أعطى الأوامر ببناء المدارس ومراكز التعليم في مختلف مناطق الدولة

حكيم العرب أدرك أن تقدم الشعوب والأمم يُقاس بالتعليم

إذا أراد الله الخير بأمة سخّر لها من يحبها، ويتفانى في العمل من أجلها، بل ويقضي زهرة عمره عاملاً على الارتقاء بها. والارتقاء بالإنسان الفيصل في تطور الشعوب؛ ومهمة الحاكم تكون ببناء البشر قبل الحجر، وهذا ما كان من المغفور له- بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد قال: «إن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون وأن تقدم الشعوب والأمم إنما يُقاس بمستوى التعليم وانتشاره»، مؤكداً أن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي».

قفزة كبيرة في مجال التعليم

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/07/3344861.jpg

عاشت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ الثاني من ديسمبر عام 1971م، وبفضل رؤية وتوجيهات وجهود المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مرحلة تعليمية جديدة؛ فقد حدثت قفزة كبيرة في مجال التعليم؛ فتأسست الوزارات الاتحادية، ومنها وزارة التربية والتعليم والشباب- ثم سميت وزارة التربية والتعليم- التي حملت على عاتقها مسؤولية الإشراف على التعليم في مراحله المختلفة، وانتشرت المدارس الحكومية المجهزة بأحدث الأجهزة والوسائل، وشاركت البعثات التعليمية القادمة من مختلف البلدان العربية دولة الإمارات في نهضتها الناشئة؛ وسارعت لتسهم في تطور التعليم الحديث، ما أدّى إلى زيادة نسبة المتعلمين في الدولة، وتسارعت الخطى للقضاء على الأمية، حتى اصبحت الإمارات في وقتنا الحاضر قبلة للمتعلمين وعاصمة للعلم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تضم فروعاً لأفضل وأعرق المدارس والجامعات العالمية، بالإضافة إلى عشرات من الجامعات الوطنية ذات السمعة الأكاديمية المرموقة، التي تصنف ضمن أفضل الجامعات على مستوى العالم.


مناهج وطنية تلائم مجتمع الإمارات

في خطاب لسموه في دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الرابع، قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: «وجهت الحكومة اهتمامها إلى بناء المواطن الصالح وتوسيع قاعدة التعليم ونشره لإعداد الأجيال من المتعلمين والمثقفين من أبناء البلاد، وقد حقق التعليم تطورات واسعة خلال هذا العام.. وتم إعداد السياسة التربوية والمناهج الوطنية التي تلائم مجتمع الإمارات وتستمد أصولها من القيم والمثل الإسلامية، كما صدرت لائحة تنفيذية لقانون التعليم الخاص لتحقيق الرقابة على التربية والتعليم في المدارس الخاصة».

لقد أولى المغفور له- بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التعليم عناية كبيرة؛ فهو حكيم العرب، وهو يؤمن ببصيرته النافذة ورؤيته الثاقبة وسياسته الواعية، أن المستقبل يفتح ذراعيه لمن يمتلك ناصية العلم ويلج إلى بوابة المعرفة؛ فبالعلم يرتقي الإنسان، وبه يعلو البنيان، وبه أيضاً تخضرّ الصحراء، ويزيد النماء. بالعلم يطيب العيش لمن أراد النهضة والتقدم والازدهار؛ وقد جاء الكثير من التشريعات الرائدة التي تجعل العلم حقاً للجميع.

أدرك الشيخ زايد منذ إعلان قيام الدولة، أن العلم والعمل هما الطريق نحو رفعة الأمة وتقدمها وبناء الإنسان، فسارع إلى إعطاء الأوامر السامية ببناء المدارس ومراكز التعليم في مختلف مناطق الدولة، كما أمر باستقدام المدرسين والمدرسات من الدول العربية الشقيقة لتعليم أبناء الإمارات وزرع الأخلاق والعلوم في عقولهم ونفوسهم، وخلال سنوات قليلة فقط قامت الدولة ببناء المدارس وتم إرسال الطلاب نحو المدارس، وتوفير كل ما يحتاجون إليه من كتب وقرطاسية وثياب ووسائل نقل وغيرها من المستلزمات التعليمية، حتى تعاقبت الأجيال المتعلمة إلى أن توجت المسيرة التعليمية في الدولة بافتتاح جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 1977، وبعد أن كانت المناهج الدراسية في الدولة مأخوذة من الدول العربية المجاورة خصوصاً الكويت، قامت وزارة التربية والتعليم بإنشاء مناهج تعليمية خاصة بها تتماشى مع ما يجب أن يتعلمه الطالب الإماراتي في المراحل الدراسية المختلفة، ولتكون هذه المناهج على أعلى مستوى وآخر ما تضمنته العلوم الحديثة وفي مختلف المواد.

إن المتتبع لمسيرة التعليم يدرك تماماً ما أعطاه المغفور له من اهتمام كبير لهذه المسيرة، ففي خطاب المغفور له الشيخ زايد في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني للمجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 20 نوفمبر 1974 وجه سموه إلى توسيع قاعدة التعليم ونشره في أرجاء البلاد، وجاء في الخطاب: «وقد وجهت الدولة اهتماماً كبيراً لنشر التعليم في أرجاء البلاد إيماناً منها بدور العلم في بناء الإنسان وتحقيق التقدم، فتوسعت الحكومة في بناء المدارس والمنشآت التعليمية في جميع مناطق الدولة».

وفي الرسالة التي أرسلها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلى المؤتمر العالمي للتعليم من أجل الجميع المنعقد في تايلاند بتاريخ 5/3/1990 أشار سموه إلى نشر التعليم، فقال: «ولم تكتفِ الدولة ممثلة في وزارة التعليم بتعميم التعليم الابتدائي والتوسع الكمي فيه، بل وضعت لنفسها برنامجاً طموحاً يهدف إلى توفير فرص تربوية وتعليمية أفضل للتلاميذ في هذه المرحلة من خلال تحسين وتطوير كل ما يتصل بالعملية التربوية من مناهج وكتب وأبنية مدرسية، بالإضافة إلى مواصلة تحسين الأداء ورفعه لدى الموجهين التربويين والإدارات المدرسية والمعلمين، كما أنها تتطلع إلى رفع مستوى التعليم من خلال تبني نظام معلمي الفصل في المرحلة التأسيسية».

وبالقدر نفسه من الاهتمام فإن المغفور له كان يحرص على تطوير التعليم العام، وتحديث مناهجه ووسائله، ويدعو إلى التواصل مع المؤسسات والمنظمات الدولية، للوقوف على أحدث النظم التربوية، كما جاء في أحد خطاباته: «حرصت الوزارة على تنمية النشاط الثقافي والفني، واتباع أحدث النظم التربوية في المناهج وطرق التدريس، من خلال اتصالها المستمر بالمنظمات والمؤتمرات الدولية، والخبراء في مجال التربية والتعليم».

وأولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، اهتماماً كبيراً بالبعثات الخارجية، لما تقوم به من دور كبير في مواكبة الحضارة المعاصرة وإعداد أجيال تتولى صنع الحضارة الوطنية، لذلك دعا في افتتاح الفصل التشريعي الثالث من مارس 1977 إلى: «توجيه المزيد من الاهتمام إلى رعاية المبعوثين من أبنائنا في الخارج، وإعداد الكوادر الوطنية في التخصصات المختلفة لتسهم بدورها الأصيل في بناء الوطن».

تويتر