طالبوا بتسويق النموذج الإماراتي في التعايش والأبواب المفتوحة

خبراء يحذّرون من ضعف المشاركة العربية في ملف حقوق الإنسان

صورة

حذر خبراء سياسيون وحقوقيون من ضعف المشاركة العربية في دورات المجلس العالمي لحقوق الإنسان، والوقوف في دور المتهم، دون طرح النماذج العربية الفريدة في هذا المجال، مؤكداً أن هناك ازدواجية في معايير تقييم حقوق الإنسان في الدول العربية، بالإضافة إلى وجود إصرار على تسيّيس الملفات الحقوقية، بناء على رؤى وأجندات خارجية.

الإمارات ثراء تاريخي وحضاري

قال الباحث السياسي، الدكتور هاني نسيرة، إن الإمارات تمثل نموذجاً مختلفاً عرف التعايش والتسامح الفكري والديني مع الآخرين من قبل تأسيسها، وبني فيها قبل قرن مضى معبداً هندوسياً وعدداً من الكنائس.

وأضاف أنها تمثل نموذجاً تصالحياً لدرجة أن اسمها قبل التأسيس كان «الإمارات المتصالحة»، معتبراً أن هذا ينسجم مع كل مبادئ حقوق الإنسان، إذ تضم جميع النماذج المجتمعية من حضر وبدو ومسلمين ومسيحيين وهندوس.

وأضاف أنها طورت نفسها بعد ذلك لتصبح دولة قانون يتساوى جميع الناس أمامه، وصنعت مؤسسات قوية تستند إلى ثراء تاريخي وحضاري، امتد منذ عصر اللؤلؤ، ومرحلة النفط وصولاً إلى مرحلة الدولة حالياً.

وأكد أن حقوق الإنسان عمل مشترك عالمي شارك العرب والمسلمون في صياغته، لدرجة أن أول مادة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عبارة عن نص مأخوذ من عمر بن الخطاب.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» على هامش ندوة استضافها مركز جنيف لحقوق الإنسان، إن وضع حقوق الإنسان في الدول العربية ربما لا يكون كاملاً، لكنه ليس بالسوء الذي تصوره بعض التقارير، مؤكدين أن الإمارات تقدم نموذجاً فريداً للتعايش والتسامح والوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والعلاقات المباشرة المفتوحة بين شعبها وقياداتها.

وتفصيلاً، ذكر رئيس مجلس إدارة مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، الدكتور حنيف حسن القاسم، أن هناك غياباً عربياً واضحاً في هذا الملف، وتكاد لا توجد مشاركة في دورات مجلس حقوق الإنسان وغيره من منظمات الأمم المتحدة المعنية بهذا الملف في جنيف، محذراً من تبعات هذا الغياب الخطرة على الدولة العربية في ظل تسيّيس هذا الملف.

وأضاف أن دول الخليج على سبيل المثال، لديها تطور هائل في مجال التنمية وحقوق التعليم والصحة والمرأة، لكن هناك ضعفاً شديداً في إبراز هذا الرصيد بمجلس حقوق الإنسان، لذا حرص المركز على رصد المشاركات العربية أولاً، وتقييمها، ثم عقد ملتقى للسفراء العرب لعرض النتائج، ومناقشتهم في كيفية تلافي هذا السلبيات، وإعداد التقارير، ومساعدة الدول العربية في مراجعة التشريعات المتعلقة بهذا الملف، فضلاً عن تدريب المحامين والدبلوماسيين وطلبة الجامعات على التعاطي مع هذا الملف.

وأشار إلى أن دولة الإمارات لديها رصيد هائل من الإنجازات الحقوقية، تشمل تشريعات متقدمة بالنسبة لحقوق المرأة والطفل والعمال، والمشاركة السياسية في انتخابات المجلس الوطني، وعلاقة غير تقليدية بين الشعب والقيادة، نتج عنها بشكل مباشر الحضارة والتنمية والمدنية التي تميز الإمارات، ما جعلها نموذجاً فريداً ليس عربياً فقط، لكن عالمياً كذلك.

من جهته، قال سفير الجزائر السابق بالأمم المتحدة المدير التنفيذي لمركز جنيف لحقوق الإنسان، إدريس الجزايري، إن العرب صاروا محل شك حين يتحدثون عن حقوق الإنسان، لذا تبنى المركز فتح حوار مع الطرف الآخر، حتى يتعرف بنفسه إلى التاريخ العربي في هذا المجال، لافتاً إلى أن عدم التمييز الذي يعد أحد أهم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، رسخه العرب في قريش قبل الإسلام، حين وقعوا حلف الفضول، الذي يلزم بمساواة الأجانب مع السكان.

وأضاف أنه «من الضروري الوقوف في دور المدافع، لكن يلزم العرب الحديث بمنطقية وعلم بعيداً عن العاطفة، فالإرهاب ليس إسلامياً فقط، ولدينا عشرات النماذج التاريخية التي يجب الاستناد إليها، فالصليبيون قتلوا تسعة ملايين مسلم في حملاتهم على بلادنا».

وأوضح الجزايري، أن هناك خصائص للمجتمعات العربية يجب عدم اعتبارها نواقص والدفاع عنها، بل يجب إبرازها والإسهام بها في هذا الملف مع الحضارات الأخرى.

وأشار إلى أن ملف حقوق الإنسان صار مسيّساً، في ظل وجود سفراء يمثلون بلدانهم في المجلس العالمي، ويتفرغ كل منهم في الدفاع عن بلاده، وفق أجندات معينة، لذا من الضروري أن تكون هناك هيئات مستقلة، وخبراء حياديين لتقييم الأوضاع في الدول.

وأفاد بأن هناك نتائج مشجّعة للحوار، إذ أثمرت جلسة مع بابا الفاتيكان تأكيده أن الإسلام دين تسامح وتعايش، وقوبل موقفه باستنكار من الأحزاب اليمينية في الغرب، ولم يتم نشر هذا التصريح أو إعلانه، مؤكداً أن العرب يجب ألا يشعروا بالنقص عند التعاطي مع هذا الملف، وأن يقدموا تجاربهم بكل شجاعة.

إلى ذلك قال أستاذ العلوم السياسية، الدكتور نصر عارف، إن الغرب يركز على حقوق الإنسان بالمعنى السياسي، ويتجاهل كلياً الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، لذا تجد هناك آلاف الفقراء والمشردين الذين لا يبالي أحد بهم.

وأضاف أنه بالنظر إلى الإمارات كنموذج يجب تسويقه، تلبي الدولة الحقوق كاملة لمواطنيها، سواء من الجانبي الاقتصادي والاجتماعي، أو ما يعرف بديمقراطية الأبواب المفتوحة، بالتعامل المباشر بين القيادة والشعب، وليس من خلال مجالس نيابية أو وسطاء.

وأشار إلى أن الإشكالية تكمن في عدم تسويق هذا النموذج بشكل مناسب، باعتباره أفضل من النماذج الغربية ذاتها، ويقتصر تعامل العرب على الدفاع عن أنفسهم ضد المنطق الذي يتمسك به الغرب، بدلاً من التمسك بتجاربهم ونماذجهم الفريدة التي تتعلق بخصائص المجتمع. وأكد عارف، أن الإمارات ربما تكون نموذجاً مثالياً، لكن حتى في الدول العربية المتهمة بالتقصير في هذا المجال، لديها تجارب وخصائص مهمة لا يتم التركيز عليها، فالسعودية على سبيل المثال هي الأولى على العالم في ابتعاث مواطنيها للتعليم في الخارج، فيما أن مواطني دول أخرى تتشدق بحقوق الإنسان يعانون كثيراً التعليم الذي يتوافر مجاناً في غالبية الدول العربية.

وتابع عارف «لسنا كاملين، لكننا لسنا بالسوء الذي يصوره الغرب، الذي لا تتساوى دوله ذاتها في مجال تطبيق حقوق الإنسان، وإذا طبقنا المعيار الأساسي في هذا الشأن، وهو رضا المحكوم عن حاكمه، فسنجده يتحقق بشكل مبهر في دولة مثل الإمارات، ويتفاوت حسب طبيعة المجتمع في دول أخرى».

تويتر