«أبونا العود».. مازلت فينا المُلهم وحادي الركب

لا يغيب من له كل هذا الحضور في الوجدان، لا يغيب من يستقر في ذاكرة الأمة وضميرها في صورة رجل متفرّد بحكمته وحنكته وصبره وتضحياته، حتى غدا منجزه الوحدوي الفريد والكبير، بعد عقود، شاهداً على نجاح تفتقده أمة بأكملها، لتقف الإمارات بفضله شامخة عزيزة قوية وثّابة لا يحدُها طموح ولا يلين لها جانب، في محيط قلق مضطرب يتحسس الناس فيه حدود بلادهم في الصباح والمساء، وليتأكد الإماراتيون يوماً بعد يوم أن ما صنعه زايد في ديسمبر 1971، بنظره الثاقب وقراءته الحصيفة للمستقبل، منجز عظيم لا يدانيه إنجاز، يخلده التاريخ، وتصدقه الجغرافية وتحفظه ذاكرة الأمة جيلاً بعد جيل، وتسترشد به في كل شأن.

في الذكرى الـ11 لوفاة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يقف الإماراتيون من السلع حتى الفجيرة، بكل ما في المشاعر من إجلال لروح القائد المؤسس والمعزّز والمرسّخ، باني المجد، ومشيد الصروح، بعزيمة لا تلين، مركزاً على الإنسان الذي أولاه كل رعاية واهتمام، فجعله هدف التنمية ووسيلتها ومبتغاها، حتى غدا الإنسان الإماراتي معزّزاً مكرماً، أينما حل وارتحل في الكون الفسيح، تفتح له حدود الدول الكبرى بلا أي عوائق.

وغدت الإمارات موئلاً لكل من يبتغي النجاح والفلاح، ووطناً لأحلام عظيمة لم تتوقف عند حدود الأرض، بل جاوزتها إلى عنان السماء، كما أضحت هذه الدولة المتسامحة الصديقة لكل العالم، التي وصل عطاؤها إلى أصقاع الكون كله، مهوى أفئدة كل من ينشد الدعة والسلام والعيش بأمان واستقرار ورفاه، ضمن أسعد شعوب الأرض.

لا يغيب زايد لأنه حاضر في الذاكرة والقلوب، حاضر في قلوب أطفالنا وكراساتهم، وفي وجدان كل مدرس ومدرسة، وطبيب وطبيبة، ومهندس ومهندسة، في صلوات الأمهات وأدعية الموظفين والعاملين على امتداد الوطن، بره وبحره وصحرائه، نرى محياه البهي في كل صرح طبي، وفي كل مدرسة وجامعة ومعهد وملعب، وفي كل شارع وجسر وسوق ومطار وميناء ومصنع ومزرعة، نراه في ابتسامات أطفالنا، ونحفظه مع كل نشيد وطني، ونلهج بالدعاء له في كل صلاة. لا يغيب من أسس الأوطان بالعقل قبل البنيان، وسيبقى «زايد» الملهم والمعلم وحادي الركب، نستلهم من حكمته ما يعزّز مسيرتنا، وننهل من بحره الوافر ما يمدنا بالقوة لنستمر في بناء الإمارات النموذج الحضاري المتقدم.

«المنهج اللي رسمته يا أبونا العود.. عليه باقين والآمال تتجدد»، قالها محمد بن راشد آل مكتوم يوماً، وكأنه يتحدث بلسان كل المواطنين، وفاءً لرجل ليس ككل الرجال، رجل فذ افتقدته أمة بأكملها، فـ«نم قَريرَ العينِ بَعْدَ التَّعَبِ.. يا أبي الأكبرَ مِنْ بَعْد أبي».

نم قرير العين يا «زايد»، فعزاء الإماراتيين أن الرجال الذين حملوا الراية من بعدك على نهجك سائرون، ومن حكمتك ناهلون، ومن إرثك للنور والخير ناشرون.

تويتر