منظمة الهجرة الدولية ستدرج المبادرة الإماراتية ضمن أجندتها

«الهلال الأحمر» يلم شمل 370 أســرة سورية في مخيم الأردن

صورة

نجحت مبادرة «لم الشمل» التي استحدثها المخيم الإماراتي في «مريجيب الفهود»، في جمع شمل 370 أسرة تفرق أفرادها بين مخيمات مختلفة في الأردن، وتأتي مبادرة الهلال الأحمر الإماراتي ضمن جدول فعالياتها وبرامجها الإنسانية الداعمة لأوضاع اللاجئين السوريين.



تصوير: شيماء هناوي

تحرير الفيديو: ميثم الأنباري

تعليق: علا الشيخ

وحققت المبادرة صدى واسعاً بين صفوف منظمات إنسانية دولية، تمثل في إشادات توجت بقرار منظمة الهجرة الدولية إدراج المبادرة ضمن أجندتها في المراحل المقبلة، بعدما أسهمت المبادرة بشكل كبير في تخفيف آلام ومعاناة الفراق التي تكبدها اللاجئون منذ اندلاع الثورة.

وتضاف مبادرة «لم الشمل» إلى سجل جهود هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في الأردن لخدمة اللاجئين السوريين، التي تتوجت بشكلٍ جلي في نقل المستشفى الإماراتي الأردني الميداني إلى محافظة المفرق لتقديم خدمات صحية لمئات الحالات يومياً، وأخيراً إنشاء المخيم الإماراتي الأردني في منطقة «مريجيب الفهود» بالقرب من مدينة الزرقاء.

والتقت «الإمارات اليوم» في أرجاء مخيم «مريجيب الفهود»، الذي يضم 3790 لاجئ، عائلات كان أفرادها مشتتين في أماكن عدة، ونجحت المبادرة في لم شملهم بعدما كانوا موزعين على مخيمات متفرقة في الأردن.

هرب من القصف

براءة حاضرة

احتفظ أطفال المخيم بالبراءة على الرغم من الصعوبات التي عاشوها في سورية وأثناء هروبهم من قصف النظام إلى الأردن.

الطفلتان (رهف) و(آلاء) عادةً تستقبلان ضيوف المخيم وترافقانهم في جولاتهم فيه، مثل كثير من الأطفال يصطحبون الزوار ويتلهفون على التقاط الصور. ولا يكتف الأطفال بالمرافقة والاستمتاع بعملية التصوير الفوتوغرافية والفيديو على حد سواء، بل يحرصون على المشاركة في تقديم المساعدة إلى جانب أعضاء فريق الإغاثة، وذلك عن طريق المساهمة في عملية الإرشاد إلى مرافق المخيم.

حرصت الطفلة اللاجئة (رهف) على أن تعرض عملها الفني المتواضع على «الإمارات اليوم» بإلحاح شديد، وفي منزلها «الكرفان» علقت على جدرانه دفترها الصغير كلوحة رسمت عليه صورة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، تقديراً لـ«عطاءاته التي قدمها اللاجئين السوريين كباراً وصغاراً من خلال الهلال الأحمر الإماراتي».


http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/07/1268.jpg


آلام وأمنيات

الحاجة (أم هايل) كانت تجلس على كرسي بلاستيكي أمام منزلها في المخيم تستقبل زوارها بالابتسامات، تخفي في داخلها ألماً دفيناً من مصير ابنها الأعزب (35 سنة) الذي تجهله وتفقد وسائل الاتصال به، وتعيش على أمل أن تسمع أي خبر عنه، وفق تعبيرها، مرددة دوماً «إن شاء الله يكون طيباً».
الحاجة رسمية لمكي لا تكف الحديث عن سورية وجمال طبيعتها الخلابة، متمنية الإفراج عن حفيدها (20 عاماً) الذي قبض عليه أفراد النظام بتهمة الإرهاب إثر مشاركته في المظاهرات المطالبة بالحرية، وتم الحكم عليه بالسجن 20 عاماً أسوةً بعدد سنين عمره. وتتمحور أماني اللاجئة منصورة العماري، الأم لـ13 ولداً وبنتاً، حول شفاء ابنيها أسماء عماري (17 عاماً) وجاد (ست سنوات). قالت العماري «أصيبت ابنتي أسماء بتقطع في أوتار رجلها أثناء محاولتها الخروج من المنزل هرباً من رجال الأمن الذين اقتحموا المنزل، وتضررت ركبتها، وخضعت لعملية جراحية في الأوتار ما أن وصلنا إلى الأردن في أحد المستشفيات الخاصة، والآن تخضع إلى علاج طبيعي تستطيع على إثره المشي على رجليها عوضاً عن العكاز، هذا إلى جانب أنها تعاني حساسية ربو حادة تجعلها في حاجة دائمة إلى بخاخ يساعدها على التنفس بطريقة أفضل، ودواء لابد من تناوله لمدة ستة أشهر نعجز عن تأمينه»، وأضافت العماري «وفي اليوم الذي خضعت فيه أسماء إلى العملية خضع شقيقها جاد إلى عملية تطويل أوتار نتيجة إصابته بشلل أعصاب في رجليه الاثنتين إثر إبرة لقاح، وكذلك يخضع هو الآخر إلى علاج طبيعي ليقوي من حركة رجليه».

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/07/1266.jpg

وروت اللاجئة بسمة فارس الحمد، أم لأربعة أبناء (بنتان وولدان) قصتها قائلة «بعدما تدهورت الأوضاع في سورية جراء الأحداث التي رافقت الثورة، قررت مغادرة سورية خصوصاً بعد زيادة القصف الذي كان يشنه النظام ليلاً ونهاراً على مناطق مختلفة من البلاد».

وتابعت «ساعدني ابني على الخروج من سورية وعبور الحدود، ووصلنا الأردن بعد عناءِ شديد»، وقصدنا مخيم الزعتري الذي شهد نزوح آلاف اللاجئين السوريين هرباً من قصف النظام، واستقر بنا المقام في المخيم، ونجح زوجي بعد فترة في الخروج من سورية، وقصد المخيم الإماراتي ـ الأردني الذي أنشئ لتخفيف الضغط عن (الزعتري) الذي كان يكتظ باللاجئين الذين كانوا في ازدياد مطرد».

وذكرت بسمة أن مبادرة «لم الشمل» التي استحدثها المخيم الإماراتي ـ الأردني، كانت بمثابة هبة سماوية لزوجي الذي بادر على الفور بتقديم طلبه وملء الاستمارة المخصصة لاستقطابي والأبناء للمخيم الذي يفتح أبوابه للعائلات وكبار السن، والحمد لله نجحت المبادرة في لم شمل الأسرة.

وأضافت أن «المبادرة شجعتني على تقديم طلب استقدام والديّ من المخيم نفسه، وبذلك أسهمت المبادرة في لم شمل عائلتين في آنٍ واحد، واليوم نسكن بالقرب من بعضنا في منطقة واحدة من المخيم متجاورين».

قال والد بسمة، فارس الحمد، إن «مبادرة (لم الشمل) أسهمت في جمعي وزوجتي وابنتي وعائلتها الصغيرة في مكانٍ واحد، الأمر الذي يهون علينا وحشة وألم الغربة التي نعانيها باستمرار إثر بعدنا عن الوطن الذي لا يفارقنا حنينه أبداً».

وأوضح «خرجنا من سورية بعد أن قصف النظام منزلنا في درعا وشب فيه حريق وانهار سقفه على رؤوسنا، الأمر الذي استدعى تدخل الجيران في محاولة لإنقاذنا وإطفاء الحريق»، متابعاً «هربنا بأنفسنا وتركنا عدداً كبيراً من الأملاك وأحضرنا أوراق ملكيتها الرسمية معنا على امل العودة لاحقاً إليها في المستقبل والعمل على استعادتها و إحياءها».

وذكر الحمد «اتجهنا برفقة مجموعة من الأسر في حافلة صغيرة إلى منطقة المفرق بالأردن، وبقينا أكثر من شهر في مخيم الزعتري، حتى استطاعت ابنتي استقطابنا إلى المخيم الإماراتي ـ الأردني، بفضل المبادرة التي لعبت دوراً كبيراً في لم شمل أسر سورية عدة كانت مشتته بين مخيمات مختلفة في الأردن».

شعور بالغربة

وقالت اللاجئة أم(محمد) «أقطن المخيم الإماراتي ـ الأردني مع أفراد أسرتي المكونة من ستة أفراد، بالإضافة إلى حماتي، بعد خروجنا من وطننا سورية هرباً من قصف النظام الذي يشتد يوماً بعد يوم».

وأضافت «على الرغم من الآلام التي تكبدناها جراء تدهور الأوضاع في سورية، والمتاعب التي واجهناها خلال عملية الهروب، نشعر اليوم براحة في المخيم الإماراتي ـ الأردني الذي منحنا كثيراً من الخدمات التي تلبي احتياجاتنا ومطالبنا، الأمر الذي خفف بدوره من شعورنا بالغربة».

وقالت اللاجئة، تمر اللحام، إن «المخيم الإماراتي ـ الأردني قدم لنا الكثير، الأمر الذي لم يقتصر على المرافق والخدمات بل تعداه إلى الفعاليات والبرامج التي أشارك في أحدها (تحفيظ القرآن) كمعلمة، وتهدف إلى تحفيظ النساء والأطفال على حد سواء مجموعة منوعة من آيات القرآن الكريم».

وذكرت اللاجئة إنعام محمد عبدالرحمن أن «المخيم الإماراتي ـ الأردني كان المحطة الأولى بعد خروجي من سورية مع أفراد عائلتي المكونة من خمسة أشخاص، الأمر الذي حال دون عنائي في مخيمات لا تضم ما يضمه هذا المخيم من خدمات ومرافق».

وكذلك الحال بالنسبة للحاجة أم هايل التي أكدت أنه «ما أن قدمت إلى الأردن برفقة ابني وعائلته (بنتان وولدان)، أقمنا في المخيم الإماراتي الأردني الغني بخدماته ومرافقه التي تلبي شتى احتياجات ومطالب اللاجئين».

وقالت اللاجئة منصورة العماري إن «إقامتي في المخيم الإماراتي ـ الأردني حديثة لا تتعدى أسبوعين، حيث قدمت منذ سنة إلى الأردن بعد خروجي وأفراد أسرتي من سورية واستقررنا في مخيم «الزعتري» لمدة عام». وأضافت «على الرغم من المدة القصيرة التي قضيتها في المخيم، إلا أنني أشعر براحة كبيرة في ظل ما يوفره من خدمات ومرافق وفرت لنا حياة كريمة».

دعم أوضاع اللاجئين

وقال مدير المخيم قائد فريق الإغاثة الإماراتي الموحد في الأردن، سيف علي الظاهري، لـ«الإمارات اليوم» إن مبادرة «لم الشمل» تهدف إلى لم شتات أسر سورية تفرق أفرادها بين مخيمات مختلفة في الأردن، لافتاً إلى أن«إدارة المخيم لمست عن كثب حال اللاجئين الذين لا يكفون عن السؤال ليل نهار عن أقاربهم بعدما فقدوا التواصل معهم بعد خروجهم من سورية قاصدين الأردن، في حين ظل بعضهم على تواصل مع ذويهم الذين أرشدوهم عن أماكن وجودهم، ومن هنا جاءت المبادرة امتداداً طبيعياً لبرامج المخيم الإنسانية وفعالياته الداعمة لأوضاع اللاجئين السوريين في الأردن والساعية إلى تحسينها».

وأضاف «بدأت أولى خطوات المبادرة بداية شهر يونيو الماضي، بتخصيص إدارة المخيم المخصص للعائلات وكبار السن، مكتباً خاصاً داخل المخيم يعنى بجمع طلبات أسر اللاجئين التي تفرق أفرادها في مخيمات الأردن».

وتابع الظاهري أن مكتب «لم الشمل» «يستقبل عائلات المخيم الراغبين في لم شتاتهم، وعليه يطلب منهم ملء استمارة خاصة تحتوي على معلومات شخصية تعنى بهم وأفرادهم الذين يرغبون في لقائهم من جديد لضمان سهولة عملية البحث، يلي ذلك تواصل إدارة المخيم مع الأمن الأردني للتدقيق على المعلومات، ومن ثم التواصل مع منظمة الهجرة الدولية للقيام بعملية البحث عن طريق الكشوفات المتوافرة لديهم، التي تضم أسماء اللاجئين المسجلين في المخيمات».

وذكر الظاهري أن «المعلومات المدرجة في الاستمارة تعد العامل الأساسي لضمان عملية البحث وتسهل عملية الوصول للأفراد المعنيين، الأمر الذي لا يستدعي كثيراً من الوقت، حيث تتم عملية البحث في غضون أيام قليلة، في حال كانت المعلومات المرفقة صحيحة».

وحول الشروط الواجب توافرها في الراغبين في التسجيل في «لم الشمل»، قال الظاهري «لا توجد شروط محددة للتسجيل في المبادرة الإنسانية التي من شأنها تعزيز المساهمة في تحسين أوضاع اللاجئين النفسية والصحية في الوقت نفسه، باستثناء أن يكون الأقارب الراغبين في انضمامهم إلى المخيم من الدرجة الأولى».

وأشار الظاهري إلى أنه «بمجرد الوصول إلى الأفراد المستفيدين يتم استقدامهم إلى المخيم الذي يستقبلهم في المنطقة المخصصة لاستقبال اللاجئين لإجراء الفحص الطبي اللازم الذي يخضع إليه كل لاجئ فور قدومه المخيم، وذلك للتأكد من سلامته الجسدية وخلوه من الأمراض المعدية، ومن ثم يتم تزويده بمختلف المستلزمات الأساسية التي يحتاج إليها، الأمر الذي يسهل عليه عملية العيش في المخيم الذي يوفر بخدماته ومرافقه شتى احتياجات ومتطلبات اللاجئين على اختلاف أعمارهم».

وأكد الظاهري أن المبادرة شهدت منذ انطلاقها إقبالاً كبيراً لاهتمامها بالجانبين الإنساني والنفسي للاجئين الذين يرجون العيش في كنف عائلاتهم وإن كانوا خارج حدود الوطن، فلم الشمل يهون عليهم الإحساس بالغربة وما يرافقها من آلام وعذاب، لافتاً إلى أن المبادرة نجحت خلال فترة وجيزة في لم شمل 370 أسرة تفرق شتاتها خارج حدود الوطن، في أقل من شهر.

تويتر