المرشد الأسري

المستشار الأسري عيسى المسكري

تشكو أمّ من مشكلة تعالي وغرور ولدها في تعامله مع الآخرين.

يجيب المستشار الأسري، عيسى المسكري، بأن الأسرة هي البذرة التربويَّة الأولى، واللبنة العاطفية التي تسهم في غرس المبادئ والقيم، يترعرع الطّفل فيها وينطلق نحو آفاق تربوية واسعة وأحضان تحفها أجنحة الاحتواء برعاية نفسية وعناية صحية فائقة، فترتقي شخصية الابن معتمدة على نفسه، واثقة بقدراته.

ولكن بعض الأسر تتخذ من خلال التربية مسارات مختلفة، غرساً للمفاهيم الهازلة، ودعماً للسلوكيات الخاطئة، بوعي منها أو بلا وعي، فيكتسب من خلالها الأبناء عادات سلبية وطبائع سيئة، فالابن، إن صح التعبير، وعاء فارغ تقوم الأسرة بملء ما فيه من سلوكيات إيجابية أو سلبية.

والغرور والتعالي على الآخرين صفتان مكتسبتان، وقد تكونان ناتجين من جينات وراثية، فقد تشجع بعض الأسرة الابن المغرور على المحافظة على شخصيته المتعالية، تصوراً منها أنها شخصية قوية واثقة بذاتها، قادرة على مواجهة الصعوبات والتحديات، غير مدركة أنها تنمي فيه بعض الصفات السلبية، وقد تكون الأسرة غير قادرة على مواجهة الابن المغرور لا بالحوار ولا بالتوجيه فتتبلور هذه الشخصية بصورة سلبية.

وقد تكون الأسرة بهذه الصورة تعزز فيه مفاهيم خاطئة، فيتصور الابن المغرور أنه على الحق، على الرغم من تصرفاته المنفرة والبغيضة المتعالية، بالإضافة إلى ما يراه الابن في البيت من أبيه أو أمه من صفات السخرية والاستهزاء والكلام الجارح والتعالي أو التكبر، والسلوكيات الصادرة من الأبناء ناتجة عن تقليد القائمين على التربية داخل البيت، وتظهر بعد ذلك في المحيط الخارجي.

وتربية الابن في البيت على الرفاهية السلبية، كتفوقه على زملائه في المدرسة بالمال، أو القوة البدنية أو الجمال أو الدرجات الدراسية، تؤدي إلى تولد صفات أخرى مثل الشعور بالأنانية، أو إلغاء الآخرين، بالنظرة إليهم بالدونية أو الازدراء أو الإساءة لهم بالقول أو الفعل، وقد نهى ربنا، عز وجل، عن التخلق بهذه الصفة بقوله: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً}[الإسراء: 37]، ويقول رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر».

وأخيراً، فإنه يمكن توظيف صفة الغرور وتحويلها إلى صفة إيجابية، وحصرها في أمور مثل التفوق الدراسي، والمنافسة على القمة والتميز والموهبة، ويجب أن يعي الآباء والأمهات أهمية الاكتشاف المبكر لصفة الغرور في الأبناء وسرعة علاجها بصورة إيجابية.

تويتر