قرقاش: الإمارات ترصد هذه الجرائم بكل شفافية

خبراء: قانون الاتجار في البشر المعدّل ينتصر للضحايا

اعتبر مسؤولون وخبراء، خلال حلقة نقاشية نظمتها شرطة دبي، أمس، أن التعديلات التي أضيفت للقانون الاتحادي رقم (51) لسنة 2006 بشأن مكافحة جرائم الاتجار في البشر، وأصدرها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بموجب القانون رقم (1) لسنة 2015 تمثل نقلة نوعية للدولة على مستوى المنطقة، في إطار مكافحة هذه الجريمة، ويصل عددها إلى نحو 12 تعديلاً شملت جوانب عدة.

إيواء طفلة استغلها أبواها في مراقص

قالت المدير التنفيذي لمراكز إيواء النساء والأطفال في أبوظبي، سارة إبراهيم شهيل، إن المراكز آوت 219 حالة منذ إنشائها في عام 2008 وحتى الآن، من بينهم ثلاث قاصرات يحملن جنسيات دول عربية أعيد تأهيلهن، وطفلة عمرها خمس سنوات استغلها أبواها باصطحابها إلى مراقص وأندية ليلية بهدف الاتجار بها، وتم إيواء الطفلة وتوفير الرعاية اللازمة لها، ثم التواصل مع أسرتها في بلدها بعد حبس أبويها وتسليمها لخالتها، ومتابعة حالتها بشكل دوري.

مسؤولية الضحية

قال أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي في أكاديمية شرطة دبي، الدكتور خالد موسى توني، إن التعديلات شملت التوسع في تحديد صور الاستغلال في جريمة الاتجار بالبشر، كما تضمن القانون تغييرات جوهرية بشأن العقاب، سواء العقوبات الأصلية أو المشددة، واعتبار كل من تدخل في الجريمة فاعلاً أصلياً، والمساواة في العقاب بين الشروع في الجريمة والجريمة التامة.

وأضاف أن القانون المعدل تناول لأول مرة مسؤولية الضحية في جرائم الاتجار في البشر، وإمكانية مساءلته جنائياً إذا أسهم بنفسه دون خضوع لأي إكراه مادي أو معنوي في تنفيذ الجريمة، أو إذا كان وافداً وأخل بعقد العمل ونظام الإقامة.

وشرح وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر، الدكتور أنور محمد قرقاش، أن القانون المعدل ينتصر بشكل مطلق للضحايا، إذ يعاقب على مجرد الشروع في الجريمة بعقوبة الجريمة التامة، كما يوفر بنص صريح الحماية الكاملة للضحية.

وقال قرقاش إن هناك تقديراً دولياً لدور الإمارات في مكافحة جرائم الاتجار في البشر، وبغض النظر عن بعض التقارير التي تخرج عن السياق، فإن الدولة تعد سنوياً تقريراً شفافاً يرصد بشكل دقيق مؤشر هذه الجريمة في الإمارات والإجراءات التي اتخذت لمكافحتها.

وذكر القائد العام لشرطة دبي، اللواء خميس مطر المزينة، أن القانون الاتحادي المعدل رقم (1) لسنة 2015 يؤكد سعي المشرع الإماراتي إلى سد الثغرات القانونية التي ربما تقوض المسار الإجرائي في هذه القضايا الحساسة، خصوصاً تلك المتعلقة بضحايا الاتجار في البشر.

فيما كشفت المدير التنفيذي لمراكز إيواء النساء والأطفال في أبوظبي، سارة إبراهيم شهيل، عن خدمة تقدمها المراكز لضحايا الاتجار في البشر اللائي لا يستطعن العودة إلى بلادهن، لاحتمالات قتلهن أو استغلالهن مجدداً، وهي التواصل مع مفوضية شؤون اللاجئين ومنحهن جنسيات وهويات مختلفة، لافتة إلى أن ثلاث نساء يحملن جنسيات دول عربية، استفدن من هذه الخدمة وحصلن على جنسيات دول أجنبية.

وتفصيلاً، قال قرقاش إن القانون يعد إضافة إلى إنجازات الإمارات في مجال مكافحة الاتجار في البشر، لافتاً إلى أن الإمارات سبقت دول المنطقة في إصدار قانون مستقل لمكافحة الاتجار في البشر سنة 2006، وأعقبته بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، والآن تصدر قانوناً معدلاً يعزز من الإجراءات الوقائية من هذه الجريمة، ويحمي الضحايا في المراحل كافة، ويشدد العقوبات على المتورطين.

وأشار إلى أن هناك مظاهر مختلفة لجريمة الاتجار في البشر تشمل الاستغلال الجنسي والعمل القسري، لافتاً إلى أن هذا النوع من الجرائم يزداد في المجتمعات الأكثر فقراً، فترصد فيها حالات صارخة للاتجار في البشر تطال النساء والأطفال على وجه الخصوص.

وأوضح أن «الإمارات لا تعاني هذه الظاهرة، لكنها كأرض فرص يقبل عليها الأخيار للعمل، وكذلك فئة من المجرمين الذين يحترفون الاتجار في البشر، لكن لدينا برنامج ممنهج بدأ مبكراً لمكافحة هذه الجريمة حتى بات لدينا خبرة كافية في تطوير الأدوات والأساليب التي تحجمها تماماً».

وتابع قرقاش أن الاتجار في البشر جريمة عبر وطنية، لذا يجب أن يكون هناك تعاون دولي لمواجهتها، كما أن هناك تفاوتاً في مستوى تعاون الدول، والإمارات تحرص من جانبها على إيواء الضحايا ورعايتهم وإعادة تأهيلهم بطرق مختلفة وإنسانية.

وأفاد بأن التعديلات الجديدة في قانون الاتجار بالبشر تعكس التزام الدولة بالتطبيق التام للمعايير الدولية، واستراتيجية الأمم المتحدة التي تقوم على خمس ركائز هي: الوقاية والمنع والملاحقة القضائية والعقاب وحماية الضحايا وتعزيز التعاون الدولي.

إلى ذلك، قال القائد العام لشرطة دبي، اللواء خميس مطر المزينة، إن صدور القانون المعدل يعكس سعي المشرع الإماراتي إلى سد الثغرات القانونية في هذه القضايا الحساسة، لافتاً إلى أن شرطة دبي نفذت حزمة من البرامج لرفع مستوى الوعي المحلي بجرائم الاتجار في البشر. وأشار إلى أن المتابعة الدائمة من قبل لجنة مكافحة الاتجار بالبشر من قبل وزارة الداخلية أظهرت أداء فاق التوقعات وأسهم في خفض مؤشر هذه الجرائم إلى حد كبير حسب إحصاءات السنوات الأخيرة.

وقال وكيل الوزارة المساعد لشؤون المجلس الوطني، مقرر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، دكتور سعيد عمير الغفلي، إن التعديلات الجديدة في القانون تدعم موقف ومصداقية الدولة في مكافحة الاتجار في البشر، وتتواكب مع تطور الجريمة عاماً بعد آخر، وتتزامن مع تطور المنظومة التشريعية بشكل عام في الامارات.

إلى ذلك، قالت المدير التنفيذي لمراكز إيواء النساء والأطفال في أبوظبي، سارة إبراهيم شهيل، إن أبرز ما تضمنتها تعديلات القانون الجديد مواد تدعم ضحايا الاتجار بشكل مباشر، منها المادة 1 مكرر 2 التي تنص على تعريف الضحية والشاهد بحقوقهما وعرضها على جهة طبية لتلقي العلاج النفسي أو العضوي، وإيداعها أحد مراكز الإيواء وتوفير الحماية الأمنية لها وللشاهد، والسماح لها بالبقاء في الدولة إذا اقتضى الأمر ذلك.

واقترحت اقتطاع أموال من المتورطين في الاتجار وإنفاقها على الضحايا سواء داخل الدولة، أو حتى بإنشاء مشروعات لهم في بلادهم، لأن الضحية، خصوصاً المرأة، تمر بحالة نفسية سيئة للغاية ويصعب عليها تجاوز محنتها بعد ترحيلها.

وكشفت أن بعض الضحايا اللاتي وردن إلى المركز كن مصابات بأمراض عضوية خطرة، تحتاج إلى عمليات جراحية وتم تقديم الرعاية اللازمة لهن، والتواصل معهن حتى بعد ترحيلهن، معتبرة أن هذا النوع من الرعاية يعكس أخلاق وقيم المجتمع الإماراتي، لافتة إلى أنه يتم كذلك تعليم الضحايا حرفاً يدوية بالتعاقد مع فنادق وجهات مختلفة لتدريبهن حتى يستطعن المضي قدماً في حياتهن بعد ذلك.

وذكرت مدير إدارة البرامج والبحوث في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، بدرية الفارسي، أن تضمين القانون مادة عن حماية الضحية أمر مهم، لافتة إلى أن المؤسسة تستعين بشرطة دبي وشركة أمن خاصة لتأمين الضحايا اللاتي تؤويهن.

وذكر مدير إدارة فحص ومتابعة القضايا عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، المحامي العام سلطان بن جويعد، أن التعديلات الجديدة حددت ضمانات كثيرة لضحايا الاتجار بالبشر، ووفرت الحماية الكاملة لهم، كما راعت الإدراك عند الضحية، سواء كان نفسياً أو إعاقة، ووضع إجراءات وعقوبات مشددة في هذا الجانب.

تويتر