«أبوظبي للتعليم» وتربويون يطالبون بعقوبات على أصحاب المطبوعات المخالفة

خطاطون ومنفذو إعلانات لا يجــيدون «العربية»

أصحاب محال طالبوا بضرورة التأكد من وجود أشخاص يجيدون اللغة العـــــــــــــــــــــــــــــــــــربية في هذه المحال. من المصدر

كشف أصحاب محال تحتوي على لافتات بأسماء الأقسام والمنتجات وفيها أخطاء لغوية، أنهم نفذوا هذه اللافتات في مكاتب خاصة بالطباعة والخط، وغير مسؤولين عنها، خصوصاً أن اللغة العربية ليست لغتهم الأولى، مشيرين إلى أن معظم العاملين في هذه المكاتب ليسوا عرباً، ولا يتقنون اللغة العربية بشكل كبير.

فيما طالبت مديرة المناهج العربية في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة كريمة المزروعي، بفرض عقوبات على أصحاب جميع المطبوعات المخالفة التي تطبع بلغة عربية ركيكة من لوحات تجارية وملصقات إعلانية، ورصدت «الإمارات اليوم» زيادة أعداد اللافتات المكتوبة بلغة عربية ركيكة، وأخطاء إملائية، سواء على واجهات المحال أو داخلها أو على سيارات الشركات التجارية، وأيدها تربويون دعوا إلى تشديد الرقابة من قبل الجهات المختصة مثل البلديات، ووزارة التربية والتعليم، لحماية اللغة العربية من حالة الاغتراب التي تعيشها في المجتمع المحلي.

وتفصيلاً، قال صديق محمد، صاحب بقالة، «يوجد العديد من الخطاطين يمرون على المحال ويكتبون ما نحتاجه، ومعظمهم ليسوا عرباً، بل يحملون الجنسيتين الهندية والباكستانية»، مشيراً إلى أن «الأخطاء اللغوية في اللافتات الموجودة في محله ناتجة من عدم اتقانه اللغة العربية بشكل جيد، وتالياً لا يكتشف وجودها إلا في حالة تنبيه الزبائن له».

«سيانة» الهواتف

تشديد الرقابة

 

طالب تربويون بسنّ مزيد من التشريعات، وتكثيف مناهج اللغة العربية وتطويرها في شتى المراحل التعليمية، وتشديد الرقابة من قبل الجهات المختصة مثل البلديات، ووزارة التربية والتعليم، لحماية اللغة العربية من حالة الاغتراب التي تعيشها في المجتمع المحلي.

وأكد مدرّس اللغة العربية، أحمد شهدي، أن انتشار الأخطاء اللغوية في اللافتات المنتشرة في الشوارع والمحال التجارية، يدمر اللغة عند الأطفال، خصوصاً من يكونون في بداية تعلمهم، إذ يكون الطفل في طور تهجئة الحروف، وتالياً يفاجأ بأنه لا يفهم معنى ما يقرأه، فيميل إلى لغة اخرى تكون مفهومة أكثر بالنسبة إليه.

وانتقدت معلمة اللغة العربية، سلوى خالد، عدم شيوع هذه الأخطاء في اللغة الإنجليزية، وتكرارها في اللافتات العربية بشكل يثير القلق حول مستقبل اللغة العربية أمام الاهتمام المتزايد باللغة الإنجليزية التي أصبحت اللغة الأولى بين الشباب وفي سوق العمل والمؤسسات التعليمية.

وتساءلت معلمة التاريخ (أم سلطان)، عن الشروط الواجب توافرها لدى كتابة هذه اللافتات ومنح التراخيص التجارية، مطالبة بتشديد الرقابة على السلامة اللغوية في اللافتات كشرط من شروط منح الترخيص، وأن تقوم الفرق الرقابية المنتشرة في الأسواق بمخالفة المحال والشركات التي يوجد أخطاء لغوية في لافتاتها.

وأرجع موجه اللغة العربية، حميد صالح، شيوع الأخطاء اللغوية في اللافتات إلى جهل معظم الخطاطين بالقواعد الإملائية، خصوصاً أن معظمهم ليسوا عرباً، ويعتمدون في كتابتهم على رسم الحروف التي يشاهدونها، بغض النظر عن مدى سلامتها اللغوية.

فيما قلل صاحب محل هواتف يحتوي محله على لافتة مكتوب عليها «سيانة الهواتف، بدلاً من صيانة الهواتف»، برادش كومار، من أهمية اللغة في اللافتات الإرشادية، مشيراً إلى أن «الهدف من اللافتة هو التعريف بالمنتج، وتغير أحد الحروف لا يمثل مشكلة مادام المقصود من اللافتة واضحاً ولم يتغير». وأكد صاحب مطعم (م.ع) أنه يلجأ إلى مثل هؤلاء الخطاطين ومنفذي الإعلانات لعدم وجود بديل عربي يحترف هذه المهنة، التي يهيمن عليها أشخاص من دول آسيوية، مطالباً الجهات المعنية بالتأكد من ضرورة وجود أشخاص يجيدون اللغة العربية في هذه المحال.

وذكر صاحب محل للدعاية والإعلان، (فضل عدم ذكر اسمه)، أنه يعتمد على برنامج المدقق اللغوي الموجود على جهاز الكمبيوتر، خصوصاً أنه لا يجيد اللغة العربية وقواعدها بشكل جيد، لافتاً إلى أن «معظم الزبائن يهتمون في الأساس باللغة الإنجليزية، كونها الأكثر شيوعاً في الأسواق التجارية، وأنه يطالب الراغبين في إعداد لافتات أو وسائل دعاية باللغة العربية بكتابتها في ورقة بخط يديهم لينقلها، وتالياً هم من يتحملون الأخطاء اللغوية الناتجة عن ضعف الإلمام بقواعد اللغة العربية».

لجان متابعة

وقال الخطاط، أحمد سعيد، أصبح من الصعب وجود لوحة أو لافتة خالية من العيوب اللغوية، مشيراً إلى أن أكثر الأخطاء سابقاً كانت تقع في دائرة الهمزات، الألف المقصورة، والياء في آخر الكلمة، والتاء المربوطة والهاء في نهاية الكلمة، لافتاً إلى أن الأخطاء الآن أصبحت أكثر فجاعة، وتؤكد أن كاتبي اللوحات ليسوا عرباً، ولا يجيدون العربية أساساً، فبعض الاعلانات يستبدل حرف «ق» بـ«ج» والـ«ج» بالياء، وغيرها من الأخطاء العجيبة.

وتساءل سعيد: على من تقع مسؤولية المحافظة على جماليات اللغة حتى نجنب أنفسنا الأخطاء المشينة، مطالباً البلديات بتكوين لجان لمتابعة اللافتات الموجودة في المحال التجارية والعامة، لضمان سلامتها، وأن تكون لها صلاحية تصحيح كتابة الكلمات والمفردات حفاظاً على المظهر العام وحماية للغة، مشدداً على أن «عدم إلمام معظم العاملين في محال الخطاطين باللغة العربية بشكل جيد تسبب في انتشار الأخطاء الإملائية، وتشويه جماليات اللغة العربية».

من جهة أخرى، أكد مواطنون ومقيمون عرب أن الأخطاء الإملائية لا تقتصر على اللافتات التجارية فقط، مشيرين إلى أن معظم البطاقات الإعلانية التي توزع على المنازل وفي المولات التجارية فيها أخطاء إملائية.

وقال المهندس يوسف البلوشي، لاحظت أخطاءً إملائية كثيرة في البطاقات الإعلانية التي توزع على المنازل، وبعضها يوزع مع جرائد إعلانية، لافتاً إلى أن معظم إعلانات شركات توزيع المياه فيه العديد من الأخطاء الإملائية.

وأضاف «حاولت أن استفسر عن الأمر خصوصاً أن بعضها ساذج، ولا يقع فيه طالب في المراحل الاولى من تعليمه الأساسي، فاتضح لي أن معظم العاملين في مهنة الخط، يحملون جنسيات دول آسيوية وغير ملمين باللغة العربية، إضافة إلى أن معظم اصحاب هذه المحال والشركات هم أيضا لا يجيدون اللغة العربية، ويهتمون في الإعلان بجودة وصحة المكتوب باللغة الانجليزية أو اللغات الأخرى، ويرفضون تصحيح الأخطاء ، حتى لا يتحملون قيمة إعادة كتابة اللافتة.

إهمال اللغة

في المقابل، حذرت الدكتورة كريمة المزروعي، من انتشار اللافتات الإعلانية المسيئة للغة العربية، بسبب الأخطاء المتعددة فيها، ما يؤدي إلى عدم فهمها، والاضطرار إلى قراءتها باللغة الإنجليزية لفهم مغزاها.

وقالت المزروعي لـ«الإمارات اليوم» إن التهاون في حق لغتنا، وترك اللوحات المسيئة تملأ الطرقات، يعطي صورة للمجتمع بأن اللغة العربية ليست موضع اهتمام، ما يشجع على إهمالها، وعدم تصحيح الأخطاء المنتشرة على واجهات المحال، وإعلانات الشوارع.

وأضافت لابد من وجود قرار مجتمعي، من الجهات الرقابية، بمعاقبة أي شركة تخالف قواعد اللغة العربية، وتنشر إعلانات بلغة ركيكة، تسيء إلى لغتنا الأم، خصوصاً أننا لا نجد هذه الأخطاء في النسخة الإنجليزية من اللافتة نفسها.

وشددت المزروعي على أن عواقب هذه الإعلانات على الأطفال والشباب كبيرة جداً، وتدفعهم إلى الحديث والتفاهم بلغة أخرى، نظراً لإحساسهم بأن لغتهم غير مهمة ولا أحد يحافظ عليها.

تويتر