دراسة نشرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية: نجاح التوطين في غير «الحكومية» محدود

نسبة التوطين في القطاع العام مرتفعة.. و99% من موظفي «الخاص» وافدون

أبرز التحديات التي تواجه «التوطين» غياب الجانب الإحصائي الحديث من الجهات المعنية. تصوير: نجيب محمد

أفادت دراسة بحثية، نشرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، بأن نسبة النجاح المتحققة من التوطين في القطاع الخاص «محدودة»، مؤكدة أنه توجد نسبة عالية من الموظفين المواطنين في القطاع العام، وفي المقابل يهيمن الوافدون على القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 99% من الوظائف.

فيما أكدت وزارة العمل حرصها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية بما يعزز مشاركة المواطنين في القطاع الخاص وتحقيق المرونة واستقطاب الكفاءات ورفع الإنتاجية، وكذلك تحقيق استقرار سوق العمل في إطار التوازن بين مصالح طرفي الإنتاج وفق التشريعات الوطنية ومعايير الجودة والكفاءة والشفافية.

5 تدابير لتحسين «التوطين»

اقترحت دراسة بحثية نشرتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية، اتخاذ حكومة الدولة خمسة تدابير لتحسين نتائج التوطين، هي: «معالجة الفجوة في الأجور بين القطاعين العام والخاص، والتأكد من توفير فرص العمل للمواطنين المؤهلين، حيثما كان ذلك ممكناً، قبل إصدار تصاريح عمل للعمالة الوافدة، وإدخال أهداف التوطين إلى مؤسسات القطاع الخاص التي ترغب في الحصول على عقود من الحكومة، لضمان الحصول على دعم القطاع الخاص للتوطين، وتوفير فرص التدريب المكثف للمواطنين الساعين للحصول على وظائف، والمواءمة بين احتياجات سوق العمل ونظام التعليم العالي».

واعتبر رئيس لجنة التوطين بالمجلس الوطني الاتحادي، حمد الرحومي، أن أبرز التحديات التي تواجه عملية التوطين، تتمثل في غياب الجانب الإحصائي الحديث من قبل الجهات المعنية. بينما اختلف المدير التنفيذي لبرنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية، عيسى الملا، مع نتائج الاستطلاع، مؤكداً نجاح استراتيجية الدولة في توطين 13 ألف وظيفة خلال السنوات الـ10 الماضية.

تفصيلاً، ذكرت دراسة بحثية أجرتها مؤسسة «الوقفي وفورشتنلشتنر»، بشأن عوائق التوطين في الدولة عن عام 2014، أن سوق العمل الإماراتية فريدة من نوعها، حيث تعتمد اعتماداً كبيراً على موظفين من مختلف أنحاء العالم، وفي حين أن هناك نسبة عالية من الموظفين المواطنين في القطاع العام، فإن الوافدين يهيمنون على القطاع الخاص، ويستأثرون بنسبة تصل إلى 99% من الوظائف في القطاع الخاص.

وأضافت: «في وقت مبكر من تسعينات القرن الماضي، شرعت حكومة الإمارات في تنفيذ سياسة طموحة للتوطين، بهدف إيجاد فرص للعمالة الوطنية في مؤسسات القطاعين العام والخاص، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، واشتملت أدوات التوطين على عنصرين، أولهما فرض الحكومة نسباً للتوطين يتعين على المؤسسات العاملة في قطاعات محددة (المصارف والتأمين) الوفاء بها، والعنصر الثاني هو تحديد عدد تصاريح العمل المتاحة للعمال الوافدين، في بعض القطاعات والوظائف.

وهدفت الدراسة إلى تحليل فعالية سياسة التوطين على مدى العقدين الماضيين، والتحديات المرتبطة بها، موضحة أنها جمعت البيانات من خلال مقابلات شبه منظمة، اشتملت على عناصر نوعية وكمية، واستندت إلى آراء مديرين في مناصب عليا بمؤسساتهم، ومن ثم يعتبرون مصادر موثوقة حول التوطين ضمن المؤسسات التي يعملون بها.

وحددت عدداً من المحاور الرئيسة في المقابلات التي وفرت مزيداً من المعرفة حول تصورات الموظفين عن سياسات التوطين وفعالياتها، يدور المحور الأول حول معنى التوطين، الذي كان متبايناً لدى الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، وكان الفهم الأكثر شيوعاً للتوطين هو أولوية التوظيف للمواطنين في كلا القطاعين، العام والخاص، وهو ما أشار إليه 66% من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم، بينما فهمها 28% من عينة الدراسة على أنها تدريب وتطوير المواطنين، وقال 22% إنها برنامج لدمج المواطنين في القوى العاملة بطريقة مثمرة، فيما اعتبرها 16% إحلالاً للمواطنين بدلاً من العمالة الوافدة.

وقالت: «كان الفهم السائد لمدى فاعلية التوطين هو المحور الآخر الذي تم تحديده في المقابلات، إذ أفاد المشاركون بأن فعالية التوطين في القطاع العام أعلى بكثير من القطاع الخاص، ويعزى ذلك إلى عدد من العوامل، منها أن الفارق في الأجور بين العاملين المواطنين والأجانب، جعل شركات القطاع الخاص تقبل على تعيين الوافدين، وهناك قضية أخرى تتمثل في كون الاحتفاظ بالعاملين الإماراتيين أكثر صعوبة من الاحتفاظ بالأجانب، وذلك لأن المواطنين لديهم كثير من الخيارات الوظيفية».

من جانبها، أكدت وزارة العمل حرصها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية بما يعزز مشاركة المواطنين في القطاع الخاص وتحقيق المرونة واستقطاب الكفاءات ورفع الإنتاجية، وكذلك تحقيق استقرار سوق العمل في إطار التوازن بين مصالح طرفي الإنتاج وفق التشريعات الوطنية ومعايير الجودة والكفاءة والشفافية، موضحة أنها على صعيد توفير الفرص الوظيفية للموارد البشرية الوطنية في القطاع الخاص، حققت مراكز الخدمة «تسهيل» ـ التي تدار من قبل هذا القطاع بكوادر وطنية تحت إشراف الوزارة ـ نجاحات عدة بشأن تعزيز مشاركة الموارد البشرية الوطنية في سوق العمل، تمثلت في توفير فرص استثمارية طموحة لرجال الأعمال المواطنين من خلال تأسيس وافتتاح 40 مركزاً منتشرة على مستوى الدولة، وتوظيف أكثر من 900 مواطن ومواطنة.

إلى ذلك، أكد رئيس لجنة التوطين في المجلس الوطني الاتحادي، حمد الرحومي، أنه ليس منطقياً أن تضع الدولة خططاً حتى عام 2030، ولا تتوافر لديها بيانات مركزية واضحة عن المواطنين العاملين في القطاع الحكومي والخاص، وما يتبع ذلك من نقص دراية بنظرائهم من الخريجين ونسب البطالة بينهم، والفئات العمرية والنوع الاجتماعي، مشيراًُ إلى أن أبرز التحديات التي تواجه عملية التوطين، تتمثل في غياب الجانب الإحصائي الحديث، من قبل الجهات المعنية، لكن هناك توجهاً فعلياً لمسه خلال زيارته لمعرض التوظيف الأخير في دبي للاعتماد على الإحصاء ومحاسبة الشركات بالأرقام، سواء التي عينت أو فصلت موظفين مواطنين.

وقال الرحومي لـ«الإمارات اليوم»: «المواطن يقبل مضطراً المتاح من وظائف في القطاع الخاص، لكنه سرعان ما يترك هذه الوظيفة، نتيجة ضغوط العمل، أو قلة أيام الإجازات الأسبوعية مقارنة بالقطاع الحكومي، أو ضعف المردود المالي الناتج عن العمل في القطاع الخاص، وتالياً ينبغي أن تتقارب الرواتب والامتيازات بين الموظفين المواطنين في القطاعين الحكومي والخاص»، مضيفاً: «عندما ينظر المواطن إلى فرصة العمل في القطاع الخاص على أنها عمل مؤقت، فإنه سرعان ما يترك هذه الوظيفة باحثاً عن فرصة غيرها، ونحن لا نريد أن يتم تعيين 1000 موظف ثم يتركون العمل، وإذا ارتفعت نسبة ترك المواطنين للوظائف فإن ذلك لا يحقق الهدف من عملية التشغيل».

ودعا إلى ضرورة وضع آلية تتقارب فيها الحوافز والامتيازات للموظفين المواطنين بالقطاع الخاص، مع نظرائهم في القطاع الحكومي.

في المقابل، اختلف المدير التنفيذي لبرنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية، عيسى الملا، مع مضمون الدراسة بشأن محدودية نجاح التوطين، قائلاً: «يجب التفريق بين ضعف التوطين في القطاع الخاص، وبين تحفيز المواطنين على العمل لدى هذا القطاع، فحينما نعمل على التحفيز تكون النتائج جيدة جداً، وبرنامج كوادر نجح في توطين 13 ألفاً من خلال تحفيزهم وتشجيعهم على العمل لدى المؤسسات الخاصة، ومن ثم كان هذا التحفيز بمثابة قناعة وضمانة لتمسك المواطنين بالعمل».

وقال الملا، لـ«الإمارات اليوم»: «بكل تأكيد لم نحقق كل الأهداف الموضوعة بشأن التوطين حتى الآن، لكننا نسعى إلى ذلك باستراتيجية محددة ومدروسة، ونتائجها ستكون مفاجئة للجميع».

تويتر