عزت تجاهلها من الشباب إلى ثقافة التفاخر والمباهاة

«صندوق الزواج»: قاعات الزفاف المجانيــة أماكن غير مرغوب فيها

قاعات الأفراح المجانية التابعة للبلديات خالية من الأعراس. تصوير: إريك أرازاس

كشفت مؤسسة صندوق الزواج عن خلو قاعات الأفراح المجانية، التابعة للبلديات من الأعراس، عازية ذلك إلى «شيوع ثقافة خاطئة بين الشباب، قائمة على المباهاة والتنافس في شكل وكلفة حفلات الأعراس».

وأكد كثير من الشباب المقبلين على الزواج، لـ«الإمارات اليوم»، أن أهل العروس والبيئة المحيطة بهم يدفعونهم إلى عدم استغلال هذه القاعات، والتوجه إلى الفنادق، على الرغم من ارتفاع أسعارها، وتنظيم أعراسهم فيها، حتى إن اقترضوا من أجل ذلك، معتبرين أن ميزانية قاعات الأعراس تمثل عبئا بالنسبة لهم، بسبب ارتفاع قيمتها، إذ تبدأ من ‬300 ألف وتصل إلى مليون درهم، تبعا لفخامة القاعة، وعدد المدعوين، وقيمة الولائم، والكوشة، والفرق الفنية المشاركة.

وتفصيلاً، حذرت مديرة صندوق الزواج، حبيبة عيسى الحوسني من استمرار ظاهرة التفاخر والمباهاة والتنافس بين الشباب المقبلين على الزواج، في مواصفات حفلات الزواج، مشيرة إلى أن تأمين كلفة حفل الزفاف أصبح ضربا من ضروب الخيال والمبالغة، إذ تقدر بمئات الآلاف من الدراهم.

وأضافت أن «الموضة هي سيدة الموقف في الحفلات، بسبب التقليد والتنافس، بغض النظر عن الفروق المالية بين شخص وآخر»، شارحة أن «التنافس خلق نوعا وهميا من الضرورات يتعين معها تميز كل حفل عن الآخر بالتجهيزات الأسطورية، مثل الإضاءة والكوشة وتجهيز الطاولات وأصناف المأكولات والحلويات، إضافة إلى المشروبات، وتأجير طاقم خدمة خاص لتوزيع القهوة وغيرها من الاختراعات».

وكشفت الحوسني عن وجود قاعات حكومية مجانية، تمتاز بالذوق العالي والنظافة والرقيّ، أنشئت خصيصاً لتنظيم مثل هذه المناسبات لمساعدة الشباب، وخفض تكاليف الأعراس، إلا أن ثقافة المباهاة والمقارنة، هي ما يدفع الشباب إلى الابتعاد عنها، محذرة من أن تراكم الديون عليهم يجعلهم مكبلين بالأعباء في أولى سنوات حياتهم الزوجية، ما ينعكس سلبا على استقرار الأسرة.

ولفتت إلى أن معظم الشباب يلجؤون إلى الاستدانة من البنوك، لإقامة أعراسهم للظهور بمستوى الشخص الثري، الذي يمتلك أموالاً، ما يؤدي إلى ظهور حالات تعثر بين الشباب، تترتب عليها آثار سلبية ضخمة نتيجة البذخ غير المطلوب في تلك الأعراس مع عدم القدرة على سداد أقساط البنوك الدائنة.

وأكدت الحوسني أن «تكاليف الأعراس تختلف من شخص إلى آخر، ومن يحددها هما العروسان، وفقاً لاختياراتهما وطلباتهما»، مشيرة إلى أن «هناك فرصة حقيقية أمام العروسين لخفض أسعار إيجار القاعات ولوازمها إذا ما توقفا عن المبالغة والاتجاه نحو الأغلى سعراً، لأن هذه الثقافة تدفع الشركات إلى رفع الأسعار بصور مبالغ فيها لإثبات أنهم الأفضل»، معتبرة أن الثقافة السائدة بين الشباب هي أبرز المعوقات أمام خفض تكاليف الزواج.

وتابعت أن الصندوق ينظم برامج تثقيفية، ويتوجه إلى الشباب من الشرائح المقبلة على الزواج، سواء في الجامعات، أو حتى في المرحلة الثانوية، لتثقيفهم وتوعيتهم بأهمية بناء أسرة سليمة وقوية، لا تبدأ حياتها بالديون بسبب أمور فرعية وترفيهية.

وأضافت: «نخطط لكي تستهدف برامجنا التوعوية أكبر شريحة ممكنة من الشباب، لذلك ذهبنا هذا العام إلى الجامعات الخاصة، لأن أكثر من ‬50٪ من طلبتها مواطنون، وذلك بالتوازي مع برامجنا وحملاتنا داخل الجامعات الحكومية»، مطالبة «جميع الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة بالتكاتف، لتغيير هذه الثقافة التي تترتب عليها مشكلات مجتمعية كثيرة أبرزها تأخر سن الزواج لدى الفتيات، وتكوين أسر غير مستقرة نتيجة للديون المتراكمة عليها».

ودعت الحوسني الشباب إلى كسر احتكار القاعات الناتج عن الثقافة الخاطئة، بتنظيم أفراح بسيطة وأنيقة في القاعات المجانية التابعة للبلديات، أو المشاركة في الاعراس الجماعية، مشيرة إلى أن الصندوق نظم حتى الآن ‬116 عرساً جماعياً رجالياً، شارك فيه ‬6453 عريساً، إضافة إلى ثمانية أعراس نسائية شاركت فيها ‬113 عروسا، وذلك منذ أن بدأ برنامج الأعراس الجماعية عام ‬1998.

في المقابل، أكد كثير من الشباب رغبتهم في تنظيم أفراحهم بقاعات مخفضة الكلفة أو مجانية، إلا أن ما يمنعهم من ذلك هو موافقة العروس وذويها، إضافة إلى نظرة الأهل والمعارف لهذا الموضوع، ما يتسبب لهم في إحراج عائلي.

وقال احمد سعيد، وهو عريس حديث، إن تنظيم العرس في قاعة مناسبات مجانية، أو الاشتراك في العرس الجماعي أمر جيد، ويساعد على زيادة أعداد المتزوجين، خصوصا أن التكاليف سبب رئيس في العنوسة والطلاق، بسبب ديون ما قبل الزواج، مشيراً إلى أنه كان يتمنى ألا يقيم فرحا باهظ التكاليف، بسبب ما يعانيه حالياً من أعباء مالية بسبب الأقساط البنكية، لكن نظراً لخصوصية المجتمع الإماراتي، ونظرته إلى ليلة العرس باعتبارها أمرا شديد الخصوصية، فقد رفض أهل زوجته إقامة العرس في سياق جماعي، وطالبوا بأن يكون مشابها لأعراس شقيقاتها وبنات العائلة».

وطالب عبدالله أحمد، شاب مقبل على الزواج، وسائل الإعلام وخطباء المساجد بالتوجه الى الآباء، وتوعيتهم بالمشكلات المترتبة على ما سماه «شراء المظاهر الخادعة بالقروض البنكية»، معتبرا أن ذوي الفتيات هم المسؤول الأول عن انتشار هذه الظاهرة.

وأكد خالد حميد، طالب جامعي، أن كثيرا من عائلات العريس هي التي تُفشل فكرة العرس الجماعي، أو تنظيم العرس في قاعة مجانية، لأنها ترى أنه نوع من إظهار الفقر، وبمثابة الاهانة، مشيراً إلى أن شقيقه عرض على الأسرة فكرة المشاركة في عرس جماعي، لكن الفكرة قوبلت بالرفض التام والجماعي.

وذكرت أم لثلاث بنات أن معظم العائلات تفضل إقامة حفلة العرس بشكل فردي، في مكان لائق بمستوى العائلتين، حتى تتحقق خصوصية الحفل، وتكون مدعاة لسعادة العروسين، مشيرة إلى رفضها أن يكون عرس إحدى بناتها في إطار عرس جماعي أو غير مناسب، لأن في ذلك إنكار لحق العروس في الشعور بالخصوصية والتميز يوم عرسها.

تويتر