تسببت في حبس وكلاء ومديري شركات مخولين التوقيع بدلاً من المالك

محامون يطالبون بتعديل مادة «شيكات المعاملات التجارية»

محامون يؤكدون ضرورة التدخل تشريعياً في المادة «599» لإزالة اللبس. الإمارات اليوم

طالب محامون ومستشارون قانونيون بتعديل نصوص المادة رقم 599 من قانون المعاملات التجارية (القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993)، الخاصة بشرط إصدار الشيك، التي تنصّ على أنه «لا يجوز إصدار شيك ما لم يكن للساحب لدى المسحوب عليه وقت إصدار الشيك نقود يستطيع التصرف فيها، بموجب شيك، طبقاً لاتفاق صريح أو ضمني، وعلى من سحب الشيك أو أمر غيره بسحبه لحسابه أداء مقابل وفائه، ومع ذلك يكون الساحب لحساب غيره مسؤولاً شخصياً قبل المظهرين، والحامل دون غيرهم عن إيجاد مقابل الوفاء، وعلى الساحب دون غيره أن يثبت عند الإنكار أن من سحب عليه الشيك كان لديه مقابل الوفاء وقت إصداره، فإذا لم يثبت ذلك كان ضامناً وفاء الشيك، ولو عمل الاحتجاج بعدم الوفاء بعد المواعيد المقررة قانوناً».

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، أن تلك المادة فيها كثير من الغموض، ما أدى إلى حبس أشخاص يعملون وكلاء لصاحب مؤسسة أو مديرين مخولين التوقيع على الشيكات، مشيرين إلى أنه يجب محاكمة هؤلاء الأشخاص جنائياً فقط، في حال توقيعهم على شيكات المؤسسة دون رصيد، وألا يتم مطالبتهم بسداد قيمتها، لأن مسؤولية الوفاء بقيمة الشيكات في تلك الحالة تعود إلى المؤسسة ذاتها، وليس الوكيل الذي وقّع.

وتفصيلاً، طالب المحامي المستشار القانوني، ضياء المهدي، بتدخل تشريعي في هذه المادة، وتعديلها لإزالة اللبس بين أحكام القانون المختلفة، بحيث تعفي الموقع على الشيك أو الساحب لحساب غيره بمقتضى أحكام الوكالة أو مدير المؤسسة الفردية، وأن يتحمل المسؤولية مالك المؤسسة، كما اتجهت لذلك أحكام محكمة التمييز في دبي.

وأضاف أنه في الواقع العملي من خلال قضايا كثيرة في محاكم الدولة، تم حبس عدد من المتهمين، وفقاً لهذه المادة، موضحاً أن المنشأة الفردية هي جزء من ذمة مالكها، وليست لها شخصية اعتبارية مستقلة، حسب قانون الشركات التجارية، ما يعني أن الشخص المخول التوقيع حتى لو كان مديراً لهذه الشركة هو مجرد وكيل عن الساحب (مالك المنشأة)، الذي يتحمل الالتزامات الصادرة عنها حتى لو أمر غيره بإجرائها.

وأشار المهدي، إلى أن أحكام الوكالة في قانون المعاملات المدنية تفيد بأن المالك أو صاحب المنشأة يتحمل المسؤولية عن الأعمال التي أداها الوكيل، طالما كانت في حدود وكالته، مؤكداً أنه يفهم من ذلك أن هناك تناقضاً في الأحكام المترتبة على قانون المعاملات التجارية، وقانون الشركات، والقانون المدني.

ولفت إلى أنه «طبقاً لقانون المعاملات المدنية، لا يُسأل الوكيل مدنياً عن ذلك، طالما كان في حدود وكالته، وطبقاً لقانون الشركات التجارية، فإن المؤسسة الفردية ليست لها شخصية اعتبارية مستقلة، لكنها جزء من ذمة مالكها الخاص، أي أن مالكها يتحمل المسؤولية القانونية عن جميع التصرفات الصادرة عنها بما فيها إصدار شيك».

وتابع المهدي، أن «محكمة التمييز في دبي نظرت قضية استئناف، كان المتهم فيها مدير أحد الفنادق، لتوقيعه شيكات دون رصيد، في حدود وكالته المخول بها من إدارته للفندق، وقضت بعدم إلزامه بسداد قيمة الشيكات، مع تحمله المسؤولية الجنائية، وقالت في حيثيات حكمها، إنه من المقرر أن المؤسسة التجارية ليست لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية مالكها أو صاحب الترخيص التجاري، بل تعتبر عنصراً من عناصر ذمته المالية، ما يعني أن مالك الفندق يضمن وفاء الشيكات، ولا يكون مدير الفندق مسؤولاً حتى لو صدر عليه حكم بالإدانة جزائياً، لأنه كان مجرد وكيل عن الفندق ومالكه». من جهته، ذكر المحامي ماجد الجلاف، أن «تلك المادة تحتاج إلى تعديل تشريعي لإزالة الغموض واللبس في النصوص التشريعية، ومقتضى أحكام القانون، لأنه في حال تطبيق قانون المعاملات التجارية وفق هذه المادة، يتم حبس الموقع على الشيك، حتى لو كان وكيلاً أو كان مخولاً التوقيع، ما لا يتناسب مع أحكام الوكالة ومقتضياتها، ولا يتناسب مع كون مالك المنشأة الفردية مسؤولاً على التزاماتها، باعتبار أن الذمة المالية للمنشأة لصيقة بذمته المالية».

وأشار الجلاف إلى أن المحكمة الاتحادية العليا قضت في إحدى القضايا في عام 2011، بأن المؤسسة التجارية الخاصة والمنشأة الفردية ليست لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخص مالكها أو صاحب الترخيص التجاري لها، وليست لها ذمة مالية مستقلة عنه، ومن ثم فهو المسؤول عن التزاماتها، كما قضت محكمة النقض في أبوظبي في قضية أخرى بمسؤولية صاحب المنشأة التجارية الفردية عن الالتزامات والتصرفات التي تجري باسمها، سواء صدرت عنه شخصياً أو عمن عينه مديراً لها، أو من تركه يتعامل مع الغير باسمها».

وأضاف أنه وفق نص المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية «يكون للحكم الجزائي البات الصادر بالبراءة أو الإدانة، حجة تلتزم بها المحاكم في الدعاوى المماثلة، التي لم يكن قد فصل فيها بحكم باتّ، ويكون لحكم البراءة هذه القوة، سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون».

وأشار المحامي إبراهيم الحوسني، إلى أنه «من المفترض من الناحية المدنية أن الذي يتحمل قيمة الشيك هو صاحب الحساب، وليس الوكيل الذي وقع على الشيك، وأن من يتحمل المسؤولية الجنائية هو من وقع، سواء كان وكيلاً أو مديراً مخولاً التوقيع أو صاحب الشركة نفسه، فالمؤسسة تتحمل الالتزامات بموجب الشيكات».

وطالب بضرورة «تعديل المادة بحيث تلغى فقرة أن الوكيل يتحمل المسؤولية المدنية، فهي يجب أن يتحملها صاحب الشركة وليس الوكيل».

تويتر