«صرّاف آلي للمقعدين» و«إبطال القنابل».. ومخترع يطالب زملاءه بأفكار قابلة للتنفيذ

اختراعات وطنية تنجح إعـلامياً وتفشل تسـويقياً

صورة

قال مخترعون مواطنون إنهم محبطون نتيجة عدم مبادرة جهات ممولة لتصنيع اختراعاتهم، وتحويلها إلى منتجات، وتسويقها، للوصول إلى اقتصاد عالي الإنتاجية بكفاءات وطنية، على الرغم من استقبال أفكارهم ومخترعاتهم باهتمام إعلامي كبير حال الإعلان عنها.

وتقدم جهات حكومية عدة دعماً للمخترعين المواطنين، من خلال تبني أفكارهم الابتكارية، ومنحهم براءات اختراع دولية. كما تقدم جامعات وهيئات دعماً لاختراعات هيئة التدريس والطلبة، لكن اختراعاتهم لا تجد طريقها في ما بعد إلى التصنيع، وتالياً الأسواق.

وأكد مدير إدارة الملكية الصناعية في وزارة الاقتصاد، خلفان السويدي، أن الوزارة، باعتبارها الجهة المخولة حماية الملكية الفكرية بجميع أقسامها (الملكية الصناعية، العلامات التجارية، حقوق المؤلف والحقوق المجاورة)، تحرص على الاهتمام بالمبدعين والمخترعين ودعمهم وتذليل العقبات أمامهم، لتحقيق رؤيتها، التي تتمثل في الوصول إلى اقتصاد معرفي متنوع بكفاءات وطنية مستمدة من رؤية الإمارات للعام 2021، من أجل بناء اقتصاد تنافسي عالي الإنتاجية، مضيفاً أن هناك حاجة فعلية إلى مساهمة أكبر من القطاع الخاص في التعرف إلى اختراعات المواطنين ومحاولة الاستفادة منها.

وبيّن نائب مدير جامعة الإمارات للدراسات العليا والبحث العلمي، الدكتور رياض المهيدب، أن تحويل الاختراعات إلى منتجات تجارية يعتمد على أمرين أساسيين، هما درجة اهتمام الشركات المصنعة بالابتكار، وحاجة السوق إلى هذه المنتجات.

وتفصيلاً، قالت المواطنة فاطمة أحمد سلطان، مخترعة جهاز «صرّاف آليّ للمقعدين وقصار القامة والمكفوفين»، إن العائق الأساسي الذي يقف أمامها وزملاء آخرين لها من المخترعين، هو عدم توافر جهات داعمة وممولة، تعمل على تنفيذ ابتكاراتهم وتحويلها إلى منتجات تجارية.

وأضافت أن المخترع لا يستطيع الإعلان عن اختراعه، لأن ذلك يستدعي وجود «براءة اختراع تحفظ للمخترع وبلده حقوقهما من التعدي غير المشروع على الملكية الفكرية»، لافتة إلى أن طلبة الجامعات غير قادرين على دفع رسوم تسجيل براءات الاختراع، ما يجعل الابتكار معرضاً للسرقة والتقليد.

وتابعت أن «الاهتمام الذي يجده المخترعون الإماراتيون هو إعلامي فقط، لأن مخترعاتهم لا تجد من يتكفل بتحويلها إلى منتجات».

وطالب مخترع جهاز «إبطال القنابل»، المواطن محمد البلوشي، بوجود جهة حكومية داعمة، تكون بمثابة «حاضنة» لتتبنى المشروعات القابلة للتطبيق، وتدرس تطويرها وتحويلها إلى منتجات تسويقية، بوجود خبراء مختصين، موضحاً أن «المخترع بعد تنفيذ ابتكاره، يصاب بالإحباط، وتنطفئ حماسته، بسبب الانتظار الطويل لجهة داعمة تتبنّى اختراعه».

وأعرب البلوشي عن استغرابه من عدم مبادرة جهات إلى الاستفادة من اختراع المواطنين، على الرغم من حاجتها إليه، شارحاً أن «جهة عمل المخترع هي أولى الجهات بتبني تطوير وتسويق ابتكاره، خصوصاً إذا كان يخدم مجال عملها».

وجهاز «إبطال القنابل» عبارة عن عربة مصنوعة من الألمنيوم، يتم التحكم فيها بجهاز «ريموت كونترول» عن بُعد يزيد على 100 متر، مثبّت بها جهاز لكسر زجاج النوافذ في البنايات والمركبات، بما يتيح الوصول إلى داخلها، والتحقق من محتوياتها من خلال كاميرا تصوير فيديو مثبتة في العربة.

كما أنه مزود بمدفع مائي لإبطال مفعول أي جسم متفجر محتمل وجوده داخل المركبة أو المبنى.

• فاطمة أحمد سلطان:

«الاختراعات تحتاج إلى براءات اختراع عالمية تحفظ للمخترع وبلده حقوقهما من التعدي على الملكية الفكرية».

محمد البلوشي: «المخترع بعد تنفيذ ابتكاره، يصاب بالإحباط، وينطفئ حماسه، بسبب الانتظار الطويل لجهة داعمة تتبنى اختراعه».

وأكد سفير المخترعين ومؤسس مصنع (AM) أحمد المزروعي، أن القطاع الخاص لا يبذل جهداً حقيقياً لملامسة الأفكار الابتكارية للمخترعين، على الرغم من أن هناك فرصاً حقيقية للاستفادة من هذه الأفكار.

لكنه لفت إلى وجود مشكلة أخرى، لا تقل أهمية عن ذلك، تتمثل في ندرة الأفكار المتميزة «فالفكرة المبتكرة تسوّق نفسها دون حاجة إلى وسائل مساعدة»، مضيفاً أن «بعض الأفكار تكون غير قابلة للتنفيذ والتطبيق، ما يقلل من فرص تبنيها».

وأكد عميد معهد البيئة والمياه والطاقة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور زين العابدين السيد رزق، أن المعهد يدعم المشروعات الابتكارية الخاصة بالطلبة وهيئة التدريس في الجامعة، عن طريق التمويل المادي، من خلال تخصيص صندوق مالي مخصص للمشروعات البحثية والابتكارات، خصوصاً غير المسبوق منها.

وأوضح أن «مجلس البحوث والمعلومات» في الجامعة يدرّب المخترعين على طرق تطوير أفكارهم وتسويقها.

وعرض مثالاً لأهم المبتكرين الذين تبنتهم الجامعة، وهو محمد عثمان بلولة، «الذي اخترع علاجاً لمرض السكري عن طريق الهاتف النقال»، مشيراً إلى أن الجامعة قدمت دعماً كبيراً له منذ أن كان طالباً فيها، إلى أن أصبح من ضمن أكثر 50 شخصية مؤثرة في الوطن العربي.

تكامل

أفاد مدير عام لجنة أبوظبي لتطوير التكنولوجيا، أحمد سعيد الكليلي، بأن برنامج «تكامل» يعمل كأداة تواصل بين المبتكر ومكتب براءات الاختراع في دول عدة من العالم، من جهة، ومعاهدة التعاون الدولية التي تضم 148 دولة، من جهة أخرى، لتسهيل تسجيل براءة الاختراع، فضلاً عن إنشاء مكتب «تكامل لنقل التكنولوجيا»، لدعم القيم التجارية للملكية الفكرية في الإمارات.

وقسّم الكليلي دعم «تكامل» للمخترعين إلى مرحلتين، الأولى مرحلة «حماية الملكية الفكرية»، وتتضمن التوعية بأهمية تسجيل الملكية الفكرية والتعريف بخطوات تسجيل براءات الاختراع، إضافة إلى توفير الدعم القانوني والمادي لتسجيل براءات الاختراع دولياً، أما المرحلة الثانية فتعرف بـ«تحقيق القيمة التجارية»، وتشمل تنفيذ الأنشطة الهادفة إلى تحقيق القيم التجارية للاختراعات، والمساهمة في توصيلها إلى الأسواق والمستهلكين المستهدفين.

كما تجري مفاوضات مع الشركات الدولية للحصول على تراخيص اختراعات أخرى،

وحول أهم نتائج الإسهامات التي قدمت للمخترعين المواطنين، لفت الكليلي إلى إطلاق شركة وطنية جديدة «جرين نانوتاك»، استناداً إلى أحد الاختراعات التي دعمها البرنامج، مؤكداً أن البرنامج يحقق زيادة مستمرة في عدد براءات الاختراع المسجلة دولياً باسم الإمارات، إذ بلغت 66 براءة دولية، علاوة على 39 براءة قيد الدراسة، استقبلها مع بداية العام الجاري.

ويتمثل الجهاز الذي اخترعه في نظام يربط بين المريض والمستشفى والأطباء والمشرفين على المرضى، يسمح للمشرفين والأطباء بالمراقبة الدائمة للمرضى، كما يرسل البيانات كل أربع ساعات إلى المستشفى بطريقة تلقائية، وكل هذه الخصائص تسهل التشخيص والمعالجة للمرضى، ما يضمن لهم حياة أسهل، ومستقبلاً بعيداً عن الأعراض الجانبية.

وأكد مدير إدارة الملكية الصناعية في وزارة الاقتصاد خلفان السويدي، اهتمام الوزارة بالمبدعين والمخترعين ودعمهم وتذليل العقبات أمامهم، لافتاً إلى أنها تتبنى مبادرات عدة للاهتمام بالمخترعين، منها إشراكهم في معارض محلية ودولية، كما توفر لهم بيئة خصبة لتبادل الخبرات مع المخترعين الخليجيين والدول ذات التجربة العريقة في مجال براءات الاختراع وحماية الملكية الفكرية، مثل المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو)، ومكتب براءات الاختراع النمساوي، مضيفاً أن من أهم معايير تسجيل براءة الاختراع أن يكون الاختراع غير مسبوق، وأن ينضوي على خطوة ابتكارية، وأن يكون قابلاً للتطبيق الصناعي.

وأشار إلى أن إدارة الملكية الفكرية تمنح المخترع منذ تاريخ حصوله على براءة اختراع في حماية الملكية الصناعية حقوقاً تتمثل في منع الغير من صنع أو استخدام أو بيع أو استيراد المنتج في حال كان الاختراع منتجاً، إلا بموافقة المخترع. أما إذا كان الاختراع عملية صناعية فيحق للمخترع منع أي شخص أو جهة من استخدام أو تطبيق هذه العملية، ومن بيع أو استيراد المنتج الذي تم الحصول عليه منها مباشرة.

وكشف أن عدد طلبات براءات الاختراع المسجلة للمخترعين المواطنين في الوزارة بلغ 232 طلباً.

وقال نائب مدير جامعة الإمارات للدراسات العليا والبحث العلمي، الدكتور رياض المهيدب، أن الجامعة تتبنّى اختراعات أعضاء هيئة التدريس والطلبة، بدءاً من انطلاقها حتى تحويلها إلى منتج. كما أنها تتكفل بدفع رسوم براءة الاختراع، لافتاً إلى أن «قيمة الرسوم تبدأ من 60 ألف درهم، وقد تتجاوز 120 ألف درهم، وفي حال تحويل الابتكار إلى منتج تسويقي فإن العائد التجاري يكون مناصفة بين الجامعة والمبتكر».

وبيّن أن تحويل الاختراعات لمنتجات تجارية يعتمد على درجة اهتمام الشركات المصنعة بالابتكار، وحاجة السوق إلى هذه المنتجات، لافتاً إلى أن نسبة تطبيق الاختراعات المسجلة باسم جامعة الإمارات وتسويقها تجارياً لا تتجاوز 10% من إجمالي الاختراعات المسجلة، وهي النسبة المتعارف عليها عالمياً، مشيراً إلى أن المدة المتاحة للاستثمار تجارياً في الابتكار، سواء بالتصنيع أو التسويق المباشر، هي 20 عاماً تحسب من تاريخ تقديم طلب تسجيل براءة الاختراع.

وكشف المهيدب أن جامعة الإمارات نفذت خلال سبع سنوات أكثر من 40 ابتكاراً للطلبة، وأعضاء هيئة التدريس المنتسبين إليها، فضلاً عن تسجيلها أكثر من 100 طلب براءة اختراع على المستوى المحلي والدولي، صدر منها 12 براءة اختراع لـ10 ابتكارات، حصل اثنان منها على براءتي اختراع.

تويتر