المتحدثون يؤكّدون أنها تحقق مكتسبات اجتماعية وثقافية وتربوية واقتصادية

ندوة: الخدمة الوطنية تثــري القدرات العسكرية وتدعم التوطين

الخدمة الوطنية ترسّخ أهمية اللياقة البدنية والصحية كأحد مقومات خدمة الدولة. أرشيفية

أكد صناع قرار ومسؤولون أهمية مشروع الخدمة الوطنية، المزمع تطبيقه خلال الأشهر المقبلة، في توفير مزيد من قوات الاحتياط وإثراء القوات المسلحة من حيث القدرات العسكرية والقتالية، فضلاً عن عدد من المكتسبات الاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية منها تعميق روح المواطنة والولاء والتضحية، ودعم جهود التوطين في الدولة.

ولفت المشاركون في ندوة نظمتها، القيادة العامة للقوات المسلحة أمس، بعنوان «الخدمة الوطنية وتعزيز الهوية»، إلى أن الخدمة الوطنية سترسخ أهمية اللياقة البدنية والصحية كأحد مقومات خدمة الدولة، بما يسهم في خفض المعدلات الكبيرة الحالية للبدانة وغيرها من المشكلات الصحية والأمراض الأخرى مثل السكري.

وأكد رئيس هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية، اللواء الركن طيار الشيخ أحمد بن طحنون آل نهيان، في ورقته بعنوان «الخدمة الوطنية تكليف وتشريف ومسؤولية»، إن الدولة تضع آمالاً على مشروع الخدمة الوطنية، والدور الفعال الذي ستقوم به لترسيخ قيم الولاء والانتماء والتضحية في نفوس الشباب للوطن، والقيادة، وتحويلها من شعارات رنانة إلى سلوكيات حقيقية وإيجابية، مؤكداً أن «هذه القيم موجودة ومتأصلة في نفوسنا جميعاً، لكن الخدمة الوطنية تمثل فرصة حقيقية لترجمة هذه القيم إلى سلوكيات فعلية».

تنمية قدرات أبناء الوطن

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/06/156805.jpg

أكد رئيس المجلس الوطني الاتحادي، محمد أحمد المر، في ندوة «قانون الخدمة الوطنية وتعزيز الهوية»، بعنوان «التحديات التي تواجه الهوية الوطنية في الإمارات العربية المتحدة»، أن صدور القانون الاتحادي بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية جاء عاكساً لقيم الوطنية، والولاء، والانتماء، والتنشئة الوطنية الإيجابية، ومحققاً لإدراكات أبناء الوطن في تحمل المسؤولية المشتركة، وتنمية قدراتهم الذاتية تجاه كل متربص، أو مغرض، أو طامع يهدد تراب هذا الوطن.

وأكد أن «هذا القانون يحقق الوحدة الوطنية في العيش والمصير بأسمى معاني التضامن والمشاركة الإيجابية، بالإضافة إلى ذلك فإن مفهوم المواطنة المنتجة لا يمكن أن نلمس مضمونة أو نتائجه إلا من خلال الخدمة الوطنية التي تعد وسام شرف على كل منتسب لها، لأنها هي الأكثر قدرة على تجسيد العمل الجماعي في نطاق المصلحة العامة المجتمعية».

وقال «إننا اليوم في أمس الحاجة إلى إحياء مفاهيم الهوية الوطنية وثوابتها الراسخة حتى نعبر بأمان من هذه الأنواء العاصفة التي تهب على منطقتنا العربية، فهويتنا الوطنية هي سلاحنا الأقوى للتغلب على كل ما يجنب الوطن من آثار ونتائج ما يشهده كثير من الدول العربية»، متابعاً أن «تلاحمنا السياسي يعد من أبرز مفاهيم الهوية الوطنية فلنصطف جميعاً بتآزر وتكاتف خلف قيادتنا الرشيدة، وحكومتنا الوطنية في كل قراراتها، وسياساتها لأنها هي الأقدر على التعبير عن الضمير الوطني العام، والمصلحة الوطنية المشتركة، ولا شك في أن ولاءنا الوطني الذي نعلي فيه مصلحة الوطن العليا على كل مصلحة ذاتية أو شخصية قد تم تجسيده في قانون الخدمة الوطنية الإلزامية الذي يمثل رافداً مهماً لتعزيز الولاء الوطني». وشدد على أن التلاحم السياسي والاجتماعي، والولاء الوطني وهي أهم مفاهيم الهوية الوطنية التي تعد السد المنيع لدرء كل شر، أو أثر غير مرغوب فيه جراء الاضطرابات المنتشرة في العالم العربي.

وقالت النائب الأول لرئيس المجلس الوطني الاتحادي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة أمل القبيسي، في ورقة بعنوان «التأثيرات الاجتماعية والثقافية والتربوية لقانون الخدمة الوطنية»، إن الخدمة الوطنية تشكل رافداً معززاً لقدرة وكفاءة القوات المسلحة التي تتبناها رؤية الإمارات 2021 من خلال مبدأ «اتحاد قوي يجمعه مصير واحد».

وأضافت أن بناء الأمة يتضمن وضع برنامج محدد لصياغة قيم وطنية توضح أبرز ما تقوم عليه تلك القيم، وقانون الخدمة الوطنية يؤكد هذا الهدف، وبناء قدرات استجابة سريعة تعد أحد مقومات قدرة الدولة على الاستدامة والصمود ضد مهددات أمنها، وتسهم الخدمة الوطنية في ضبط السلوك السوي لدى معظم الشباب من خلال التدريب العسكري، كما يسهم التدريب على المعدات الحديثة في القوات المسلحة في تكوين منصة لربط التقنية المتقدمة بالحياة اليومية.

ولفتت إلى الانعكاسات الإيجابية الاجتماعية والثقافية والتربوية لقانون الخدمة الوطنية، مبينة أن وجود برنامج محدد ينخرط فيه جميع شباب الدولة وبعضهم من الفتيات سيخلق تأثيراً كبيراً في المجتمع وفي بعض الممارسات السائدة، التي يمكن تحديد أهمها في ترسيخ الوحدة الوطنية التي تعتبر أساس استقرار الدولة ونمائها وهي أساس قيام أي دولة حديثة، كما أن اتاحة الفرصة أمام الفتاة الإماراتية للمشاركة في شرف الاستعداد للذود عن الوطن وتحمل مسؤولية الدفاع عنه، ستؤدي إلى تعزيز مفاهيم تكافئ الفرص بين الجنسين التي أقرتها القوانين في الدولة.

كما يسهم قانون الخدمة الوطنية في تعميق الروابط المجتمعية في الوقت الذي أصبح فيه العديد من العلاقات الاجتماعية افتراضية نظراً لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن رفقة السلاح توفر فرصة مناسبة لخلق العلاقات بين مختلف فئات المجتمع، حيث سيتشاركون الأفكار والطموحات ويتجاوزون الصعاب.

كما تشمل تلك الانعكاسات تعميق روح المواطنة، ودعم جهود التوطين إذ سيكون لجهود الخدمة الوطنية تأثير مباشر على دعم التوطين، حيث انه سيضع الشباب الإماراتي على عتبة الانخراط المبكر في أداء أعمال مختلفة بعضها يعادل العمل اليدوي، وهو ما سيجعل مواطني الدولة يتجاوزون إحدى العقبات المجتمعية التي تقلل من قيمة الأعمال غير الإدارية.

الثقافة الصحية

وأشارت القبيسي إلى أن قانون الخدمة الوطنية سيرسخ مبدأ الخدمة العامة كقيمة مجتمعية، إلى جانب نشر الثقافة الصحية، إذ في العديد من البلدان وبينها دولة الإمارات تمثل مسألة البدانة بين الأطفال والمراهقين مشكلة كبيرة للصحة العامة، ومن أسبابها عدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، مشيرة إلى أنه وفقاً للإحصاءات الصادرة عن هيئة الصحة في أبوظبي فإن نسبة البدانة بين المواطنين تبلغ 36%، بينما كشفت دراسة مسحية حديثة شملت 1440 طالباً مواطناً في المدارس الحكومية في إمارة أبوظبي أن 34% من الأطفال والمراهقين المواطنين إما يعانون زيادة الوزن أو البدانة، وسيسهم أداء الجميع للخدمة الوطنية في ترسيخ أهمية اللياقة البدنية والصحية كأحد مقومات خدمة الدولة، وسوف يسهم في حدوث انخفاض ملحوظ للمعدلات الكبيرة الحالية للبدانة، وغيرها من المشكلات الصحية والأمراض مثل السكري.

ولفتت إلى أن مجلس أبوظبي للتعليم يعتزم تنظيم سلسلة من برامج التوعية للطلبة، خصوصاً طلبة الحلقة الثالثة من أجل إعدادهم للخدمة الوطنية، وسيوفر برامج الدعم والإرشاد الوظيفي وغيرها من الارشادات المطلوبة إلى الطلبة قبل أداء الخدمة الوطنية وبعدها، متابعة «سوف نتعاون تعاوناً وثيقاً مع الطلبة والأهالي ومؤسسات التعليم العالي للتأكد من عدم تعطل الطلبة الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم العالي بعد أداء الخدمة الوطنية».

كما سيدرس المجلس مستقبلاً خيارات تنفيذ برامج شبابية أخرى مثل برنامج الخدمة المجتمعية الطلابية في إطار استراتيجيات تطوير مهارات الطلبة الرامية إلى ترسيخ الوحدة الوطنية وتعميق الأواصر بين المواطنين.

تحديات سلبية

وأكد مدير عام هيئة الإمارات للهوية الدكتور علي الخوري، في ورقته بعنوان «قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية بين التطبيق والرؤية الاستراتيجية»، أهمية تبني خطة استراتيجية تتضمن محاور عدة، لمعالجة الآثار الاجتماعية والثقافية لهذا البرنامج الوطني، حيث تتم ترجمة رؤيته إلى أهداف استراتيجية قابلة للتقييم والقياس، ويتم تحديد التحديات السلبية التي يمكنها أن تشكل عامل تعطيل، ثم تحويلها إلى فرص إيجابية يمكن إعادة توظيفها واستغلالها لمصلحة برنامج الخدمة الوطنية.

وقال الخوري إنّ قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية يشكل علامة مضيئة في تاريخ الإمارات وضرورة قصوى في ظل ما يشهده العالم اليوم من أحداث أصبح من الصعب فهمها بشكل صحيح سواء بالنسبة للأفراد أو المؤسسات أو حتى المتخصصين، لافتاً إلى أنّ القانون يسهم في تحقيق العديد من المستهدفات الاستراتيجية السامية وفي مقدّمتها حماية الدولة والمحافظة على استقلالها وسيادتها ومنجزاتها وتعزيز قدرات وكفاءة القوات المسلحة، فضلاً عن انعكاساته الإيجابية على الشباب المشمولين به ومنها إذكاء الروح الوطنية وتعزيز الثقة واحترام الذات، وبناء الشخصية والسلوك المنضبط.

وأكّد أهمية العنصر الثقافي والاجتماعي في تنفيذ القانون الجديد، نظراً لتأثيره في مؤشر الرأي العام، مشيراً إلى أنّ الثقافة يجب أن تواجه بالثقافة، وهو ما يتطلب مراجعة المناهج الدراسية واتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بالتعبئة الإعلامية في مختلف المجالات، بحيث يتمّ إيصال الرسائل الإعلامية التي تثري المعارف المجتمعية على مستوياتها المختلفة لتفهم التجربة الجديدة واستيعابها وتبنيها.

واجب ديني

وأكد المستشار الديني في ديوان ولي عهد أبوظبي، الدكتور فاروق حمادة، في ورقته بعنوان «الأساس الديني للخدمة الوطنية.. ودور الجانب الروحي في الهوية الوطنية»، أن خدمة الوطن والدفاع عنه والحفاظ على مكتسباته، والسعي الدائم لترقيته ورفعته، أمر جوهري، في الدين الإسلامي، لأنه مرتبط بالوجود، ويستند إلى الفطرة.

وبين أن خدمة الوطن وحراسته فرض في دين الإسلام، على الرجال والنساء، من القادرين وغير القادرين، لأنهم على قلب واحد، ويتوجهون لهدف واحد، هو حماية وجودهم ومستقبلهم، مضيفاً أن «الاستجابة لتأدية الخدمة الوطنية هو واجب ديني وقيام بحق عظيم من حقوق الله تعالي وعبادة من أعظم العبادات».

وحدة الوطن

أكد مدير جامعة الإمارات، الدكتور علي النعيمي، في ورقة بعنوان «الخدمة الوطنية وتعزيز القوة الشاملة للدولة»، أن إصدار القانون يمثل مرحلة في ترسيخ أسس الدولة التي قامت على انجاز كيان وحدوي، هو الوحيد الذي تمكن من النجاح والصمود في العالم العربي، لافتاً إلى أن هذا القانون يعبر في روحه ومضمونه عن رؤية استراتيجية لصهر أبناء الوطن وبناته في بوتقة تحقق الانسجام والتناغم وتوحيد الهدف لكل فرد يشارك في أداء هذه الخدمة الوطنية ما يمثل ترسيخاً لوحدة هذه البلاد، ومستقبلها الذي يتماشى مع المستجدات التي يفرضها واقع القرن الـ21.

ولفت إلى أنه يعد قصوراً، النظر إلى جزئية التدريب التي يتضمنها القانون وإغفال الجوانب الايجابية الأخرى في القانون، التي تسهم في بناء الشخصية الإمارات وصقلها، والتي ستنعكس بالضرورة على تطلعات الشباب للمستقبل برؤية مختلفة، وتدفع بمسيرة النمو إلى الأمام وتسهم بشكل أساسي في مسيرة التنمية الاجتماعية والعلمية والاقتصاد المعرفي مع الاحتفاظ بترسيخ القيم الاجتماعية السمحة.

تويتر