 ألف قصة أمل، من أفراد ومجموعات لديهم مشروعات ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة، أو الإسهام في حل بعض التحديات، التي تواجه مجتمعاتهم.

وسعياً لمشاركة الناس هذه القصص، كي تكون مصدر إلهام للآخرين، الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض قصص صناع الأمل، التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في عالمنا العربي، من المحيط إلى الخليج.


أسس شبكة وساطة لتوظيفهم

«أحمد» يحوِّل معاناته إلى مبادرة للحدِّ من بطالة أصحاب الهمم

لم يكن أحمد ليدركَ أن معاناته، ولحظة اليأس «العابرة» التي مرت في حياته، يمكن أن تفتحا باباً واسعاً للأمل أمام عدد كبير من رفاق دربه في المعاناة.

بدأ كل شيء حينما تخرج أحمد زايد، من الطائف بالمملكة العربية السعودية، في الجامعة. خلال دراسته الجامعية، أظهر أحمد تفوقاً وتميزاً، ونال شهادات عدّة في الكمبيوتر، يحدوه الأمل بأن سوق العمل ستكون بانتظاره. لكنه فوجئ برفض أصحاب العمل تعيينه كونه من أصحاب الهمم (ذوو الإعاقة)، فتدخل أحد أقاربه لمساعدته في الالتحاق بوظيفة تناسب مؤهلاته وتلبّي طموحاته المهنية، لكن أحمد لم يقتنع بأن مشكلته فردية، صحيح أنه حصل في النهاية على وظيفة لائقة مكّنته من استغلال قدراته، لكن هناك العشرات، بل المئات من أمثاله، ممن قد لا يكونون محظوظين مثله، أو قد لا تتوافر لهم فرصٌ وظيفية على غرار الفرصة التي توافرت له.

(الشبكة) عبارة عن حلقة وصل، بين أصحاب الهمم وأصحاب العمل.

من هنا جاءت فكرة تأسيس شبكة أو موقع إلكتروني، يحمل اسم «شبكة وساطة لتوظيف ذوي الإعاقة» وهي مبادرة غير ربحية، تسهم في الحد من بطالة ذوي الإعاقة، عن طريق إيجاد وظائف تناسب مؤهلاتهم العلمية، ونوع الإعاقات التي يعانون منها.

«الموقع عبارة عن حلقة وصل بين الباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة، وأصحاب العمل الباحثين عن موظفين من تلك الفئة»، كما يقول أحمد، إذ يشكل الموقع طاقة أمل لفئة مجتمعية، جعلتها الإعاقة، أياً كانت طبيعتها، عضواً ناقصاً أو معطلاً في المجتمع، فئة تريد أن تعمل وتنتج وتعطي، لكن أبواب العطاء مغلقة في وجهها.

ويعترف أحمد بأنه واجه صعوبات في البداية لجهة التعريف بالموقع، وكان التحدي الأكبر بالنسبة له هو كيفية اجتذاب الباحثين عن عمل من ذوي الإعاقة وأصحاب العمل للتسجيل في الموقع، لكن خلال أربع سنوات من العمل الحثيث، نجح الموقع في أن يشكل مبادرة مجتمعية رائدة من نوعها.

وتخدم هذه المبادرة جميع المستهدفين من ذوي الإعاقة، سواء كانت إعاقاتهم ذهنية أو حركية أو بصرية أو فكرية أو نفسية، وغيرها من الإعاقات الأخرى.

ويوفر موقع «وساطة» لهذه الفئة الغطاء القانوني، لحمايتهم من الاستغلال وصون حقوقهم، بحيث يكون الموقع وسيطاً بين الطرفين، أصحاب العمل والباحثين عن عمل، بما يكفل سير عملية التوظيف، وفق الأطر القانونية المتبعة. ولقد قام أحمد بالاتفاق مع متخصصين قانونيين (متطوعين)، لمراجعة عقود التوظيف والنظر في الشؤون القانونية، في حال حدوث أي استغلال في توظيف هذه الفئة، أو حدوث فصل تعسفي لهم.

ويحرص أحمد على التدقيق على جميع إعلانات الوظائف الشاغرة المنشورة في الموقع، للتأكد من ملاءمتها للباحثين عن عمل، لجهة الراتب الشهري، وتوفير مرافق مخصصة لذوي الإعاقة، وبيئة العمل الآمنة والمناسبة وغيرها، علماً بأنه يتم نشر جميع الإعلانات على الموقع مجاناً.

ونجح موقع «شبكة وساطة لتوظيف ذوي الإعاقة» في نشر رسالته، وأسهم ترشحه لجائزة الملك خالد، كمبادرة متميزة تسهم في تنمية المجتمع، ونيله المركز الثاني في التصفيات النهائية، في تسليط الضوء على الموقع، وتطويره وتوسيع نطاق خدماته.

ويعرف أحمد أن الأمل صناعة تستلزم إيماناً وجهداً وثباتاً وعملاً دؤوباً ومتواصلاً، ويعرف أكثر أن قيمة هذا الأمل تكون أكبر وأعظم إذا شاع وانتشر، ويأمل أن تسهم شبكة وساطة في فتح أبواب الرزق والتيسير لأكبر عدد من المعاقين في مجتمعه.


 أطلق مؤسسة «حياة» لدعم أصحاب الهمم نفسياً وبدنياً في مصر

حادث سير لـ «شاهين» يفتح أبواب الأمل لفاقدي الأطراف

يكفي أن تسير في الرواق الرئيس لمؤسسة «حياة» لذوي الإعاقة حتى تنتابك مشاعر التفاؤل، وتستمد طاقةً إيجابيةً من كل صورة وقصة نجاح معلقة على جدران المؤسسة، تعطيك أملاً أن الحياة لا تتوقف عند مشكلة مهما كان تأثيرها، ولا تتراجع أمام تحدٍّ مهما عظم أمره، فالأمل سلاح قوي بيد الراغبين في ترك بصمة نجاح بسجل البشرية.

المهندس شريف شاهين، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة «حياة» لذوي الإعاقة في مصر، يمثل قصة كفاح ونجاح ملهمة لكل طفل وشاب في بلده، وفي عموم المنطقة.

فعندما كان طفلاً رضيعاً لم يتم عامه الثاني بُترت ساق شريف من فوق الركبة في حادث سير أليم، ليعيش طفولته متأقلماً مع حالة العجز التي أصابته، لكنه أصر على التمسك بالحياة، وجعل مصابه حافزاً للتقدم والنجاح.

وتلك الحادثة جعلت شريف أقدر على الإحساس بمعاناة فاقدي الأطراف، خصوصاً بعد تخرّجه في كلية الهندسة، إذ وجد صعوبةً في إيجاد وظيفة في مجاله كمهندس، كون معظم الوظائف المتاحة خارجية، وتحتاج إلى قوة بدنية.

فعمل لمدة ثماني سنوات بجامعة المنصورة في مجال البرمجة، قبل أن يتمكن من استخدام مدخراته لتأسيس مشروعه الخاص الهادف لدعم ذوي الإعاقة نفسياً وبدنياً، مستنداً إلى قناعة بضرورة دعم فاقدي الأطراف، كي يتمكنوا من مواصلة حياتهم، واستكشاف قدراتهم الخاصة التي تفيد المجتمع، وتسهم في تطوره.

ويقدم شريف حالياً، من خلال مؤسسة «حياة»، الفحوص والاستشارات لفاقدي الأطراف مجاناً، كما يجمع التبرعات للذين لا يستطيعون تحمل الكلفة لشراء الأطراف الاصطناعية، في حين يدفع المقتدرون قيمة الطرف الاصطناعي، وهذا هو عنصر استمرار المشروع لمساعدة المحتاجين.

ولتطوير نشاط مؤسسته، صمم شريف برنامجاً خاصاً لمتابعة الحالات عبر الهاتف وموقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي، وتوفير مواعيد الصيانة الدورية للأطراف الاصطناعية، كما ينظم حالياً قوافل طبية للكشف عن حالات الإعاقة البدنية، ويعمل على ربطها بوزارة الصحة لمتابعتها.

ويعمل مع شريف في «حياة» أكثر من 20 طبيباً واختصاصياً، إلى جانب خمسة متطوعين، أسهموا جميعاً في دعم أكثر من 1500 شخص، عبر تزويدهم بالأطراف الاصطناعية بصورة مباشرة.

وفي اليوم العالمي لذوي الإعاقة، الذي يحل في ديسمبر من كل عام، ينظم شريف مجموعة من الفعاليات السنوية الهادفة إلى اكتشاف مواهب ذوي الإعاقة، أطلق عليها اسم «حياة غوت تالنت»، حيث تسعى الفعالية إلى دعم فاقدي الأطراف، وتمكينهم من ممارسة هوايات متعددة كالفنون المسرحية والغناء وكتابة الشعر وإلقائه، إلى جانب تنظيم ماراثون «قادرين» بالأطراف الاصطناعية والكراسي المتحركة، كما يتخلل الفعالية توفير صيانة مجانية للأطراف الاصطناعية.

وانطلق شريف من معاناته، التي وجد فيها مصدر إلهام، ليسهم في تحويل الإعاقة من حاجز إلى معول، يسهم في بناء الوطن.

 «حياة» توفر الأطراف الاصطناعية لأصحاب الهمم المحتاجين.  من المصدر


 

بدأت بطرق أبواب المحتاجين القريبين

«عطاء» حملة إنسانية لمساعدة الأسر المتعففة في فلسطين

علاء طميزة، شاب فلسطيني، يتقاسم مع مجموعة من الشباب المخلصين لوطنهم حلماً، هو المساعدة في انتشال الناس من الحاجة والفقر والعوز، وأول خطوة في سبيل تحقيق هذا الحلم هي طرق أبواب المحتاجين القريبين، وتقديم العون لهم، فانطلقوا من بلدتهم «إذنا» الكائنة غرب مدينة الخليل في فلسطين، مشكّلين فريقاً تطوعياً يُعرف باسم «إذنا بشبابها».

من هذا الفريق انطلقت حملة «عطاء»، وهي حملة أمل محلية لتوفير كل أشكال المساعدة للمحتاجين والأسر المتعففة، ورفع جانب من المعاناة عنهم، وجعل الحياة أفضل ولو بقدر يسير.

كان ذلك في شهر رمضان قبل أربع سنوات، وسرعان ما تواصلت حملة «عطاء» بعد رمضان، لتكتسب زخماً أكبر عاماً تلو الآخر، وتحظى بثقة المجتمع المحلي، ممن رأوا في شباب فريق «إذنا بشبابها» التطوعي حماسةً أصيلة ورغبةً في نشر الخير.

وأكد طميزة، منسق حملة «عطاء»، أن سر نجاح الحملة هو الثقة الكبيرة التي اكتسبوها في مجتمعهم المحلي، وهي ثقة تكللت بدعم معنوي كبير من الناس لأنشطتهم وبرامجهم التطوعية، إذ يحرص عدد كبير من أهالي البلدة المقتدرين وميسوري الحال على التواصل معهم، عارضين المشاركة معهم ودعم حملتهم، إما بتقديم التبرعات العينية أو الخدمية وحتى النقدية، مضيفاً: «لعلّ ثقة الناس بنا سببها في واقع الأمر، أننا حريصون في حملة عطاء على استهداف العائلات المحتاجة التي يتم اختيارها بدقة، بعد الاطلاع على ظروفها الحياتية».

توزع حملة «عطاء» الطرود الغذائية والمساعدات العينية المختلفة على الأسر المعوزة، وهي مساعدات متواصلة على مدار العام، لكن التركيز يكون أكبر في شهر رمضان.

وطميزة، ورفاقه، يحلمون بأن تكبر حملة «العطاء»، وأن تتخطى حدود بلدتهم، ليشمل نشاطها الخيري والإنساني قرى وبلدات عدة، ولديهم هدف يعرفون أنه ليس مستحيلاً مع الإرادة والأمل، هو ألا ينام جائع أو محتاج في فلسطين.

تويتر