117 ألف متقاعد يعيشون «الارتباك الإداري» للهيئة

«المعاشات»: مصير20 موظفاً مواطناً وأسرهم مرهون بـقرار «مجلس الإدارة» اليوم

«الهيئة» تدير أموالاً للمشتركين ناهز مجموعها 41 مليار درهم. أرشيفية

أبلغت مصادر عاملة في الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية «الإمارات اليوم»، بأنهم «يعيشون حالة إحباط وظيفي بسبب تعرضهم لما وصفوه بـ(محاكمات إدارية عقابية)، من قبل إدارة الهيئة، كونهم لجأوا إلى القضاء يطلبون الإنصاف في تسكينهم على درجاتهم الوظيفية، فيما ستعرض ملفات 20 موظفاً مواطناً على مجلس إدارة الهيئة، اليوم، لاتخاذ اللازم بحقهم، وهو أمر قد يصل في أقصى صوره إلى إنهاء خدماتهم». وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها، إن «تحويل هذا العدد من الموظفين المواطنين إلى التحقيق على مدار الأسبوعين الماضي والحالي، أسفر عن حالة ارتباك عامة في العمل الأصلي المكلفين به، والمتمثل في رعاية مصالح نحو 117 ألف ملف يخص متقاعدين ومشتركين من المواطنين، ما انعكس بشكل سلبي على مستوى الخدمة المقدمة إلى تلك الشريحة».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2015/04/289191.jpg

حنان السهلاوي


أموال المشتركين

حسب المصادر العاملة في مكاتب الهيئة في أبوظبي ودبي، فإن «الهيئة تدير أموالاً للمشتركين ناهز مجموعها 41 مليار درهم (حسب بيانات داخلية)، تستثمر منها نحو 36 ملياراً و200 مليون درهم، في حين أن هذه الأموال جديرة بدق ناقوس خطر لحمايتها، لاسيما في ظل عدم وجود نظام إلكتروني موثوق به حالياً، كما لم تقدم مستندات مالية حتى الآن منذ العام الماضي».

ووصفت مصادر في الهيئة ملاحظات نشرتها «الإمارات اليوم» في وقت سابق بـ«الجوهرية»، على غرار ظهور مبالغ غير معرفة على النظام الإلكتروني للهيئة، تقدر بما يزيد على 300 مليون درهم، تخص اشتراكات جهات حكومية وخاصة لدى تسعة بنوك وطنية، الأمر الذي يعود إلى اتباع طريقة التسوية اليدوية لهذه المبالغ، دون إثباتها على النظام الإلكتروني، علاوة على إمكانية ضياع مبالغ أخرى تقدر بـ70 مليون درهم كلفة إنشاء نظام إلكتروني غير مجدٍ يفرز بيانات خاطئة، إلا أن مصادر متطابقة في الهيئة من أبوظبي ودبي، أكدت أن «الهيئة لم توضح أرقام البيانات المالية للمتقاعدين والمشتركين».

وكانت المتحدثة باسم الهيئة، حنان السهلاوي، قالت لـ«الإمارات اليوم» في وقت سابق، إن «قرارات الهيئة تصدر عن مسؤولين على اتصال مباشر بمجلس الإدارة، ولا يتم أي إجراء بصورة تعسفية، وكل هذه الأمور الإدارية هدفها الارتقاء بالعمل، وتلبية متطلبات الحكومة وخدمة الجمهور».

لكنها قالت في تصريح لمحطة «الظفرة» الفضائية، مساء أمس، إن «توجيهات مجلس إدارة الهيئة تنص على احترام القرارات التي ستصدرها المحكمة تجاه هذا الأمر، وإن الهيئة مارست حقها في التحقيق مع الموظفين لمعرفة من أين تسربت هذه المعلومات، وهذه الوثائق، خصوصاً بموظفين آخرين، وأي نشر للبيانات يعد اعتداء على حقوقهم». وأشارت السهلاوي إلى أن «سياسة أخلاقيات الوظيفة في لائحة موظفي الهيئة تحتم على كل موظف عدم إفشاء أي معلومات سرية دون موافقة الإدارة المسؤولة عن ذلك، وأن الموظفين لو طلبوا هذه البيانات عبر الجهات القضائية لكنا لبينا الطلب وأرسلنا المستندات إلى المحكمة»، لكن موظفين علقوا على تصريح المتحدث الرسمي للهيئة بأنه «غير دقيق، لأن المحامي الخاص بهم طلب أكثر من مرة أمام هيئة المحكمة هذه المستندات، فيما أنكرت الهيئة وجود تعيينات جديدة أصلاً»، لافتين إلى أنهم «يملكون مستندات رسمية بمعرفة المحكمة تثبت هذه الرواية، وتؤكد مدى استخفاف الإدارة بطلباتهم».

إشارات سلبية

وتفصيلاً، قال موظفون في الهيئة، إن «أسلوب الإدارة في التفاهم مع الموظفين يحتوي على إشارات سلبية عدة، فلم تلتفت الإدارة كثيراً إلى الأخطاء الفنية والتقنية والمالية التي أسفرت عن عدم صدور بيانات مالية للهيئة طوال العام الماضي، في حين تم التركيز على تخويف بعض الموظفين، وحرمانهم من مستحقات مالية وفق السلم الوظيفي، وأدى ذلك إلى فوارق مالية بين موظفين اثنين على الدرجة المالية ذاتها تصل إلى 30 ألف درهم».

وأشاروا إلى أن «أسلوب التخويف المتبع حالياً جعل الموظفين المواطنين ومن يرتبطون بهم من أسر وعائلات يعيشون حالة نفسية سيئة، خشية أن تتخذ إجراءات عقابية ضدهم في اجتماع مجلس الإدارة، قد تصل إلى الاستغناء عن خدماتهم، كما أدى الارتباك الإداري كذلك إلى إسراع الموظف في إنجاز معاملات وملفات تخص متقاعدين من دون إعطائها المزيد من الوقت للتدقيق الجيد، خوفاً من أن يواجه الموظف باتهام تأخير المعاملات، على الرغم من لجوئنا إلى عدالة القضاء والقانون».

وأوضحوا أن «اتهام الهيئة لهم بإفشاء أسرار العمل، يأتي بعد سبعة أشهر تقريباً من تقديم هذه (المستندات السرية) حسب وصف الإدارة، بينما هذه البيانات تم إطلاعنا عليها من قبل لجنة التحقيق، وهي بيانات تخص موظفين حاليين وتقع ضمن اختصاصات إدارة الموارد البشرية، ولا يوجد موظف واحد من بين الذين خضعوا للتحقيق يعمل في هذه الإدارة، ولماذا لم يجر تحقيق في حينه عن كيفية تسريبها، بدلاً من الانتظار أشهراً طويلة بعدها، إذ قدمت إلى المحكمة في شهر سبتمبر من العام الماضي؟».

وتابعوا أن «هذا التحقيق يبدو صورياً، كأنه أداة إدارية للتحضير لقرارات ربما تكون معدة سلفاً من قبل إدارة الهيئة بالاستغناء عن خدماتنا، أو توقيع عقوبات إدارية قاسية بحقنا ومن نعول من أسر وأطفال، كما أن البيانات ذاتها متاحة للاطلاع عليها من قبل جميع موظفي الهيئة، فلماذا يتم اتهامنا نحن فقط دون الآخرين بتسريبها؟».

تحقيق إداري

وخضع 19 موظفاً مواطناً من المقر الرئيس للهيئة في أبوظبي ومكتب دبي لتحقيق داخلي على مدار الأسبوعين الماضي والجاري، وهم موظفون من درجات إدارية عليا ومتوسطة، على خلفية قضايا رفعوها ضد الهيئة، يطالبون فيها بالمساواة في الامتيازات المالية والإدارية مع نظرائهم من المعينين الجدد، بعد تسكين الموظفين في السلم الوظيفي، فيما خضعت أمس، موظفة عائدة من إجازة للتحقيق ذاته، ليكتمل عدد الموظفين الذين لجأوا إلى القضاء.

وشمل القرار المرسل إلى الموظفين، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على صورة منه، كلاً من: مدير إدارة الشؤون المالية والإدارية، ومدير إدارة المستحقات التأمينية في الهيئة، ومدير إدارة الاشتراكات بالوكالة، ورؤساء أقسام التحصيل، وضم الخدمة، والتسجيل، وموظفين بدرجة مشرف مركز تابع للهيئة (مركزي الطوار والمنارة)، ورؤساء أقسام المستحقات التأمينية، ومد الحماية التأمينية للعاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، ورئيس قسم التحصيل سابقاً، إضافة إلى إداريين ومحاسبين، وجميعهم مواطنون.

تويتر