مشاركون في الملتقى ثمَّنوا دعم الإمارات للاقتصاد المصري

«أبوظبي الاستراتيجي» يؤكد أهمية مصر في استقرار المنطقة

مشاركون في الملتقى أكدوا أن التطورات الداخلية في مصر أثرت على دول المنطقة. من المصدر

أجمع خبراء وسياسيون مشاركون في جلسات اليوم الثاني من ملتقى «أبوظبي الاستراتيجي»، الذي نظمه مركز الإمارات للسياسات، بالتعاون مع وزارة الخارجية، أن استعادة مصر لدورها المحوري والاستراتيجي من شأنه أن يعيد التوازن إلى المنطقة، مشددين على أهمية استقرار وأمن مصر بالنسبة للمنطقة عموماً ودول مجلس التعاون خصوصاً.

وأكدوا أن الأحداث التي تشهدها مصر على الصعيد الداخلي تؤثر في المنطقة ودول الخليج، موضحين أنه عندما ضعفت مصر اختل التوازن في عدد من الدول، مثل العراق وسورية وليبيا.

وأكد مؤسس وعميد كلية الشؤون العامة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وزير الخارجية المصري السابق، السفير نبيل فهمي، أن «الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي هو مصري لديه حس وطني قوي، ويؤمن بأن مصر يجب أن تعود إلى عصرها الذهبي بطريقة حديثة، ويتطلع لتحقيق الأمن والسلام، ويعرف أن الطريق إلى ذلك يبدأ من التعافي الاقتصادي».

مواجهة «داعش»

قال رئيس ومدير «المجلس الأطلسي» في واشنطن، ولتر سلوكومب، إن الولايات المتحدة لا تقدر على مواجهة «داعش» وحدها من دون وجود حلفاء فاعلين، خصوصاً من الجانب العراقي الموجود على الأرض، مضيفاً أن التحالف الدولي يشن غارات ناجحة، لكن الضربات غير كافية وحدها، خصوصاً مع ما أظهره «داعش» من قدرة على التعامل مع هذه الضربات والحد من تأثيرها.

من جانبه، دعا رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سامي الفرج، إلى استغلال القوة الاقتصادية التي تتمتع بها دول الخليج العربي، خصوصاً السعودية والكويت والإمارات، للتأثير في مجرى الأحداث العراقية، داعياً إلى قيام مشروعات اقتصادية استراتيجية مشتركة بين الطرفين، منها على سبيل المثال ميناء الفاو، الذي يعد مشروعاً حيوياً للعراق يأمل في إنجازه.

وثمن فهمي الدعم الخليجي للاقتصاد المصري، خصوصاً المقدم من دولة الإمارات، لافتاً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تدرك جيداً أهمية مصر، وأنه لا يمكن لمصر أن تتعافى وتعود إلى ريادتها بمعزلٍ عن الوضع الإقليمي، لذلك تؤمن الحكومة المصرية بأهمية التعاون مع الدول الأخرى للقضاء على الإرهاب.

ولفت إلى أن ما شهدته مصر خلال الأربع سنوات الماضية كان بسبب مجموعة من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وغيرها، مشيراً إلى أنه يجب على دول الشرق الأوسط التعامل مع هذه التغيرات لتتفادى ما قد تسببه من انتشار للفوضى، مؤكداً أن مصر تتحمل المسؤولية الكبرى في ذلك، كونها تضم ربع سكان الشرق الأوسط، ما يجعلها الأكثر تأثيراً في المنطقة.

طموحات المصريين

من جانبها، أكدت مديرة مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة ابتسام الكتبي، أهمية مصر بالنسبة لدول مجلس التعاون، لافتة إلى أن ما يحدث في مصر يؤثر في عموم الدول العربية، وكذا دول التعاون، في ظل تنافس جيوسياسي على المنطقة.

وأشارت الكتبي إلى أن مصر كانت أمام خيارين، الأول أن تكون مشروعاً للإخوان المسلمين، بما كان يهدد بوقوع المنطقة في صراعات مذهبية، عابرة للحدود، وبالتالي حرمان عموم المصريين من تبني نموذج تنموي واقتصادي سياسي ناجح، والخيار الثاني أن تكون مصر نموذجاً للدولة الوطنية التي تحرص على تحقيق طموحات المصريين، بما سينعكس إيجاباً على التوازن الإقليمي في المنطقة.

وأكدت أن نموذج مصر الإخوانية لم يكن يتفق مع رؤية دول مجلس التعاون، لما يتبناه هذا النموذج من أفكار متطرفة ومشروعات خلافة تتجاوز دول المنطقة إلى العالم بأسره، موضحة أن «الإخوان» لا يتبنون مشروعاً وطنياً، وإنما مشروعاً خاصاً بهم، في حين أن نموذج مصر الوطنية يلتقي مع الرؤية الاستراتيجية لدول مجلس التعاون، لما يحققه من طموحات لعموم المصريين، والمساهمة في إعادة الاستقرار إلى دول المنطقة، سواء في سورية أو العراق أو ليبيا.

ولفتت الكتبي إلى أن دعم الإمارات والسعودية لمصر، لم يكن يهدف إلى خلق دولة تابعة، وإنما لتكون مصر دولة قوية وحليفة، ومساعدتها على استعادة دورها الإقليمي، مشيرة إلى أنه عندما ضعفت مصر اختل التوازن في المنطقة العربية، وهذا ما حدث في سورية والعراق وليبيا.

وأشارت إلى جملة من التحديات التي تواجهها مصر حالياً، منها البيروقراطية والمشكلات الاقتصادية والأمنية، والتهديد الإخواني لاستقرار الأوضاع، معتبرة أن هناك صعوبة في دمج جماعة الإخوان في العملية السياسية بمصر، فهي جماعة إقصائية للآخرين، ولا يتصور مستقبل مصر بدمج هذه الجماعة، إذ أثبتت التجربة فشل هذه الفرضية.

خسائر الاقتصاد

من جانبه، سلط مدير «مركز العمل الإنمائي» في القاهرة، السفير محمد أنيس سالم، الضوء على وضع الاقتصاد المصري، الذي تكبد خسائر كبيرة خلال الأحداث التي شهدتها مصر في الأربع سنوات الماضية، مشيراً إلى أن مصر في الأشهر الأخيرة استعادت دورها الاستراتيجي، وعملت على تحقيق النمو الاقتصادي، بفضل الدعم المالي الكبير الذي تتلقاه من دول مجلس التعاون الخليجي، ما شكل حامياً لمصر من اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، الذي يملي عليها اشتراطات هي في غنى عنها.

من جانبه، قال رئيس تحرير مجلة «وجهات نظر»، أيمن الصياد، إن مصر تمر بمرحلة تحول، ومن الأهمية أن يدرك من يحكم مصر الأسباب التي دفعت الشعب المصري للثورة مرتين في 25 يناير و30 يونيو، وأن يتفهم أن 60% من المجتمع المصري من الشباب الذين يتطلعون إلى العوالم الأخرى، ولنظرائهم في الدول الأخرى، مؤكداً أهمية إرساء مبدأ المواطنة وفقاً لما ينص عليه الدستور، بغض النظر عن الانتماء السياسي، وأن الاستقطاب السياسي ليس حلاً للمستقبل، بل إن تطبيق مبادئ العدالة والمساواة هو المدخل نحو الاستقرار.

بدوره، أكد رئيس تحرير صحيفة «سعودي غازيت» بالرياض، خالد المعينا، أن مصر ظلت على مدار التاريخ تلعب دوراً قيادياً في العالم العربي، معتقداً أن مصر هي التي تحدد الاتجاه، وتتبعها بقية الدول العربية، مضيفاً أن التطورات الداخلية بمصر أثرت بلا شك في دول المنطقة، فاستقرار وأمن مصر مهمان بالنسبة لدول الخليج، معتبراً أن ما تمر به مصر حالياً مرحلة انتقالية.

وأكد أهمية عدم وضع مصر تحت وطأة القيود الخارجية، فهي دولة ذات سيادة، وقادرة على أن تعتمد على نفسها، لافتاً إلى أن ثورة 30 يونيو كانت نابعة من إرادة المصريين نحو التغيير إلى الأفضل، والعيش كغيرهم من الشعوب.

واستعرض الباحث في مركز التقدم الأميركي، بريان كانوليس، الموقف الأميركي تجاه التطورات التي شهدتها مصر في الثلاث سنوات الماضية، مبيناً أن العلاقة الأميركية المصرية مرت بتغيرات مختلفة، مؤكداً أهمية تطوير هذه العلاقات، وألا تقتصر على مسألة الدعم العسكري لمصر في إطار اتفاقية كامب ديفيد، مؤكداً أهمية الحوار المتبادل حول التحديات التي تواجه مصر في مرحلة التحول، ودعم مصر في مواجهة المشكلات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها في الوقت الراهن.


أحداث العراق

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/10/210366.jpg

ناقش المتحدثون في الجلسة السابعة لملتقى «أبوظبي الاستراتيجي»، أثر الأحداث الجارية في العراق على دول الخليج العربي، حيث ركز العضو المنتدب في شركة منار للاستشارات وإدارة مشاريع الطاقة، في أبوظبي، جعفر الطائي، على الأسباب الرئيسة التي أدت الى الوضع المأساوي الذي يعانيه العراق، ومنها عدم فهم الولايات المتحدة الأميركية إلى الآن لخصوصية العراق وتنوعه، وغياب الاستراتيجية الواضحة لدى العراقيين أنفسهم حول المستقبل، وعدم وجود رؤية واضحة لدى العرب في تعاملهم مع العراق.

وانتقد الطائي الاعتماد المفرط من قبل الطبقة السياسية العراقية على الولايات المتحدة، معتبراً أن السلوك الأميركي يوحي بأنهم يريدون عراقاً متشرذماً ومنقسماً على نفسه.

من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مجموعة ترجمان المساعد الخاص للسفير الأميركي في العراق، علي الخضيري، أن العراق يعتبر مسألة أمن وطني بالنسبة لأميركا، مشيراً إلى الترابط الوثيق ما بين حالتي الاستقرار الأمني والاستقرار السياسي في بلد متنوع مثل العراق، حيث لدى كل طائفة هواجسها ومخاوفها من الطائفة الأخرى.

وعبّر الخضيري عن ارتياحه تجاه حكومة العبادي، وقدرتها على تجاوز الأخطاء التي ارتكبتها حكومة المالكي، خصوصاً ما قامت به من تهميش لطوائف معينة على حساب طوائف أخرى، ولم يخف ارتيابه من تعيين الغضبان وزيراً للداخلية، خصوصاً أنه محسوب على العهد البعثي القديم.

تويتر