اختصاصيون اجتماعيون يحذّرون من استبدالها باللقاءات الأسرية

رسائل «واتساب» و«فايبر» الجافة تفسد بهجة العيد

صورة

«عيدكم مبارك»، و«كل عام وأنتم بخير»، و«عيد فطر سعيد»، رسائل تهنئة تبدأ في الانتشار مع اقتراب موعد عيد الفطر، إذ يستبدل بها البعض وصل صلة الرحم عن طريق الزيارات العائلية، واللقاءات بين الأهل والأقارب والجيران، واقتصرت العلاقات الإنسانية على رسائل جافة بدأت تحل محل التواصل الأسري، وباتت الرسالة والتهنئة عبر الجوال هي البديل عن الجو الأسري والحميمية العائلية، ما زاد من الفجوة بين أفراد الأسرة وقلل فرص الالتقاء والتواصل بين أفراد العائلة الواحدة.

وتفصيلاً، حذر اختصاصيون اجتماعيون ومستشارون أسريون من ازدياد اعتماد الأفراد على وسائل التواصل الحديثة في التواصل الإنساني والاجتماعي مع بقية معارفهم، واستبدال اللقاءات الأسرية ومشاعر الود والمحبة برسائل صلبة تفقد المناسبات بعدها الإنساني والاجتماعي، مشيرين إلى أن تهاني العيد والمناسبات الاجتماعية تحولت في الآونة الأخيرة إلى تهانٍ باردة خالية من المشاعر الصادقة والأحاسيس الدافئة، إذ لعبت وسائل التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في تغيير طريقة التواصل الإنساني في عدد من المناسبات المختلفة بعيداً عن الطريقة المُعتادة.

الزيادة أفضل وأبلغ

أكدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن المكالمات والرسائل الهاتفية تتحقق بها صلة الرحم، لكن من استطاع الزيارة فإنها أفضل وأبلغ في صلة الرحم، مشددة على أن حفظ الود مطلوب شرعاً، كونه من صلة الرحم، والامتناع عن صلة الرحم معصية.

ووصف الاختصاصي الاجتماعي أحمد سعد وسائل التقنية الحديثة بأنها «سلاح ذو حدين»، مشيراً إلى أن رسائل الجوال و«فيس بوك»، و«سكايب»، و«واتساب»، و«فايبر»، وغيرها من برامج التواصل الاجتماعي، اختصرت المسافات بين الأفراد في مختلف دول العالم، وهي شكل من أشكال التواصل الجيد بين البشر، لكنها لا يمكن أن تصبح بديلاً للزيارات والتواصل المباشر بين الأقارب.

وقال سعد، إن «التواصل المباشر بين الأفراد يختلف تماماً عن وسائل التقنية الحديثة، لذا يجب التأكيد على الأطفال من الصغر بأهمية الزيارات العائلية، وتوثيق أواصر العلاقات الإنسانية، وأن يكون للأسرة دور في توجيه الأبناء إلى أهمية التواصل الأسري الذي لا يوجد بديل تكنولوجي له مهما تطور الزمن، حتى لا تصبح هذه الوسائل عازلة للإنسان عن محيطه».

وأشار الاختصاصي الاجتماعي أشرف جمعة إلى أن وسائل التواصل الحديثة غيرت من مفهوم صلة الرحم والزيارات العائلية في البيوت، واتجه الأغلبية من جيل الشباب، خصوصاً إلى تبادل التهاني بجمل رسمية لا روح فيها، ولا تحمل أي دفء أسري، لافتاً إلى أن هذه الرسائل لا تعادل أبداً الزيارات التي تُسعد الأقارب، لاسيما كبار السن الذين لم يعتادوا هذه الاشياء وينتظرون المناسبات الدينية والوطنية ليلتقوا الأهل والأحباب.

وأيدته في الرأي الاختصاصية الاجتماعية مريم حسن البلوشي، مؤكدة أن العيد مازال يحتفظ برونقه الخاص في لم شمل الأسر وعودة العلاقات المنقطعة بين الأقارب، إذ يجتمع فيه الاشخاص على الود والمحبة والتسامح، مشيرة إلى أنه مهما تغيرت العادات يجب ألا نجعل من ذلك طريقاً للاستغناء عن اللقاءات والتواصل بين الأسر، وألا نختزل مشاعر الود والمحبة في المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية.

وحذرت المستشارة الأسرية عائشة الحويدي، من أن التهاني عبر رسائل الجوال وبرامجه المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي، أفسدت المناسبات الأسرية وخلقت نوعاً من اللامبالاة، وزادت الفجوة بين أفراد الأسرة الواحدة، خصوصاً إذا كانت هناك فوارق عمرية كبيرة، حتى استبدلت الكلمات الطيبة الخارجة من القلب برسالة جامدة مكتوبة على الجهاز.

وقالت إن «المسألة تتحوّل من سيئ إلى أسوأ، فبعد أن احتلت المكالمات التليفونية مكان الزيارات الأسرية، وأصبح الصوت بديلاً للقاء، تحول الأمر حالياً إلى رسالة جافة لا صوت فيها ولا حضور يستطيع نقل المشاعر ودفء الأحاسيس إلى من نقوم بتهنئتهم ومعايدتهم».

وتابعت: «كثيراً ما نجد الأسرة الواحدة تجلس في المكان نفسه، إلا أن كلاً منهم مشغول بهاتفه أو بإحدى وسائل التكنولوجيا الأخرى، التي أصبحت متاحة بشكل كبير في عالمنا هذا، بينما كانت العائلة من قبل تتجاذب أطراف الحديث والكلام المفيد، وتتباحث في شؤونها وتقضي أجمل وأمتنع الأوقات مع بعضها بعضاً هذه المناسبات السعيدة»، لافتة إلى أنه «حتى الواجبات الإنسانية التي كانت موجودة بشكل عميق بين الناس أصبحت تتخذ شكلاً سطحياً، وتحول واجب التهنئة والاطمئنان على الأحوال بين أقرب الناس إلى كلمة ترسل عبر جهاز ليس فيه روح.

في المقابل، أكد العديد من الشباب أن هذه التكنولوجيا تم تطويرها لخدمة الإنسان ويجب الاستفادة منها، لافتين إلى عدم وجود مشكلة في استخدامها للتواصل في المناسبات تعويضاً عن القطيعة الكاملة، خصوصاً أن معظم الناس حالياً يستغلون الإجازات في السفر، وتالياً لا يكون هناك مجال للزيارات أو استقبال أحد، وجاءت هذه الرسائل والاتصالات الهاتفية لتبقي على الاتصال والود بدلاً من القطيعة الكاملة».

وقال طلاب جامعيون، أحمد ناصر، وماجد البلوشي، وأيمن سعيد، ومنصور عفيفي: «نرى أن تعدد وسائل المعايدة أمر ايجابي، خصوصاً أن العديد من الناس يكونون مشغولين أو مرتبطين بمواعيد أو ظروف عمل لا تسمح لهم بالاجازة، وتالياً جاءت هذه الرسائل لتكون حلاً وسطاً وبديلاً للحضور»، لافتين إلى أنه بهذه الرسائل يستطيع الأشخاص أن يشاركوا الآخرين أجواء العيد بسرعة، وتمكنهم من التعبير عن مشاعرهم بعبارات ربما لن يستطيعوا استخدامها في اللقاء المباشر.

وأشار الشباب يونس عبدالله، وطارق صلاح، ومنى خميس، وأميرة محمد، ومها السيد، إلى أن الرسائل تخفف عبئاً كبيراً عن الناس، وتعد وسيلة مثالية للتواصل، لافتين إلى أنها تختصر الزمان والمكان، بالإضافة إلى أنها مكنت الأشخاص من ان يتواصلوا مع مئات أو آلاف الأشخاص في وقت واحد دون التوقف أمام العوائق الجغرافية.

تويتر