يحميهم من تعرضهم للإهمال والنبذ والتشرد والأذى النفسي والجسدي

«قانون الطفل».. الذراع التشريعية لحماية مصالح الأطفال

القانون يعتبر بمثابة ذراع تشريعية داعمة لأية إجراءات سيتم تبنيها مجتمعياً في ملف الأطفال. أرشيفية

اعتبر برلمانيون وعاملون في مجال رعاية الطفل بالدولة، أن قانون الطفل الجديد، والمزمع إصداره قريباً، بعدما تم تغيير مسماه من (قانون وديمة) إلى القانون الاتحادي لحقوق الطفل (وديمة)، سينهي الفروق بين المؤسسات العاملة في مجال رعاية الأطفال في الدولة، وسيصبح بمثابة الذراع التشريعية التي تحمي مصالح الأطفال، وهم الفئة الضعيفة مجتمعياً.

 

وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، تحفظ على إحدى مواد مشروع القانون (المادة 20)، التي تتكون من عدد من البنود وتتناول دور السلطات المختصة والجهات المعنية في تقديم الرعاية الصحية للأمهات قبل الولادة وبعدها وفق التشريعات السارية، والتدابير الممكنة التي تتخذها السلطات المختصة والجهات المعنية، إضافة إلى تغيير مسمى مشروع القانون ليصبح مشروع قانون اتحادي بشأن حقوق الطفل (وديمة).

تنظيم العمل الاجتماعي لحماية الطفل في الدولة

اعتبرت مدير إدارة الرعاية والتأهيل في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، غنيمة البحري، أن «العاملين في مجال رعاية الطفل على مستوى الدولة متلهفون على صدور القانون، وهو الذي سينظم العمل الاجتماعي لحماية الطفل في الدولة، وسيصبح بمثابة مظلة رقابية لإجراءات حماية الطفل اتحادياً، لاسيما وأن غياب هذا القانون أسفر عن فروق بين المؤسسات العاملة في هذا المجال».

وقالت البحري إن «كل مؤسسة تعمل من خلال منظومة داخلية خاصة بها، بينما في ظل وجود القانون الاتحادي سيتم تنظيم العمل في تلك المؤسسات وفق معايير واضحة ومتساوية، وسيحدد جهات الاختصاص في كل إمارة ودور الإيواء وغيرها، فسوف يمكن القانون الجديد المؤسسات من تحويل الحالات بين الإمارات إلى الجهات المعنية محلياً في كل إمارة».

وأضافت: «الثغرة الحالية تتمثل في غياب الإلزام بالتبليغ عن جرائم الاعتداء على أطفال، فبعض العاملين في مراكز استشارات أسرية ومدارس لا يتصلون للإبلاغ، وغالباً ما تتم تلك البلاغات باجتهادات شخصية أما في ظل وجود القانون الجديد، سيصبح التبليغ إلزامياً».

وتابعت أن «وجود القانون سيشجع المؤسسات على تدريب الكوادر العاملة في مجال رعاية الأطفال في الدولة على هذا النوع من العمل، فنحن ينقصنا كوادر مؤهلة، كما أن وجود القانون سيحمي الطفل ليس فقط من وقوع العنف عليه، لأن القانون يضع إجراءات وقائية تقي الطفل من الوقوع في العنف».

 

وأفاد رئيس لجنة الشؤون الصحية والعمل والشؤون الاجتماعية في المجلس الوطني الاتحادي، محمد أحمد اليماحي، بأن «فئة الأطفال في الدولة سيصبحون محميين بالقانون من تعرضهم للإهمال أو النبذ والتشرد، أو تعرضهم للأذى النفسي والجسدي، أو تركهم دون رقابة ومتابعة، وكذا فإنه يمنع ترك الأطفال دون تعليم خلال المراحل التعليمية الإلزامية».

وأضاف أن «المسودة الأخيرة للقانون، التي تم إعادة رفعها إلى مجلس الوزراء أخيراً، تضم بنوداً ومواد تحظر بيع التبغ أو المواد الكحولية إلى الأطفال، وتمنع التدخين في المواصلات العامة أو في الأماكن المغلقة التي يوجد فيها أطفال، أو حتى أي مواد تشكل خطورة عليهم».

وأشار اليماحي إلى أن القانون الجديد «احتوى عقوبات ضد كل من يهين أو يعرض سلامة الأطفال للخطر، إذ يمكن أن يتعرض هذا المعتدي لعقوبة تصل إلى الحبس أو غرامة لا تقل عن 5000 درهم، وتمتد كذلك لتشمل تخلي القائمين على رعاية الطفل عنه أو تركه في مكان أو مؤسسة رعاية دون مبرر».

وأوضح أن «القانون يشمل الحالات التي تصل إلى منع اختصاصي حماية الطفل من القيام بمهامه أو إعاقته عن مباشرة عمله، وكل من يتقاعس عن حماية الطفل عند تعرضه للخطر».

وأكد اليماحي أن «فئة الأطفال يحتاجون إلى رعاية واهتمام مجتمعي، خصوصاً المعاقين والخدج منهم، ونحن في المجلس الوطني الاتحادي واجبنا يتمثل في الاهتمام بالقضايا التي تتعلق بفئات المجتمع المختلفة، وعندما تناقشنا في التعديلات المزمع إجراؤها على القانون، كان بحضور ممثلين عن الحكومة ووزارة الشؤون الاجتماعية».

وحول المادة (20) من القانون، التي ورد تحفظ من قبل صاحب السمو رئيس الدولة تجاهها، أبلغ مقرر اللجنة البرلمانية، سعيد صالح الرميثي «الإمارات اليوم»، بأنها «شهدت تعديلات عدة بعد ورودها مرة أخرى إلى المجلس، لتضم ثمانية بنود بدلاً من أربعة، وشهدت تعديلات في الصياغة بما يتناسب مع تطلعات القيادة».

وشرح الرميثي أن «البنود تناولت عمل السلطات المختصة والجهات المعنية على اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية وحماية الأطفال من استخدام المواد المخدرة والمسكرة والمنشطة، وكل أنواع المواد المؤثرة في العقل أو المساهمة في إنتاجها أو الاتجار بها أو ترويجها، ودعم نظام الصحة المدرسية ليقوم بدوره في مجال الوقاية والعلاج والإرشاد الصحي، والوقاية من الإصابة بالأمراض المعدية والخطرة والمزمنة وتوفير التطعيمات والتحصينات اللازمة».

وزاد: «تمت إضافة بنود أخرى على غرار وضع برامج خاصة بتدريب العاملين في قطاع صحة الطفل والأم وإعدادهم لتحقيق أهداف القانون، والقيام بالرعاية النفسية بما يتضمن نمو الطفل عقلياً ووجدانياً واجتماعياً ولغوياً، واتخاذ التدابير للكشف المبكر على الأطفال لتشخيص حالات الإعاقة والأمراض المزمنة».

وقالت المدير العام لمؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، عفراء راشد البسطي، إنه «أصبح لدينا قانون يحمي حقوق الطفل في الإمارات، وهو من أهم القوانين والتشريعات التي يُبنى عليها أسس جديدة في المجتمع، إذ يعتبر بمثابة ذراع تشريعية داعمة لأي إجراءات سيتم تبنيها مجتمعياً في ملف الأطفال». وقالت البسطي إن «الأطفال هم فئة مغلوب على أمرها، وصدور مثل هذا القانون من شأنه أن يحرك موضوعات كثيرة عالقة، مثل العنف الموجه ضد الأطفال في المنازل والمدارس، وغيرها من القضايا المجتمعية التي لم يكن لدينا تفنيد واضح لها في السابق».

وتابعت: «الآن، في ظل وجود مثل هذا القانون، فإن العاملين أنفسهم في مجال رعاية الأطفال في المؤسسات الحكومية والخاصة وغيرها، سيحصلون على تراخيص لمزاولة هذه المهنة، بصورة تضمن للمجتمع أن يكونوا على درجة عالية من المهنية والكفاءة».

ورصدت البسطي، وهي عضو في المجلس الوطني الاتحادي، ما سمته «جرائم اعتداء على الأطفال، التي تراجعت خلال العام الماضي بحسب البلاغات التي تلقتها المؤسسة من 28 إلى 22%»، منوهة بأن «المؤسسة تمكنت من مساعدة أطفال يعانون إهمالاً وتعذيباً من ذويهم، على غرار زوجة الأب، وتعاملت المؤسسة مع أصحاب تلك الحالات، من خلال إخضاعهم للعلاج الداخلي للتأكد من استقرارهم النفسي».

تويتر