عضو المجلس يتقاضى 25 ألف درهم راتباً تقاعدياً

أعضاء: مخصصات «الوطنــي» المالية تفتقد عنصر الإغراء

أعضاء الدورة قبل الماضية استفادوا من زيادة على مكافآتهم بواقع 6000 درهم لكل عضو. تصوير: إريك أرازاس

قال أعضاء في المجلس الوطني الاتحادي إن الأوضاع المالية لأعضاء المجلس لم تتغير منذ نحو ثمانية أعوام، على الرغم من صدور مكرمتين في عامي 2008 و2012، بزيادة رواتب العاملين في الحكومة الاتحادية 70% و100%.

49 توصية

تبنى المجلس الوطني الاتحادي 49 توصية خلال مناقشة 236 سؤالاً وجهها أعضاء المجلس إلى ممثلي الحكومة، على مدار 60 جلسة عقدت خلال الفصل التشريعي الـ15، الذي بدأ في 15 نوفمبر 2011، واستمر حتى نهاية الشهر الماضي، تناولت التوصيات قطاعات التوطين، والإسكان، والمعاشات، والضمان الاجتماعي، والصحة، والتعليم، وتوفير الخدمات وتطويرها.

وحسب تقرير حديث صادر عن الأمانة العامة للمجلس، فإن الأسئلة التي وجهها الأعضاء شملت قضايا تعليمية، وصحية، واقتصادية، واجتماعية، وأمنية، وبيئية، وخدمية، وبنية تحتية، وتوطين، ومعاشات، وقروض، وقضايا تخص المرأة، والشؤون المالية، وقضايا اجتماعية، والإسكان، وارتفاع الأسعار، والآثار والمتاحف والسياحة، والمالية، وغيرها.

وبينوا أن «هذه الزيادات لم تطل المخصصات المالية لأعضاء المجلس، وظل العضو يتقاضى مخصصاً مالياً مقطوعاً قدره 50 ألف درهم، طوال فترة تمثيله في البرلمان، تنخفض إلى 25 ألف درهم عند تقاعده بعد انتهاء الدورة البرلمانية».

والتقت «الإمارات اليوم» أعضاء في المجلس، منهم من تحدث على مضض، خصوصاً فاقدي الامتيازات المالية التي كانت مقررة لهم بحكم وظائف سابقة في قطاعات حكومية اتحادية كانوا يشغلون مناصب فيها، إذ يتقدم العضو باستقالته من وظيفته العامة الاتحادية، بمجرد حصوله على عضوية المجلس، بينما يستطيع العضو الذي يدير مؤسسة حكومية محلية أن يحتفظ بوظيفته، وأن يمارسها أيضاً.

وفي المقابل، وافق أعضاء على الحديث في الأمر من دون ذكر أسمائهم، لافتين إلى صعوبة التحدث بصراحة تامة عن أمر «يحتوي على حرج بسبب وجود شبهة مصلحة شخصية»، لكنهم أكدوا، في الوقت نفسه «إمكان طرح الأمر في مناقشة مع وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني، مزمع عقدها قريباً، حول تعريف الجمهور بدور المجلس».

تعديل أوضاع

وتبدأ تفاصيل الموضوع عندما حاول عضو المجلس سلطان جمعة الشامسي، خلال الفصل التشريعي الحالي، سؤال وزير الدولة للشؤون المالية عبيد حميد الطاير، عن تعديل أوضاع أعضاء المجلس السابقين والحاليين ضمن الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، لاسيما أن الأعضاء السابقين والحاليين حرموا من مكرمة صاحب السمو رئيس الدولة، في عام 2008، التي كيفتها وزارة الدولة للشؤون المالية بما لا يزيد على 6000 درهم للشخص.

وقال الشامسي لـ«الإمارات اليوم» إن «الأمر لم يتوقف عند مكرمة صاحب السمو رئيس الدولة، بل تضمن كذلك مكرمة سموه في عام 2012، التي حرم منها أعضاء المجلس أيضاً، فيما رد الوزير عبيد الطاير حينها بأن هذا الأمر ليس من اختصاص الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية».

وتابع الشامسي، وهو مقرر اللجنة التشريعية والقانونية، أن «أعضاء المجلس في الدورة قبل الماضية حصلوا على زيادة مرتبطة بمكرمة صاحب السمو رئيس الدولة، بواقع 6000 درهم على مخصصات المعاش التقاعدي، بينما ما تلاها (الفصل التشريعي السابق والحالي) لم يشهدا هذه الزيادة، على الرغم من وجود عدد كبير من الأعضاء كانوا يعملون في وظائف في الحكومة الاتحادية، وكانت رواتبهم مرتفعة جداً مقارنة بالمخصصات التي سيحصلون عليها من التقاعد حالياً».

وأكد أنه «لا يريد مصلحة شخصية من وراء هذا التعديل، بقدر ما يسعى إلى تعزيز دور المجلس عبر رفده بالكفاءات التي تعزف في الوقت الحالي عن خوض التجربة نظراً لضعف المميزات، وخسارة مميزات أخرى قد تكون أكثر من مميزات المجلس، إذا كان ذا وظيفة اتحادية، إذ يتعين عليه أن يتركها إذا ما نجح في الانتخابات».

وتشير المادة رقم 71 من الدستور الإماراتي إلى أنه «لا يجوز الجمع بين عضوية المجلس الوطني الاتحادي وأية وظيفة من الوظائف العامة في الاتحاد، بما في ذلك المناصب الوزارية».

ولفت الشامسي إلى أن «39 عضواً في المجلس ــ باستثناء الرئيس ــ لم تشملهم زيادات في مخصصاتهم المالية، على الرغم من أن هاتين المكرمتين من صاحب السمو رئيس الدولة شملتا الجميع، ابتداء من الأمانة العامة للمجلس حتى موظفي التشريفات، بينما لم تشمل الأعضاء».

ورصدت «الإمارات اليوم»، من خلال بيانات رسمية وخاصة وجود 11 عضواً في المجلس يعملون في دوائر حكومية محلية، وشركات مساهمة عامة، وأخرى في القطاع الخاص، من بين 40 عضواً يمثلون إجمالي أعضاء المجلس.

استقالة حكومية

وفي السياق ذاته، قال عضو المجلس من إمارة الفجيرة، سلطان سيف السماحي، إن «معظم الأعضاء الذين كانوا يعملون في دوائر حكومية محلية في بعض الإمارات، لم يضطروا إلى تقديم استقالاتهم، مثلما حدث مع نظرائهم ممن يعملون في الحكومة الاتحادية، إذ اضطررت إلى تقديم استقالتي من العمل الحكومي الاتحادي بعد دخول المجلس».

وكان السماحي يعمل في مؤسسة الإمارات للاتصالات «اتصالات» في إمارة الفجيرة، وهي مؤسسة اتحادية، بينما لا يضطر عضو المجلس المنتخب أو المعين الذي يدير أو يعمل في مؤسسة حكومية محلية، أو شركة مساهمة عامة، أو حتى في شركات القطاع الخاص إلى تقديم استقالته، بل يمكنه ممارسة مهام عمله في البرلمان والدائرة أو الشركة معاً.

وطالب السماحي بـ«إجراء تعديل لأوضاع أعضاء المجلس، خصوصاً من خسروا وظائفهم الحكومية الاتحادية، ومن حصلوا على لقب (صاحب السعادة)، وبعد خروجهم من الدورة البرلمانية يفقدون تلك الامتيازات، لاسيما المالية منها، إذ يحصل العضو طوال فترة العضوية على 50 ألف درهم شهرياً، تتقلص إلى النصف بعد خروجه من المجلس».

وأشار إلى «الأوضاع التي يعيشها عضو المجلس بعد خروجه من البرلمان، إذ يضطر إلى البحث عن عمل جديد بعدما فقد عمله السابق في الحكومة الاتحادية، آملاً استعادة وضعه المالي الذي يتأثر بانخفاض المخصصات المالية المقررة له».

وقال إنه «من الممكن تجنيب الأعضاء ذلك بتثبيت المكافأة المالية عند 50 ألف درهم بعد الخروج من المجلس»، معتبراً أن «إجراء مثل هذا التعديل سيزود المجلس بكفاءات جيدة، وسيخدم الأعضاء المستقبليين أيضاً».

وتشير المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2004، بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 1974، إلى أن «عضو المجلس الوطني الاتحادي يمنح مكافأة شهرية شاملة قدرها 25 ألف درهم»، تضاف إليها مكرمة من صاحب السمو رئيس الدولة قدرها 25 ألف درهم أخرى، ليصبح إجمالي ما يتقاضاه عضو المجلس خلال فترة التمثيل البرلماني 50 ألف درهم.

خدمة الوطن

وقال مسؤول في اللجنة المالية والاقتصادية في المجلس، طلب عدم ذكر اسمه، إن «عضو المجلس يمارس دوره في خدمة الوطن والمجتمع، بينما يفترض ألا يعتبر التكسب المالي غرضاً رئيساً له، لكن إذا كانت المخصصات المالية للأعضاء مناسبة لمتطلبات الحياة، فإن ذلك سيعد أمراً إيجابياً».

وأشار إلى أن «عضو المجلس الوطني ليس متفرغاً بنسبة 100% لأعمال المجلس، وإنما سمح له الدستور بممارسة بعض الوظائف والمهام في حكومات محلية وشركات تتبع القطاع الخاص، أو أن يمارس نشاطاً تجارياً مثلاً، وينبغي أن نفكر في أن خدمة الوطن تشريف لأي برلماني».

تعديل دستوي

وفيما تحفظ أعضاء على الحديث في هذا الأمر، خشية أن يفسر ذلك على أنه «طلب شخصي»، قال عضو مطلع على الأمور التشريعية ولائحة المجلس الداخلية، إنه «لا توجه لإجراء تعديلات على لائحة المجلس في هذا الصدد خلال الفصل التشريعي الحالي، كما يحتاج الأمر إلى تعديل دستوي أولاً»، لكنه أشار إلى أن «استقطاب كفاءات جيدة إلى العمل البرلماني مرتبط بالامتيازات المالية».

وشرح: «قد يفكر الشخص كثيراً قبل تقديم أوراقه للترشح إلى عضوية المجلس، كما أن بعض الأعضاء الحاليين يحصلون على راتبين أو ثلاثة رواتب من جهات مختلفة، وهذا أمر مفهوم، فإذا لم يكن العضو كذلك فإنه سيواجه مشكلة مالية في ما بعد»، مضيفاً أن «بعض الأعضاء الحاليين يملكون شركات ومؤسسات، وآخرون يملكون أبراجاً سكنية تدر عليهم أموالاً وفيرة، بينما تجد أعضاء يفتقدون هذه الرفاهية، ومنهم من خسر وظيفة حكومية حتى يتمكن من الالتحاق بالمجلس، ولم يعد يملك سوى راتبه التقاعدي، والغالبية من هؤلاء لن ينخرطوا في عمل».

قانون خاص

وقال مسؤول رفيع في الأمانة العامة للمجلس، طلب عدم ذكر اسمه، إن «أعضاء المجلس لهم قانون خاص بهم في المكافآت، ولا تشملهم الزيادات الاتحادية التقليدية».

وأقر بأن «أعضاء المجلس في الدورة قبل الماضية استفادوا من زيادة على مكافآتهم بواقع 6000 درهم لكل عضو، وهو ما لم يتحقق في الدورتين اللاحقتين، وربما هذا ما يسعى الأعضاء للحصول عليه ويطالبون به»، مضيفاً أن «المخصصات المالية للأعضاء أمور خاصة بالحكومة، وحتى تُعدل ينبغي أن يصدر بها قرار تشريعي».

تويتر