المرشد الأسري

■ يقول قارئ: أشعر بفجوة بيني وبين أبنائي في رمضان، خصوصاً وقت الإفطار، فكيف أجعل من الشهر الكريم فرصة لتنظيم حياتي، وبناء جسر التواصل مع أبنائي؟

■■ يجيب المستشار الأسري عيسى المسكري: قائلاً إن رمضان أنفاس معدودة، وأيام محددة تجري سريعاً من بيننا ما لم ننظم أولوياتنا، ونرتب احتياجاتنا، ونتعرف إلى أدوارنا، فمن كان قادراً على إدارة وقته في رمضان وجد بركة في الوقت، وبركة في العمر، وبركة في العمل، تزداد هذه البركة في شهر البركة، فالمهمات العظيمة تنجز في رمضان أسرع من بقية أشهر السنة، فالوقت القليل له بركته، والوقت الذي تقضيه مع أهلك في البر والخير له بركته، فمن لم يجد في رمضان فرصة لإعادة تنظيم حياته مع نفسه ومع أبنائه، فمتى سيجد فرصة أفضل من هذه الفرصة يجلس فيها معهم يتودد إليهم ويقترب إليهم.

اغتنم فرصة الإفطار مع أبنائك لتجاذب أطراف الحديث معهم، وفتح باب الود والمحبة وتقوية الروابط الحميمية، استمع إلى آرائهم، وأنصت إلى مقترحاتهم، وتعرف إلى متطلباتهم، فجلسة كل يوم مع أبنائك كفيلة بأن تحيي في قلوبهم روح التكاتف، وترفع مستوى الحس الودي الذي يترك وراءهم الشعور بالحرية والشفافية، فيبوح أحدهم بأسراره، ويفضي باحتياجاته، ويبوح بمشاعره، ولا تكون هذه الجلسة ناجحة إلا إذا كانت بعيدة عن الملهيات، مثل التلفاز وغيره.

وتعظم فائدة هذا التآلف عندما يكون اجتماع الأسرة قبل الإفطار بدقائق على الذكر والدعاء، كما أن هناك محطات أخرى تبث روح المحبة عندما تجتمع الأسرة، صغيرها وكبيرها، على صلاة التهجد، فالمسافة التي تقضيها ذهاباً إلى المسجد وعودة إلى المنزل لها دور في تقريب الود والمحبة، كما أن في وقت السحور نفحة روحية، وفرصة إيمانية عندما تجتمع الأسرة على مائدة السحور والاستغفار.

ولا تخفى علينا عظمة هذا الشهر الذي يلمّ الشمل، ويؤلف القلوب، ويجمع ولا يفرّق، فالأسرة المتلائمة تكون قادرة على التواصل مع أرحامها، كما أن التنوع في الزيارات وتبادل العلاقات لهما الأثر الكبير في التقارب والتآلف. محطات عديدة قادرة على أن تحدث تغييراً في محيط الأسرة، وتترك بصمة باقية في صدور الأبناء، خصوصاً عندما تقوم الأسرة برحلة إيمانية إلى بيت الله الحرام، تجتمع فيها المتعة والعبادة، وتمتزج فيها معاني التضحية والوفاء، فالسفر مدرسة تستشف من أبنائك صفاتهم، وتتعرف إلى شخصياتهم، وتدرك معادنهم، فعمرة في رمضان روضة للقلوب، ترسم في مخيلتهم مكانة العبادة في نفوسهم، وعظمة هذا الشهر في قلوبهم.

تويتر