مدربون على قيادة المركبات أكدوا أن حوادث المرور ليست دليلاً على ضعف التدريب

حديثو قيادة يطالبون بـ «تجــــارب وهمية» تؤهلهم للتعامل مع «مفاجآت الطريق»

صورة

قال متدربون وسائقون جدد إن هناك نقاطاً سلبية تشوب عملية تعليم السياقة، من أبرزها عدم إخضاعهم لتجارب وهمية تؤهلهم للتعامل مع المواقف الطارئة أو الخطرة، خلال حصص التدريب العملية. واعتبروا أن هذه النقاط تقف وراء كثير من المشكلات المرورية التي يعانونها، فيما أكد مختصون بقطاع التدريب على قيادة المركبات في دبي أن المتدرب على قيادة المركبة هو المسؤول الأول عن إتقان مهارات السياقة والالتزام بقواعد القيادة الآمنة، لافتين إلى أن مخالفته القواعد ليست دليلاً على ضعف التدريب.

وقالت هيئة الطرق والمواصلات في دبي، إن سرّ تقدم أي نظام يكمن في إخضاعه للمراجعة المستمرة، وفي قدرته على استيعاب التعديلات والاقتراحات القابلة للتطبيق، لافتة إلى أن قطاع التدريب على قيادة المركبات يشهد تطويراً سنوياً.

وأكدت ضرورة وضع نظام للتعامل مع السائقين الجدد يكون بمثابة نظام أساسي داعم وقوي لنظام التدريب على القيادة في دبي، ما دفعها إلى اقتراحه، والمطالبة بتطبيقه في مناسبات عدة خلال السنوات الماضية، آملة أن يطبّق على مستوى دبي والدولة.


وصف متدربون المنهج الموحد لتعليم قيادة المركبات، المطبق في دبي، بأنه «مفيد بشقيه النظري والعملي، إلا أنه لا يخلو من سلبيات»، موضحين أن الحصول على رخصة قيادة «عملية مكلفة وطويلة وغير سهلة من الناحية الإجرائية، مقارنة مع العمليات الخدماتية الأخرى التي تقدمها هيئة الطرق والمواصلات في دبي».

وأكدوا لـ«الإمارات اليوم» ضرورة التدرب على التعامل مع أوضاع وظروف مختلفة طارئة وخطرة، ضمن منهاج التدريب المطبق في المعاهد، عبر صياغة وتطبيق تجارب وهمية تحاكي حالات مثل قيادة أشخاص مسرعين بشكل جنوني، ينحرفون عن مساراتهم، ويقطعون الطريق بشكل مفاجئ على السائق، أو مثل وجود عائق في الطريق، كعجلات أو أكياس، وكذلك مرور سيارة شرطة أو سيارة إسعاف، أو قطع المشاة للطريق، أو مرور الدراجات في الطريق، ومن غير الأماكن المخصصة لمرورها.

إجراءات تحسينية لنظام التدريب

قال المدير التنفيذي لمؤسسة الترخيص في هيئة الطرق والمواصلات، أحمد هاشم بهروزيان، إن الهيئة اتخذت، خلال العام الماضي، مجموعة من الإجراءات التحسينية لنظام التدريب، مثل الإلزام بالتدرب ليلاً بالنسبة للذكور والإناث، لأن القيادة الليلية مربكة للأشخاص حديثي القيادة، وكذلك زيادة عدد مناورات الفحص الداخلي إلى خمس مناورات، وهو الفحص السابق للفحص التجريبي، المتعلق بأنواع صف المركبات واستخدام الفرامل عند الطوارئ والصعود على التلة.

ولفت بهروزيان إلى أن المتخرجين من أهم مدارس تعليم قيادة المركبات في العالم لا يمكن أن يتمكنوا من مهارات ومَلكات القيادة إلا بالممارسة والخبرة العملية، مؤكداً أن كثيراً من الممارسات التي نراها في الشوارع - مثل السرعة الزائدة، وعدم إعطاء الإشارات، والانحراف المفاجئ الناتج عن عدم التركيز والانشغال بالهاتف وكتابة الرسائل النصية أثناء القيادة - يعد ممارسات قاتلة يتم التحذير منها خلال التعلم في المعاهد، كما يتم تناولها من قبل الجهات المعنية في حملاتها التوعوية، إلا أن ذلك لا يمنع السائقين غير الملتزمين من اقترافها والتسبب في وقوع حوادث نتيجة إهمالهم وعدم تحملهم المسؤولية.


• مدربون: رقابة «طرق دبي» المُحكمة كفيلة بمنع أي محاولة للتلاعب في التدريب على قيادة المركبة

• «طرق دبي»: غياب الثقافة المرورية عند جنسيات وافدة أحد أهم تحديات التدريب

وطالب متدربون بتوفير ساحات ومناطق مناسبة للتدريب الذاتي، تسمح للمتدرب بأن يقود المركبة منفرداً، مؤكدين أن التدريب الذاتي يرسخ الممارسات المكتسبة من المدرب، ويتحمل المتدرب مسؤولية أمام نفسه تنعكس إيجاباً على أدائه.

كما طالبوا هيئة الطرق بإعفاء الأشخاص الذين يحملون رخص قيادة من الخضوع للعدد الإلزامي من حصص التدريب العملي، البالغ عددها 40 حصة، في حال اجتيازهم فحصاً دقيقاً وشاملاً يظهر قدراتهم. وأن يكون تحديد العدد المطلوب من الحصص مناسباً فعلاً لحاجة المتدرب في حال عدم اجتيازه الامتحان.

وأعرب متدربون عن انزعاجهم من الضغط على المراكز خلال بعض المواسم، إذ يضطرون إلى الانتظار فترات طويلة قبل أن يتمكنوا من تقديم الامتحان النهائي، لافتين إلى طول الفترة بين التدريب وموعد الامتحان، كما اقترحوا أن تنظم الامتحانات خلال أيام الجمع، لأن النسبة العظمى من المتدربين على القيادة من الفئات العاملة، التي يمكن أن تستفيد من عطلة يوم الجمعة في إنجاز معاملاتها.

ولم يؤيد مدير معهد «مواصلات الإمارات»، عبدالله عبدالرحمن آل علي، اقتراح تنفيذ تجارب وهمية لحالات خطرة، معتبراً أن «تدرب الطالب بشوارع حية في أوقات مختلفة، كافٍ لاكتساب مهارات التعامل مع الظروف التي قد تواجهه».

وأضاف أن العلاقة بين المعهد والطالب وهيئة الطرق والمواصلات في دبي وطيدة، إلا أن الطالب هو الركن الأساسي في جودة التدريب.

وقال إن على المعاهد أن تكثف دورها الرقابي ولا تكتفي بالدور الذي تمارسه هيئة الطرق، مشيراً إلى أن الكلام عن وجود تلاعب أو غش تجاري، مقترن دائماً بتكرار رسوب الطالب في فحوص القيادة، علماً أن الرسوب يتعلق بشكل رئيس بجهود الطالب نفسه.

ووافق المتدربين الذين طالبوا بالتدريب الذاتي، معتبراً ذلك وسيلة فعالة لتعزيز الثقة في النفس وزيادة قدرات التحكم عند المتدرب.

من جهته، قال المدرب، أحمد سليمان، وهو صاحب خبرة طويلة في إحدى المؤسسات العريقة في التدريب على القيادة بدبي، إن مناهج ونظم التدريب على قيادة المركبات في دبي تطورت في جوانب عدة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث شملت منهج التعليم وآليات وأدوات النظام الرقابي.

وأكد أهمية نشر نتائج تقييم أداء المعاهد ونسبة الحوادث المتسبب بها خريجو كل معهد، لأن ذلك يعطي العملاء الحق في اختيار المعهد الحاصل على أعلى تقييم.

وأضاف أن على المتدرب أن يكون صادقاً وشفافاً مع نفسه، لأن مسؤولية القيادة إنسانية وأخلاقية، مؤكداً أن الالتزام بمحتوى وممارسات القيادة التي يتلقاها، يأتي قبل محتوى المادة نفسها، لأن المحتوى مهما كان مواكباً وثرياً، لن يكون مفيداً ما لم يُطبق بعناية.

وأيد سليمان الشكوى المتعلقة بالكلفة المرتفعة لخدمات التدريب، لكنه أكد في المقابل عدم وجود أي مجال للتلاعب أو استغلال الطالب. وقال إن النظام المعمول به لا يتيح أي فرصة للتلاعب، لأن هيئة الطرق والمواصلات تُحكم الرقابة على إجراءات التدريب ودفع الرسوم. كما أنها تجري الفحوص الأساسية المطلوب اجتيازها للحصول على الرخصة.

أما المدير التنفيذي لمؤسسة الترخيص في هيئة الطرق والمواصلات، أحمد هاشم بهروزيان، فقال تعليقاً على الاقتراحات التي طرحها المتدربون والحاصلون على الرخصة حديثاً، إن أي نظام يطمح إلى الوصول لمستوى متقدم من حيث الجودة والسلاسة وتحقيق الفائدة، لابد أن يكون مفتوحاً دائماً أمام اقتراحات التطوير، وأن يواصل مراجعة آلياته وأدواته، حتى لا يقف مكانه، لافتاً إلى أن الهيئة أجرت تعديلات على أنظمة التدريب خلال السنوات الست الماضية، كما أنها تعتزم الإعلان عن عدد من خطط التطوير خلال العام الجاري.

ولخص بهروزيان أهم التحديات التي تواجه قطاع التدريب ومستوى أداء المعاهد في أمرين، الأول: افتقاد نظام التعامل مع السائقين الجدد، والثاني: تشبع نسبة كبيرة من العمالة الوافدة من بلدان مثل الهند والباكستان بممارسات قيادة خاطئة، وافتقارهم ثقافة السلامة المرورية، إذ تكاد تكون معدومة لديهم.

وقال إن أهم ما يُفتقد حالياً في قطاع التدريب، على مستوى دبي والدولة، نظام للتعامل مع السائقين الجدد، أسوة بالأنظمة المطبقة في كثير من الدول المتقدمة، كنوع من إقرار تلك الدول بأن تلك الفئة تحتاج إلى تعامل خاص.

وتابع بهروزيان أن الهيئة اقترحت النظام في أكثر من مناسبة على المجلس المروري الاتحادي وعلى وزارة الداخلية، مشيراً إلى استمرار الدراسات حول الموضوع، آملاً المصادقة عليه وتطبيقه قريباً.

وأشار إلى أهم ملامح النظام الذي يعرّف السائق الجديد بالسائق الذي تقل مدة رخصة القيادة التي يحملها عن ثلاث سنوات، مضيفاً أن النظام سيفرض عليه عدداً من القيود، مثل عدم السماح له بالقيادة على الطرقات السريعة منذ السنة الأولى، وعدم السماح له بالقيادة الليلية إلا بعد فترة من ممارسة القيادة، وإلزامه بوجود أحد والديه أو أقاربه بصحبته خلال قيادته المركبة، على أن تخفف القيود تدريجياً خلال فترة السنوات الثلاث بعد أن يكون قد اكتسب ثقة بنفسه وامتلك مهارة عملية لفترة كافية.

تويتر