«المعرفة الأول»: الشاب العربي يعاني مشكلة الهوية والانتماء

البيلاوي: الانتقال إلى اقتصاد المعرفة دون تخطيط يزيد البطالة

المشاركون في جلسة «إدماج الشباب العربي في نقل وتوطين المعرفة». تصوير: أشوك فيرما

أكد الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية، الدكتور حسن البيلاوي، أن انتقال المجتمعات من الاقتصاد الصناعي إلى المعرفي، سيتسبب في زيادة نسبة البطالة بين الشباب العربي، مفيداً بأن الشركات والهيئات ستنتقي الأفضل والأكثر قدرة على الإنتاج.

انهيار لغوي

أكد الباحث في الاجتماع بجامعة محمد الخامس في المغرب، الدكتور إدريس بلسعيد، أن العالم العربي يعيش في مرحلة انهيار لغوي خطير، وطلبتنا لا يعرفون اللغة العربية، سواء من خلال التواصل أو الكتابة، ولا يعرفون اللغات الأجنبية، موضحاً أن كبرى الدول تفرض خمس لغات، على الطالب معرفتها للوصول إلى مجتمع المعرفة، أولها اللغة الأم وهي المدخل الأساسي، ثم معرفة لغة العالم أي الإنجليزية، ولغة الرياضيات، ولغة العلوم في التكنولوجيا الحديثة، ومعرفة المفاتيح الأساسية للعلوم الإنسانية والفلسفة.


فجوة رقمية

قال المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو، الدكتور زياد الدريس، إن معظم الشباب العربي يستخدم الهاتف الذكي والتكنولوجيا للترفيه والاستهلاك، في حين أن الشباب الأجنبي يستخدمونه للمعرفة وتطوير الذات، ما يشير إلى وجود فجوة رقمية.


3 محاور

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/234829.jpg

قال العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، جمال بن حويرب، إن المؤسسة ستحدد بالتعاون مع الأمم المتحدة، ثلاثة محاور مهمة من نتائج دراسة تقرير المعرفة العربي 2014، والعمل على تطويرها ومحاولة وضع مسارات للتغيير، إضافة إلى زيادة الوعي.

وأضاف أن التقرير سيرفع مباشرة إلى صناع القرار في الدول العربية، لرصد الحالة التي يعانيها الشباب العربي وتشخيصها، ثم وضع الحلول المناسبة.

وأكد بن حويرب أن المعرفة موجودة في جميع الدول العربية، لكن بمستويات مختلفة، إذ إن بعضها لديها مستويات منخفضة جداً من المعرفة، لكن لا يمكن قياسها دون مؤشر لقياس المستوى الذي وصلت إليه الدول، موضحاً أن الوطن العربي يتحدث عن الفجوة في العلم بيننا وبين العالم المتقدم منذ عام 1932، من القرن الماضي، ولازلنا نتحدث عن الفجوة لكن دون إصلاحات تذكر.

وأوضح البيلاوي، خلال جلسة «إدماج الشباب العربي في نقل وتوطين المعرفة»، في مؤتمر المعرفة الأول، أن منظمة اليونسكو أكدت أن اقتصاد المعرفة ليس الأفضل بين الاقتصادات، بل يجب التنوع فيها لتقليل نسب البطالة، واحتواء الشباب في عدد من الوظائف، إضافة إلى تحقيق الاعتماد الذاتي، خصوصاً في الدول العربية.

وأضاف أن مجتمع المعرفة يختلف عن اقتصاد المعرفة، إذ إن الأول يعد أشمل في العلوم الاجتماعية، والفنون، وحقوق الإنسان في هذه المجتمعات، وهو مشروع يمهد للانتقال إلى التقدم الحضاري، مشيراً إلى أن اقتصاد المعرفة يركز على الربح من المعرفة المكتسبة، ويتطلب عمالة عالية المهارة والمعرفة، ويقوم على 20% من رأس المال في البنية التحتية، وسيتلخص 80% من رأس المال في الربح، وبعكس الاقتصاد الصناعي 80% في البنية التحتية، و20% للربح، ما يجعل المستثمر يتوجه إلى اقتصاد المعرفة.

وأفاد البيلاوي بأن علاج البطالة في مجتمع المعرفة، يجب أن ينتقل إلى المؤسسات الجديدة التي تقوم على التدريب، كما تقوم بها المجتمعات الأجنبية، إلا أن الدول العربية الأقل في تدريب العمالة وتسخير رأس المال الاستثماري لتدريبهم، الذي يستمر فقط ستة أشهر، مضيفاً أن المؤسسات التي تقوم على التعليم التطبيقي في الصناعة، هي الوحيدة التي تدرب الشباب وتكسبهم مهارات تؤهلهم لنقل وتوطين المعرفة.

وشدد على أن إصلاح الجامعات في الوطن العربي إحدى الضرورات، للانتقال إلى مجتمعات المعرفة ثم اقتصاد المعرفة، مضيفاً: «ينبغي أن ترتبط الجامعات بمراكز البحث، وليس فقط التدريس والتلقين».

ولفت إلى أن الجامعات على مستوى العالم غير مرتبطة بالحكومات، ولديها الحريات الكافية للاتجاه إلى التفكير العلمي النسبي لحل المشكلات العالمية، مؤكداً أن المشكلات التي تنبغي دراستها أكاديمياً هي الأسس المعرفية للفرد والمجتمع، التي تتطلب إطلاق استخدام العقل من النقل إلى التفكير العقلاني، إضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بين الشباب.

من جانبه، قال الباحث في الاجتماع بجامعة محمد الخامس في المغرب، الدكتور إدريس بلسعيد، إن البطالة إحدى ضرائب مجتمع المعرفة التي يعانيها المجتمع الحديث، خصوصاً أن مدخلات المعرفة الحالية لا تواكب التحول في سوق العمل، مشيراً إلى أن مجتمع المعرفة ليس مجتمع معلومات فقط، بل وضع هذه المعلومات داخل نسق وإيجاد خيوط رابطة، منها قيم وأخلاق المعرفة.

وأضاف أن «تقرير المعرفة العربية يشير إلى أن الشاب العربي يعاني مشكلات عدة تؤثر في انتقاله إلى بناء المجتمع المعرفي، أهمها مشكلة الهوية والانتماء، هل هو وطني أم عربي أم مسلم، أم أنه مواطن عالمي».

وقالت الأستاذة في المعهد العالي للتعليم والتدريس المستمر في تونس، الدكتورة نجوى غريس، إن الدراسة الميدانية لتقرير المعرفة العربي، شملت عينة ضمت أكثر من 3000 شاب عربي في الدراسة الجامعية على مستوى أربع دول عربية، هي الإمارات والأردن والمغرب وتونس، وركزت على وضع الشباب العربي والبيئات التمكينية، وآليات النقل والتوطين، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

وأشارت إلى أن النتائج جاءت غير مرضية بالنسبة للمهارات والقيم والفاعلية والمواطنة والانفتاح، وتبين أن متوسط مستوى المهارات المعرفية لدى الشباب العربي55,81%، مقارنة بمستوى المهارات لدى الشباب الأجنبي، وقد حقق الشباب الإماراتي النسبة الأعلى إذ بلغت 64,01%.

وتابعت أن «الضعف الفادح في المهارات ركز على ضعف الشباب في امتلاك اللغة الإنجليزية، ومهارات التواصل بها، ثم ضعف مهارات التواصل باللغة العربية»، مؤكدة أن «اللغة هي العامل الرئيس للتواصل والإبداع وإنتاج المعرفة، وإن لم يمتلكها الطالب العربي فلن يتمكن من الوصول إلى النتائج المطلوبة».

وأوضحت غريس أن «الدراسة أظهرت أن القيم الضرورية للاندماج الفاعل في عمليات نقل وتوطين المعرفة حققت مستوى أعلى من المهارات بلغ 69,24%، إلا أنها تحتاج إلى المتابعة والتأكد من وجودها»، مضيفة أن الشباب الإماراتي حقق أيضاً مستوى أعلى 70,8%.

وأشارت إلى أن النتائج أظهرت أيضاً فروقاً في المهارات بين الطلبة، وضعفاً عاماً في التواصل بين طلبة العلوم الإنسانية، خصوصاً في اللغة، في حين أن طلبة الهندسة الأعلى في العلوم والمعرفة، إذ إنهم أظهروا التميز عن بقية التخصصات التي ركزت عليها الدراسة، مضيفة أن الطلبة في العينة البحثية، عدا الإماراتيين، انتقدوا بشكل كبير أسلوب التدريس في الجامعات وأساليب التقييم، وأظهروا عدم ثقة بالحكومات والمجتمعات العربية في إنجاح عملية نقل وتوطين المعرفة.

من جهته، بيّن المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو، الدكتور زياد الدريس، أن الوطن العربي أكبر مخزون للمعرفة، إذ إن نحو نصف سكان المنطقة تحت سن الـ25، ويمكن أن يعطي هذا المخزون نتائج إيجابية إذا تم توظيفه بطريقة مناسبة، وقد يخلق فوضى إن لم يتم توظيفه بالشكل المناسب.

وأضاف أن الشاب العربي يعاني المواطنة المبهمة، ولا يعرف التفريق بين واجباته وحقوقه، بسبب اختلاف مستويات العدالة الاجتماعية، موضحاً أن اللغة العربية بالمرتبة الثالثة عالمياً في الإقبال على تعلمها بعد الإسبانية والصينية، حسب إحصاءات «اليونسكو»، مشيراً إلى أن الشباب العربي يتجه إلى تعلم لغات أخرى، ولا يركز على لغته اﻷم، مع أنه لا تستطيع أي أمة التطور دون لغتها.

وقال وزير التربية والتعليم الأسبق في مصر، الدكتور يسري الجمل، إن الثورة المعرفية لابد أن تواكبها ثورة تعليمية ليحدث التطور من اكتساب المعرفة، وإنتاجها إلى الإبحار بها، مضيفاً أن دور المعلم سيتغير من إيصال المعلومة فقط إلى تحفيز القدرات الخاصة لدى الطالب على مختلف المستويات.

وأضاف أن المرحلة المقبلة من التعليم ينبغي أن تهتم بالتعلم الذكي عن طريق الأجهزة المحمولة، وليس فقط التعلم الإلكتروني أو التعلم التقليدي.


الطراونة: جامعات عربية تحارب الإبداع عند الشباب

أكد رئيس الجامعة الأردنية، الدكتور اخليف الطراونة، خلال جلسة «استراتيجيات الدمج الناجع للشباب العربي في عمليات نقل وتوطين المعرفة»، أن الجامعات العربية تحارب الإبداع، على الرغم من الاستراتيجيات والخطط في مجال التطوير والإبداع، للانتقال إلى مجتمع المعرفة.

وأوضح أن الجامعات تضع معايير محددة للقبول ضمن مهارات ودرجات محددة، دون النظر إلى التميز الذي يمكن أن يكون لدى الطالب، مضيفاً أن التشريعات تعرقل الوصول إلى المستويات العليا من الإبداع لدى الطلبة، خصوصاً عند التركيز على عوامل لا تساعد في تميز الطالب بناءً على مهاراته.

وتابع الطراونة أنه ينبغي تعزيز ثقافة التميز لدى الشباب، من خلال الجامعات والمحاضرات التي تحفزهم على التفكير، لكن لا يمكن فقط التركيز على الجامعات في وضع أسس التطوير، بل التركيز كذلك على مرحلة ما بعد التخرج، إذ إن الجهات سواء الحكومية أو الخاصة تركز على نقاط معينة لقبول الخريجين، وبسلم رواتب لا يتناسب وإمكانياتهم.

وأضاف أن الدول العربية تعمل من خلال الجامعات والجهات، التي توظف في قوالب موحدة بعيدة عن الإبداع وثقافة تميز الموهوبين وإعطائهم حقوقهم في الوصول إلى مجتمع المعرفة، وبالتالي تحقيق اقتصاد المعرفة، مضيفاً أن العالم العربي لديه ثروة حقيقية في الشباب إلا أنه يواجه البطالة والبطالة المقنعة، وعرض نموذج لدولة الإمارات ودول عربية أخرى في تفضيل المواطن الانضمام للعمل في جهات حكومية ذات رواتب مغرية وساعات عمل أقل، ما تسبب في صنع أكثر من فرصة عمل لوظيفة لا تحتمل أكثر من موظف واحد.

من جانبها، انتقدت مديرة المعهد العالي العربي للترجمة في الجزائر، الدكتورة أنعام بيوض «التحدث عن التعليم الجامعي وكيفية تطويره، دون التطرق إلى اللغة المستخدمة في المراحل التعليمية العليا»، موضحة أن الشباب العربي يواجه إشكالية كبرى، إذ إن اللغة العربية هي المستخدمة في المراحل الثانوية، ومن ثم يتم التغيير إلى لغات أخرى حسب تاريخ الدول، إذ إن دول المغرب العربي تستخدم الفرنسية، ودول الخليج تستخدم الإنجليزية في الدراسات العليا.

من جانبها، قالت مديرة مكتب البحوث المؤسسية والتقييم في الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتورة كرمة الحسن، إن الجامعات أنشئت لتلبية حاجة المجتمع لإخراج قدرات نوعية بين الشباب، ليتمكنوا من العمل والإبداع ضمن الخطط الاستراتيجية، لكن ينبغي توفير المعطيات لتخريج شباب قادر على الإبداع.

تويتر