شباب يعتبرون الجمال عنصراً رئيساً لنجاح الأسرة

مواطنات: إقبال الشباب على الحسـناوات يزيــد العنوسة

اختيار الزوجين لم يعد يخضع لشروط الأهل. تصوير: أشوك فيرما

اتهمت فتيات إماراتيات الشباب باشتراط الزواج من حسناوات تتوافر فيهن معايير جمال المظهر على حساب الجوهر، نتيجة خلو عقولهم، وتقليدهم الأعمى للنماذج الغربية، إذ يفضل الشباب الارتباط بـ«الدلوعات»، والتعامل مع تكوين الأسرة على اعتبار أنها مغامرة، مؤكدات أن «جمال العروس وحده لا يكفي للاستقرار وتحقيق السعادة الزوجية»، فيما دافع شباب عن اختياراتهم، مؤكدين أن اختيار الزوجة التي تتسم بـ«البهاء»، أحد أسباب نجاح الزواج واستمرار وزيادة الترابط الأسري، وحذر خبراء مشورة أسرية، من خطورة شيوع هذا النمط من التفكير، على عقول الشباب وإقبالهن على الحسناوات، إذ قد يؤدي إلى المزيد من الخلل في التركيبة السكانية، وارتفاع نسبة المواطنات اللاتي يفوتهن قطار الزواج.

كانت قضية اختيار الشباب الإماراتي شريكة العمر، فرضت نفسها على المنتديات الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، خصوصاً بعد ارتفاع نسب العنوسة، وزيادة أعداد زيجات المواطنين من أجنبيات، وقالت فتيات إن شباباً يهتمون بمعايير جديدة للجمال أهمها أن تكون شريكة الحياة حسنة المظهر الخارجي، على حساب التدين والعلم والقدرة على تحمل المسؤولية.

نظرة سطحية

خلل في التفكير

ذكرت الخبيرة الأسرية، المحاضرة في صندوق الزواج، اعتدال الشامسي، أن وجود خلل في طريقة تفكير بعض الشباب بتفضيل الحسناوات يؤدي إلى استمرار ظاهرة العنوسة وزيادتها، مطالبة بضرورة وجود دورات تنشيطية، بين الشباب في المراحل التعليمية الثانوية والجامعية، للتوعية بأسس الاختيار السليم لشريك الحياة، سواء للشباب أو الفتيات، تعتمد على الدراسات النفسية والاجتماعية والدينية، للتوعية بأهمية الزواج على أسس سليمة.

وحذرت من خطورة شيوع هذا النمط من التفكير، على عقول الشباب وإقبالهم على الحسناوات، إذ قد يؤدي إلى المزيد من الخلل في التركيبة السكانية، وارتفاع نسبة المواطنات اللاتي يفوتهن قطار الزواج.

وتفصيلاً، قالت مريم محمد، إن السعادة الزوجية لا ترتبط بجمال ظاهر، وإنما الأصل يكون بالجمال الباطن، مؤكدة أن الإعلام له دور في التأثير في عقلية الشاب والفتاة في اختيار شريك المستقبل، وأن هناك دوراً سلبياً للإعلام، خصوصاً على تفكير الشباب في موضوع اختيار شريكة الحياة، فمنهم من يرغب في أن تكون شريكة حياته مثل المذيعة أو الممثلة، ومنهم من يتأثر بما يعرض على الشاشات من مسلسلات أجنبية تغرس في ذهن الشباب مواصفات معينة لشريك الحياة وفي الأغلب تكون هذه المواصفات سطحية بعيدة كل البعد عن الهدف الأسمى لاقتران الرجل بالمرأة.

وذكرت ريم صالح، أن معظم الشباب حالياً من أصحاب النظرة السطحية الذين ينظرون دائماً إلى القشرة الخارجية للمرأة ولا يتلفتون إلى جمال جوهرها، ورجاحة عقلها، لافتة إلى أن «الشاب الذي يقيم الفتاة على أساس مظهرها لا يستحق أن يكون زوجاً، ولا يُعتمد عليه في بناء أسرة وتربية الأبناء»، مؤكدة أن «جمال العروس وحده لا يكفي لتحقيق الاستقرار و السعادة الزوجية التي يسعى إليها الشباب».

وأكدت فتاة أطلقت على نفسها «بنت البر»، أن «معظم الشباب حالياً لا يلتفتون إلى الجمال الداخلي، وعاطفة المرأة الدافئة، وثقافتها وأدبها، وذوقها، وفنها، وخفة ظلها وبشاشتها، ويركزون على الفتيات «الدلوعات» اللاتي يتسمن بالبشرة البيضاء والعيون الفاتنة والقوام الممشوق، على الرغم من أن هذه الجوانب تبرز جمال المرأة مؤقتاً، ولن تبقى طوال الزواج والعمر، وسيزول الجمال الخارجي مع مرور الزمن».

ودعت «بنت البر» الشاب المقبل على الزواج، ألا يحرم نفسه من التمتع بالجمال الذي يدوم طول العمر مقابل الجمال المؤقت، وأن يختار من تصلح لأن تكون زوجة وأماً وصديقة، لا من تصلح أن تكون موديلاً في «فاترين» عرض، خصوصاً أنها كلما تقدم بها العمر سيزهد الرجل بجمالها الخارجي، وتزيد رغبته في جمال الجوهر.

وأفادت «سحر سيد»، بأن هناك الكثير من المشكلات لرجال تزوجوا جميلات، أو حسب تعبيرها الحرفي، «الحسناوات اللاتي ظلوا يبحثون عنهن وسط كل الترشيحات»، وتنازلوا في المقابل عن شروط أخرى أكثر أهمية، وبعد فترة من الزواج بدأوا الشكوى من أنهم غير سعداء.

وأضافت «جمال العروس وحده لا يكفي لتحقيق السعادة الزوجية، ومعرفة الزوجة أن زوجها اختارها لجمالها فقط، يدفعها لأن تغتر بجمالها، وهذا حدث بالفعل، خصوصاً أن إحساسها الزائد بدلالها يجعل الزوج يكره عشرتها وتزول السعادة وتتحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق».

وأكدت (أم غصون)، أن سحر الأخلاق الحسنة يضفي على الحياة بهجةً وسعادة، لافتة إلى أن الباحثين عن الجمال يتعين عليهم أن يعلموا حقيقة جمال المرأة، حتى يبحثوا عنه، ولا ينخدعوا بجمال الشكل الذي يذهب مع متغيرات الحياة، لأنه لا يكفي وحده، ومع مرور الأيام والسنين والحمل والرضاعة يتبدل الحال. وتابعت «هناك جمال اللسان، حيث تنتقي الزوجة أطايب الكلام لزوجها، وجمال الروح الذي يتمثل في حُسن الخلق وحسن المعاشرة، وجمال اللسان، وهذان هما اللذان يبقيان مع المرأة، ما دامت عارفةً ربها ورعةً تقية، أما غير الملتزمة فإن عواصف المشكلات الزوجية تُذهب بأخلاقها ولا يبقى إلا الشكل الظاهر مجردًا من أي جمالٍ معنوي».

جمال الروح

في المقابل دافع العديد من الشباب عن اختياراتهم والبحث عن الجمال ضمن مواصفات العروس، مؤكدين أن اختيار شريكة الحياة لا يعتمد على عامل واحد فقط، بل على العديد من العوامل والجمال أحدها ولا يأتي في المرتبة الأولى في كثير من الأحوال، وقال حميد سعيد «نرى الكثير من الشباب الآن يبحثون عن الزوجة ذات الجمال الشكلي، وعدم الالتفات لجمال الروح وحسن المعشر، لمجرد التفاخر وسط عائلته بأن زوجته جميلة الشكل، فهذا أيضا حال الكثير من الفتيات، اللاتي يردن شباباً يتسمون بالوسامة لتتفاخر بهِ بين زميلاتها وأهلها».

ورأي محمد صالح أنه في السابق كان الأهل يجبرون الشاب أوالفتاة على الزواج من الشخص الذي يختارونه لهم، على العكس مما يحدث حالياً فقد اختلف كل شيء مع عصر الانفتاح والعولمة، وأصبح الزواج قائماً على اختيار الزوجين وليس على الأهل، والقليل من الشباب من يطالب أهله بالبحث له عن عروس، لذلك اختلفت معايير اختيار الزوجة، وأصبح الاختيار الشائع قائماً على الجمال، اكثر منه على القرابة والمعرفة العائلية، فيما أكد عادل أحمد أن شريكة الحياة يجب ان تتمتع بالجمال، مؤكداً أن اختيار الزوجة التي تتسم بـ«البهاء» أحد أسباب نجاح الزواج واستمرار وزيادة الترابط الأسري، لكن هذا الجمال لا يغني عن الدين والخلق والأصل الطيب، مشيراً إلى انه ليس من العيب ان يبحث الرجل عن عروس جميلة بشرط ألا يتنازل عن بقية الصفات الاخرى.

وحذر أحمد سعد، الشباب من الوقوع في تجربته الزوجية التي خاضها بناء على انبهاره بجمال زوجته، شارحاً «بهرني جمالها، وتغاضيت عن اللامبالاة في تصرفاتها، وقلتُ سأبذل معها مجهودًا أثناء فترة الخطْبة، وبالفعل خطبتها، وقد أبدت بعض القبول في بداية الخطبة بأن تلتزم بكلامي، وبعد الزواج بدأت المشكلات البسيطة تظهر عيوبها التي لم أكن أتوقعها، فقد كانت عنيدةً وتتكبر علي بجمالها، وأصبح جمالها نقمةً علي وليس نعمة، حتى صرتُ لا أطيق النظر إلى وجهها لسوء معاملتها لي، وأفكر الآن في تطليقها والزواج بأخرى، لكن ذات دين وخلق، ولقد آمنت إيمانًا لاشك فيه أن الجمال وحده بغير الدين والطيبة، والعقل الراجح يدمر الحياةَ الزوجيةَ ويقلبها إلى جحيم».

الزوجة القوية

وأكدت المستشارة الأسرية، في صندوق الزواج، عائشة الحويدي، أن ظاهرة البحث عن العروس الجميل، تعتبر أزمة في الوقت الحالي، خصوصاً بعد أن أصبح أول طلب للعريس وأهله ان تكون العروس جميلة، وبيضاء وممشوقة القوام.

وقالت «الوقت الحاضر لا يحتاج إلى العروس الجميل، بقدر ما يحتاج إلى الزوجة القوية الواعية بأسس الزواج، ومتطلبات الحياة، مطالبة الشباب بالتركيز على الدين والأصل والصحة، والثقافة، بجانب القبول وحسن الطلعة».

وأضافت «إذا كنا نسعى إلى تكوين أسرة سعيدة، فلابد من التركيز على الجوهر، خصوصاً أن الشباب الآن معظمه غير ملتزم، لذلك يتعين أن تكون هناك برامج توعية للشباب في المرحلتين الثانوية والجامعية، عن الاسس السليمة لاختيار الزوجة وتكوين العائلة، لان الشباب أصبح غير مدرك أهمية الاختيار على اساس القيم، والمودة، ويفتقد الكثير منهم النظرة المستقبلية».

أكدت مدير عام مؤسسة صندوق الزواج، حبيبة عيسى الحوسني، حرص الصندوق على تقديم الدعم المالي والتوعية اللازمة للمقبلين على الزواج، والإسهام في تكوين الأسرة الإماراتية القائمة على أسس سليمة، لتحقيق التماسك والاستقرار، بالإضافة إلى متابعة المتزوجين ومساعدتهم على حل أي مشكلة قد تواجههم، لتفادي الانفصال.

وأوضحت أن الصندوق لديه خدمة الإرشاد الأسري التي تتولى مهمة الإرشاد والتوجيه كخدمة واجبة يقدمها لدعم الأسرة وبناء المجتمع، مشيرة إلى ان برنامج «إعداد» الذي ينظمه الصندوق للمقبلين على الزواج والراغبين في التعرف بأسس بناء الأسرة السعيدة يتضمن محور الاختيار، يهدف إلى التعريف بالاختيار وآليات الاختيار، ورفع مستوى الوعي بموضوع الاختيار وأهميته في الحياة الزوجية، وتزويد المتدرب بآلية الاختيار.

تويتر