قال إن تحذيرات الإمارات سبقت صعود «داعش» السريع

قرقاش: الإمارات مستعدة للعمل الجماعي ضد التطرف والكراهية

قرقاش: هناك حاجة مُلحَّة لتعزيز فهمنا المشترك للتحديات الإقليمية والعالمية. وام

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الدكتور أنور قرقاش، في افتتاح اجتماع لـ«منتدى أبوظبي الاستراتيجي»، استعداد الإمارات للعمل، في إطار جماعي، ضد كل أشكال التطرف والكراهية. وقال إن النمو الاقتصادي يعدُّ أكثر إجراءات الوقاية فاعلية ضد الأيدولوجيات المنحرفة، محذراً من تعرض السلام والاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط للخطر.

وتابع قرقاش أن هناك حاجة مُلحَّة، في هذه الأوقات المضطربة، إلى تعزيز فهمنا المشترك للتحديات الإقليمية والعالمية، وتوحيد تفكيرنا الاستراتيجي لمواجهة التهديدات الناشئة، موضحاً أن هناك تحديات كثيرة «غير مسبوقة» نواجهها اليوم، وهي الحرب الطائفية في سورية والعراق، الناتجة عن أنظمة الحكم القمعية، والظهور السريع لتنظيم «داعش» المدعوم بوصول المقاتلين الأجانب من أرجاء العالم، وأعمال العنف من جانب الميليشيات، وفشل الدولة في ليبيا، والهجمات ضد سيادة اليمن من جانب المتمردين الحوثيين الممولين من الخارج، وأعمال العنف الأخيرة في غزة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

مصر تستعيد مكانتها التاريخية

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الدكتور أنور قرقاش، أن أي استراتيجية تهدف إلى إحلال السلام والاستقرار والاعتدال في العالم العربي تتطلب نجاح مصر، مشيراً إلى أنه بعد سنوات من عدم الاستقرار بدأت مصر أخيراً بالعودة إلى الأمن والتنمية، وهي في طريقها إلى استعادة مكانتها التاريخية والضرورية في قلب العالم العربي، وهذا الأمر في غاية الأهمية لمنطقتنا بأكملها، ويُعد إحلال الاستقرار والاعتدال في مصر حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي ويقف حاجزاً أمام انتشار التشدد. وأكد أنه يتعين على المجتمع الدولي تقديم كل وسائل الدعم المتاحة إلى الحكومة المصرية لمنع البلاد من العودة إلى الانزلاق نحو الفوضى وعدم الاستقرار.

وأضاف أن الإمارات والسعودية تحملتا جزءاً كبيراً من المسؤولية عندما تعلق الأمر بدعم التنمية الاقتصادية في مصر، والدرس الذي تعلمناه خلال السنوات الأخيرة هو أن الوظائف والنمو الاقتصادي تُعد أكثر إجراءات الوقاية فاعلية ضد الأيدولوجيات المتطرفة والكراهية الطائفية.

وذكر أنه لضمان إحلال الاستقرار في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، فإن من الضروري أن يحذو المجتمع الدولي حذونا من خلال تقديم دعم أكبر إلى الحكومة المصرية واحترام حقوق السيادة المصرية بالتعامل مع الإرهاب والاضطرابات على أراضيها بطريقة عادلة.

ولفت إلى أنه «في مواجهة هذه التهديدات، هناك حاجة إلى زيادة الحوار وتنسيق الجهود»، مؤكداً أنه «ولا يمكن التعامل مع أي من هذه التحديات من جانب الفاعلين الإقليميين فقط، بل ينبغي تنسيق الجهود من خلال استراتيجية شاملة وحشد سلسلة من الوسائل».

ولفت أيضاً إلى تحذير الإمارات المتكرر على مدى السنوات القليلة الماضية من التهديد المتزايد الذي يشكله الفاعلون والأيديولوجيات المتشددة على منطقتنا، في حين أن «بعض حلفائنا اعتقدوا أننا نبالغ في الحذر، غير أن صعود (داعش) يؤكد حجم هذا التهديد، وبدلاً من التحول نحو الاعتدال من خلال الانخراط، فإن ما يُسمى (الإسلاميون المعتدلون) ينجرون بشكل متزايد نحو صفوف الجماعات المتطرفة، وهذا يثبت خطأ محاولة التفريق بين الأشكال (المعتدلة) و(المتطرفة) للتشدد الأيدولوجي، ومما لا شك فيه أن الكثير من هذه الحركات - التي يصفها البعض بأنها (معتدلة) - توفر البيئة لتطرف أكبر، وظهور مجموعات مثل (القاعدة) و(داعش)، لذلك فإن مواجهة التهديد الذي تشكله هذه الجماعات يتطلب استراتيجية واضحة وشاملة».

وأكد أنه «يتعين علينا الاعتراف بأن أيدولوجيات هؤلاء الفاعلين، المتطرفة بطبيعتها، لا يمكن تحويلها نحو الاعتدال أو التأثير فيها أو احتواؤها، فهي تتعارض أساساً مع قيم التسامح والأجندة المعتدلة التي تجمعنا هنا في الإمارات مع شركائنا في العالم، ويتعين علينا الحفاظ على جبهة موحدة في مواجهة هذه الجماعات والأيدولوجيات، فلا يُمكننا محاربة التشدد في مكان ما في الوقت الذي نحاول فيه استرضاءه في مكان آخر من أجل مصالح سياسية، ولهذا السبب هناك حاجة إلى إطار استراتيجي وفكري حول أسباب التشدد والطريقة المثلى للتعامل معه».

ونبه إلى أن دوافع عدم الاستقرار في سورية والعراق تتجاوز التحدي الراهن الذي يشكله «داعش» والجماعات المتشددة الأخرى، ولعل صلب المشكلة يتعلق بالسياسات الاقصائية والطائفية التي انتهجتها الحكومات المعنية، ما مهد الطريق أمام الفاعلين المتشددين، وفي العراق وفَّر تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة إلى جانب الأمر الذي طال انتظاره وهو تعيين وزير جديد للدفاع أمس سبباً للتفاؤل الحذر، لكن يتعين الإشارة إلى التصريح غير المبرر الذي صدر أخيراً عن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في تعليقه على التصريح الذي صدر في وقت سابق عن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، حيث أدت تصريحات العبادي للأسف إلى تقويض استعداد الكثير من الدول في الخليج لطي صفحة حكومة نوري المالكي الطائفية والإقصائية، ونظراً لأهمية وأولوية تشكيل حكومة وطنية ومُنصِفة في بغداد، فإن تصريحات العبادي أثارت شكوكاً مؤسفة حول وضع صعب أصلاً.

ورأى أن فشل المجتمع الدولي في التصرف بشكل مبكر حول الوضع في سورية سمح بانزلاق الوضع نحو الفوضى، مؤكداً ان «هناك حاجة الآن إلى عمل دولي من أجل دعم الفاعلين المعتدلين، وتزويدهم بالوسائل لمحاربة التشدد وعدم التسامح، وفي حين أن الضربات الجوية الدولية تلعب دوراً مهماً في وقف تقدم (داعش)، غير أنها في نهاية المطاف غير كافية بمفردها».

وأشار إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإيران تعيش في منطقة جغرافية واحدة وتتحمل مسؤولية مشتركة تجاهها، لافتاً في هذا الإطار إلى أن الإمارات ترحب بالمفاوضات النووية بين مجموعة «5 زائد 1» وإيران، لكنْ يتعين على أي اتفاق مستقبلي مع إيران حول برنامجها النووي أن يكون مُحْكَماً، والفشل في التوصل إلى اتفاق راسخ يمنع الانتشار النووي قد ينطوي على انعكاسات خطيرة ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم من خلال تقويض اتفاقية الحد من الانتشار النووي.

وذكر أنه يتفق كثيراً مع تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود فيصل الأخيرة خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقده مع نظيره الألماني، حيث فَرَّقَ بين الدولة والمجتمع الإيراني من جهة، وسياسة إيران التوسعية والعدائية من جهة أخرى، ونحن نرحب بالأولى ونعتبرها جاراً تاريخياً وجغرافياً يستحق الاحترام، ونرى إمكان استمرار التعاون معها، لكنْ مواصلة توسيع النفوذ الإيراني في العالم العربي تُمثل مشكلة رئيسة في العلاقات بين «مجلس التعاون» وإيران، والعلاقات بين إيران والعرب بشكل عام.

تويتر