المرشد الأسري

- تقول زوجة إنها تركت مسؤولية تربية أولادها للخادمة، نظراً لمشكلاتها ومشاغلها، وأخيراً بدأت تشعر بأن علاقتها مع أبنائها أصبحت معدومة، وحاولت أن تعالج المشكلة، لكن الحالة زادت سوءاً، متابعة: فكيف أتعامل مع هذه المشكلة؟

-- يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري، بأن حالة الجفاف العاطفي والتربوي مشابهة للأرض القاحلة المتعطشة المحرومة من حاجاتها الأساسية للنمو والازدهار، فنقص ماء العاطفة والتربية ينذر بتدهور العلاقات الحميمية للأسرية، فالعائلة بمعالمها مثل أرض واسعة تضمنا وتحتوينا، ومن دون العاطفة والتربية تبقى الأرض عاجزة عن العطاء، مفتقرة للاحتواء.

فالابن يحرم من أبسط أبجديات العاطفة، المتمثلة باللمسة الحانية، والقبلة الدافئة، والعناق الودي، والحوار الأبوي، فكل شيء ليس له مورد يفنى وينضب، فالعاطفة إذا لم تغذ بالحب، وتروى بالود، وتشبع بالمشاعر، تصاب بشرخ يصعب ترميمه.

ونحن بمنظورنا القاصر ربما لا نعتبر العاطفة الأبوية وحنان الأم بتلك الأهمية والحاجة الأساسية، وهي في الحقيقة من أهم الحاجات النفسية والعقلية، بل هي في بعض الأوقات أهم للإنسان من حاجته للأكل والشرب، خصوصاً في عصر التواصل الاجتماعي، وغياب الوعي، وتنازل الآباء والأمهات عن مسؤوليتهم التربوية للآخر، مثل السائق والخادمة، فأصبح الابن يرتوي من الخادمة عاطفياً، ومن المواقع الاجتماعية تربوياً، يغرف منهما ما شاء بلا رقابة ولا متابعة، ويأخذ منهما الغث والسمين، ويملأ عقله منهما بكل ما هب ودب، يتنفس سموم المواقع الإلكترونية الهاوية، بمثيراتها العاطفية، وأفكارها المتأججة، ومشاعرها الخادعة، ومناظرها التي تزعزع الفطرة، وتقتل البراءة.

وبسبب إهمال بعض الآباء مسؤوليتهم التربية يحصدون نتائج مفزعة، تقابلها كحل سريع قسوة المعاملة وغلظة القول كحالة طارئة للعلاج، وتنتقل محاولة التربية الخاطئة من الحرمان الصامت إلى الحرمان الناطق، فيخرج الأب عن السيطرة عنفاً في السلوك، وتهديداً في التوجيه، وجفوة في المعاملة، وتزداد الحالة سوءاً، فيجد الابن من المواقع الاجتماعية مأوى آمناً، والخادمة هي الأمومة الناعمة.

فالتعامل مع أي حالة مستعصية يحتاج إلى تقوية العلاقات أولاً بالعاطفة، والقرب إليهم بالحب، ومحاسبة أنفسنا قبل محاسبتهم، وفَهم مشاعرهم المكبوتة، بل تعليل دوافعهم الدفينة، ودراسة الفجوة التربوية بالاقتراب إليهم من أجل القضاء على الجفوة، ويبدأ الحل ببناء جسور الود والحوار، وينتهي بتحمل حقوق التربية، فالأم لها أدوارها، كما أن الأب عليه مسؤولية.

المستشار الأسري

تويتر