نجحت بتوظيف الفن في الأعمال الإنسانية

«نـور» تكـافح العمى في الدول النامية بـ «بطــاقة بريدية»

صورة

فنانة بالفطرة، وإدارية بالمهنة، نور شما، مواطنة تتمتع بحس مرهف وعزيمة صلبة، تحدد هدفها بدقة وتسعى لتحقيقه بكل قوة، لا تعرف اليأس ولا تعترف بالحواجز والحدود، وتؤمن بأن المرأة الإماراتية تستطيع تحقيق المستحيل، ونجحت في الجمع بين عملها الإداري ودراستها العليا ورعاية أسرتها وممارسة هوايتها الفنية، لم تقصر في أي جانب، بل زادت عليها بمبادرة فنية خيرية تحت اسم «البطاقة البريدية»، تهدف إلى تسخير الموهبة الفنية لمساعدة فاقدي البصر في البلدان النامية، في الحصول على فرصة الرؤية، بالتعاون مع مؤسسة «نور دبي».

وروت شما لـ«الإمارات اليوم» قصة تعاونها مع مؤسسة «نور دبي»، في إطلاق مبادرة «البطاقة البريدية»، قائلة «عشقت الفن منذ الطفولة الأولى، وكنت أرغب في صقل موهبتي بدراسة الفن، لكنّ والديَّ أقنعاني بدمج الفن مع تخصص آخر»، مضيفة أنها نفذت رغبة والديها وحصلت على بكالوريوس في إدارة التصميم من الجامعة الأميركية بالشارقة، وعملت في جهات حكومية عدة، زودتها بمهارات التواصل مع الآخرين.

كثرة الأعباء

قالت صاحبة مبادرة «البطاقة البريدية»، نور شما، إنها أرادت أن توقف المشروع مرات عدة، خلال السنوات الماضية، بسبب الصعوبات التي واجهتها وكثرة الأعباء التي على عاتقها، إلى أن تواصلت معها مؤسسة «جناح الولايات المتحدة العالمية» وهي عبارة عن معارض عالمية للأعمال المتميزة، وأرادت التعاون معها بعد إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، 2017 عاماً للخير، ما دفعها إلى استكمال المبادرة، والتركيز على الفنون الخيرية بشكل أكبر.


نشر الأفكار الخلاقة

قالت نور شما إن مبادرة «البطاقة البريدية» نجحت في علاج أكثر من 500 حالة عمى في دول نامية، منذ عام 2015، بمشاركة أعداد كبيرة من الفنانين الذين شاركوا في توصيل الفن الخيري إلى مختلف الطبقات والشرائح في الدولة وخارجها، كما أنها تمكنت، من خلال المبادرة، من تنظيم ورش تدريبية عدة في المدارس والمؤسسات التعليمية للتوعية بأهمية القضاء على مسببات العمى.

وأكدت: «كل نجاح وصلت له نجاح لأسرتي، ووالديّ اللذين علماني أن النجاح الحقيقي هو مساعدة الآخرين، ومساعدة غير القادرين على اجتياز محنتهم»، مشيرة إلى أنها شاركت في ندوات عالمية عدة من بينها «نقاشات تيد» التي تهدف إلى نشر الأفكار الخلاقة في العالم.

وتابعت أنها في عام 2015 كانت تعمل بجامعة السوربون في أبوظبي رئيسة لقسم الاتصال والعلاقات العامة، وركزت جل اهتمامها على استكمال دراسة الماجستير، ورعاية أسرتها الصغيرة، خصوصاً ابنتها (سلمى) التي كانت تبلغ خمس سنوات وقتها، وفي ذلك الوقت بدأت مبادرة بسيطة عبارة عن إرسال 70 بطاقة بريدية من تصميمها حول العالم، توثيقاً لحبها للبطاقات البريدية التي قلما يستخدمها الأشخاص في الوقت الحالي، وعرضت التصاميم على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام».

وأضافت شما أنها فوجئت بإدارة مؤسسة «نور دبي» تتواصل معها للمشاركة في مزاد فني يضم لوحات المشاهير والفنانين، يعود ريعه لمساعدة ذوي الإعاقة البصرية في الدول النامية.

وأكملت «أعجبتني مبادرة نور دبي، وتعاطفت مع هدفها في مساعدة فاقدي البصر والقضاء على مسببات العمى في الدول النامية».

وأشارت إلى أن البصر من أهم الحواس، كون «العين مرآة الحياة»، خصوصاً أنها عانت في صغرها ضعف النظر، وكانت ترى الأشياء ضبابية من دون النظارة، وكانت تتمنى التخلص من النظارة حتى تتمكن من متابعة حياتها بالصورة الطبيعية مثل بقية أقرانها، وأجرت جراحة بسيطة وتخلصت من النظارة.

وذكرت «قرأت كثيراً عن مبادرات (نور دبي)، وعرفت أنها تكافح العمى في الدول النامية، من خلال عملية لا تستغرق سبع دقائق لإعادة البصر إلى أشخاص في أمس الحاجة إليه»، موضحة أن «البطاقة البريدية» مبادرة بسيطة تهدف إلى التوعية بأهمية القضاء على الإعاقات البصرية ومسببات العمى، من خلال جمع التبرعات.

وأوضحت أن مبادرة «البطاقة البريدية» بدأت في 2015، وتهدف إلى مشاركة فنانين عالميين ومحليين في تصميم بطاقات فنية، تسهم في منح كل طفل نظارة طبية، بالإضافة إلى إيصال رسالة مفادها أن الفن له رسالة إنسانية في مكافحة العمى، خصوصاً أن البعض يعتقدون أن الرسم مرتبط بالمعارض وشراء وبيع اللوحات، ولا يعلمون أنه يمكن توظيف الفن في أعمال إنسانية.

وأضافت شما أنها واجهت صعوبات عدة خلال تنفيذ المبادرة، خصوصاً أنها في ذلك الوقت كانت تمنح أسرتها جل اهتمامها، خصوصاً ابنتها (سلمى) كانت صغيرة وتحتاج إلى الرعاية، إضافة إلى استكمال رسالة الماجستير في التسويق والإدارة والاتصالات والإعلام، إلى جانب وظيفتها.

وقالت «أردت أن أثبت للجميع أن المرأة الإماراتية قادرة على النجاح في مختلف مجالات الحياة، خصوصاً أن أشخاصاً عديدين كانوا يرون أن عائلتنا، المكونة من خمس فتيات، ناقصة إذا لم تحصل على مساندة أخ لها»، مضيفة أن البعض يرى أن النساء غير قادرات على النجاح من دون الرجال، في حين أن الدولة قدمت للمرأة فرصاً عدة لتمكينها، ما دفعها إلى إثبات قدراتها وتحقيق طموحاتها.

وتابعت شما أنها تواصلت مع فنانين عالمين من 15 بلداً، ليشاركوا بطباعة فنونهم على البطاقات، ووجدت عدم حماس من الفنانين، خصوصاً أن معظمهم لا يعرفونها من قبل، لذا كانت مقاومتهم للمشاركة كبيرة، لكنها نجحت في إقناعهم بأهمية الحملة الإنسانية، وبالفعل شارك كثير من الفنانين بأكثر من عمل لإنجاح المبادرة، ووجدت هذه المشاركات إقبالاً كبيراً من الناس الذين حرصوا على شراء البطاقات للمساعدة في إعادة البصر.

تويتر