سُوء العِشْرة وتدخّل الأهل والزوجة الثانية أهم أسباب الطلاق

٪64 من المُطلقات يتهمن أزواجـهن بعدم المسؤولية

تثقيف وتأهيل المقبلين على الزواج يحدان من حالات الطلاق. الإمارات اليوم

كشفت دراسة ميدانية أجرتها مؤسسة صندوق الزواج، عن ارتفاع معدلات الطلاق بين المواطنين، وأن نسبة كبيرة من المطلقات تزوجن في سن مبكرة تراوح ما بين 15 و29 سنة، وتطلقن قبل سن الـ،40 ومعظمهن راوحت فترة زواجهن من أربع إلى تسع سنوات، وأن 71٪ من المطلقات أنجبن أطفالاً، وأن أغلب المطلقات لا يعملن، وغير قادرات على تلبية احتياجاتهن الحياتية بمفردهن، ويعتمدن على مساعدة الآخرين.

وأشارت الدراسة التي شملت عينة عشوائية من مختلف إمارات الدولة، إلى أن أغلب حالات الطلاق بسبب سوء العِشْرة، وتدخل الأهل الذي يتسبب في تصاعد وتيرة المشكلات، بالإضافة إلى عدم المعرفة السابقة بين الزوجين، وزواج الزوج بأخرى.

وأفادت بأن 30٪ من المطلقين أكدوا أن طلبات الزوجة المالية المتزايدة كانت سبباً رئيساً في الانفصال، وذكرت 64٪ من المطلقات أن عدم تحمل الزوج مسؤولياته، تجاه واجباته الأسرية، خصوصاً المالية، كانت مصدراً للمشكلات والخلافات التي أدت إلى الطلاق.

وبينت الدراسة أن الناحية الاجتماعية لها دور في انفصال الزوجين، إذ إن الفارق العمري بين الزوجين يلعب دوراً رئيساً في إنهاء الحياة الزوجية، حيث بلغت نسبة الطلاق بسبب السن 81٪، كما أن تدخل أهل الزوجين لعب دوراً كبيراً في تصدع الحياة الزوجية، وبلغت نسبة المتأثرين من تدخل الأهل 59٪ للمطلقين، و46٪ للمطلقات.

وتناولت الدراسة الجانبين الاقتصادي والثقافي، وأثرهما في الحياة الزوجية، وتبين أن 10٪ من أفراد العينة التي جرى عليها المسح الميداني، يرون أن الطلاق حدث بسبب عدم وفاء الزوج بالتزاماته المالية، وفي الوقت ذاته اظهرت الدراسة أن 70٪ من المطلقات حاصلات على الشهادة الإعدادية فما دونها، ما كان سبباً في الطلاق نتيجة فقدان محور التفاهم وتبادل الآراء، وبلغت نسبة المطلقين بسبب عدم وجود اهتمامات ثقافية مشتركة بين الطرفين 80٪، بنما كانت نسبة المطلقات 73٪.

«إعداد»

طالبت المستشارة الأسرية في صندوق الزواج، والمحاضرة في برنامج «إعداد»، عائشة الحويدي، بتعميم برنامج «إعداد» على جميع المواطنين المقبلين على الزواج، وتوسيعه بالتعاون مع مؤسسات أخرى، مشيرة إلى أن المجتمع حالياً يعاني الأسر المفككة، بسبب أشخاص غير مسؤولين لا يعرفون عن الزواج ومسؤولياته شيئاً، والنتيجة تكون ابناء مدمرين، مشددة على ضرورة تكاتف الجهات ذات العلاقة مع الأسرة لمساعدة المتزوجين على التفاهم والاستقرار.

وأضافت «يجب ايضاً أن يكون هناك إصلاح لذات البين لأن هناك آثاراً كبيرة تقع على المجتمع بسبب الطلاق، ولابد من وجود لجان للصلح وإقناع المطلقين باستئناف حياتهم الزوجية، خصوصاً أن ظاهرة الطلاق في المجتمع الإماراتي لم تعد مقصورة على حديثي الزواج، بل تعدتها إلى الأزواج القدامى»، لافتة إلى تزايد حالات الطلاق بين أزواج مر على زواجهم أكثر من 10 سنوات.

وأكدت 43٪ من المطلقات أن العقم وعدم الإنجاب كان سبباً رئيساً في طلب الطلاق، بسبب كثرة المشاحنات، والشجارات بين الزوجين ما اوصلهما إلى الانفصال وطالبت الدراسة بضرورة مساعدة الأسر في وضع برنامج اسري متكامل، من حيث العلاقات الداخلية في الأسرة، ومعرفة الأدوار وتوقعاتها، وتعزيز مهارات الحوار والتفاهم، وإعطاء الإرشادات والنصائح للزوجين، والحرص على عدم التدخل المباشر من جانب الأهل، ومحاولة الإصلاح بين الزوجين في حالات الخلاف، مع عدم الميل إلى احد الطرفين، بالإضافة إلى إعطاء الشاب والفتاة حرية اختيار شريك العمر، مع المراقبة والتدخل بالنصح والإرشاد وكيفية الاختيار وأُسسه قبل الزواج.

وأشارت الدراسة إلى ضرورة دراسة الآثار النفسية للطلاق في المطلقين والمطلقات وأبنائهما، من حيث عدد مرات الطلاق واثرها في تكرار الطلاق، ومتابعة حالات الطلاق لمعرفة الأمراض النفسية والعضوية الناتجة عنه، واثر الطلاق في بعض الأمراض النفسية، ووضع برامج نفسية واجتماعية لإعادة تأهيل ابناء المطلقين اجتماعياً ودراسياً ونفسياً، ووضع برامج إعلامية عن المشكلات الاجتماعية والنفسية والدراسية لأبناء المطلقين وكيفية علاجها.

من جانبها، أوصت مؤسسة صندوق الزواج، وعدد من المؤسسات الحكومية والأهلية، العاملة في مجال البناء الأسري، بضرورة تكوين قاعدة بيانات تتضمن احصاءات دقيقة عن الحالة الاجتماعية للمواطنين والمواطنات وما يطرأ عليهم من تغيرات، مع رصد دقيق لوقائع الطلاق وتصنيفها حسب المنطقة والمتغيرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

من جانبها، قالت مدير عام مؤسسة صندوق الزواج بالإنابة، حبيبة الحوسني، لـ«الإمارات اليوم» إن الصندوق أطلق أخيراً حملة توعية خاصة بالاستقرار الأسري، تحت شعار «الحوار البناء وأهمية الاستقرار الأسري»، بهدف خلق بيئة مناسبة لبناء أسرة مواطنة تتمتع بمستلزمات الاستقرار والتماسك الذي يمكنها من إنجاب وتكوين أفراد مواطنين قادرين على خدمة وبناء وحماية الوطن.

وأشارت إلى أن الحملة تستهدف جميع امارات الدولة، بهدف دعم وترسيخ الحوار الأسري البناء، واثره في استقرار الأسرة، لأن الحوار هو السبيل الوحيد لتوصيل الرسالة الصحيحة وفهم كل طرف للآخر، خصوصاً اذا كان الزوجان مختلفين في الطباع والصفات والتنشئة.

وشددت الحوسني على أن الصندوق يسعى لتطوير اعماله وعدم قصرها على تقديم المنح المالية للمواطنين الشباب المقبلين على الزواج، بمبادرات داعمة مثل الحملات التي يطلقها، وتشمل الأهل والشباب المقبلين على الزواج إلى جانب طلبة وطالبات الثانوية العامة والجامعات والمعاهد والمدارس العسكرية، بهدف تثقيفهم من خلال المحاضرات والورش بأهمية الحوار والتعامل الأسري والاجتماعي والعملي البناء والإيجابي.

من جانبه، كشف رئيس شعبة الحالات الأسرية، في محاكم دبي، الدكتور عبدالعزيز الحمادي، عن زيادة سنوية في أعداد قضايا الأحوال الشخصية بمقدار 10٪.

وأشار إلى أن لجان حل المنازعات الأسرية في محاكم دبي تتلقى 20 حالة اسرية يومياً، محذراً من انتشار ظاهرة الطلاق، خصوصاً أنه لم يعد مرتبطاً بحديثي الزواج، أو المتزوجين من اجنبيات فقط، مطالباً بضرورة تبني مشروع يعالج ظاهرة الطلاق، ويعيد تقريب وجهات النظر بين المطلقين لمساعدتهم على استئناف حياتهم، على أن يتولى هذا المشروع جمعيات اجتماعية، تعمل تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية.

من جانبها، حذرت المحاضرة في برنامج «إعداد» لتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، التابع لصندوق الزواج، اعتدال الشامسي، من أن الإمارات أصبحت الأولى خليجياً في نسبة الطلاق، مطالبة ببرامج ومحاضرات توعية للمقبلين على الزواج والمتزوجين ايضاً، للحد من ارتفاع معدلات الطلاق.

وطالبت بدورات تنشيطية للمتزوجين لكسر حالات الملل التي تصيب الزوجين، مشيرة إلى أن هذه الدورات ينصح بها علماء الاجتماع والنفس، وحتى علماء الشريعة بدأوا يعطون هذا الموضوع اهمية قصوى لأن الاسرة هي لبنة المجتمع، اذا صلحت صلح المجتمع.

واقترحت عدم السماح للمقبلين على الزواج بعقد قرانهم الا بشهادة تثبت حصولهم على برنامج لإعداد وتأهيل المقبلين على الزواج، مطالبة ببرامج لإعادة المطلقين إلى الحياة الزوجية مرة أخرى، لمكافحة ارتفاع نسب المطلقات في المجتمع.

وقالت الشامسي «نحن نوفق بين المطلقين، ولكن بصورة فردية، ومجهود شخصي، ومعظم هذه المحاولات تتم في فترة العدة، لذلك لابد من التفكير في مشروع متكامل على مستوى الدولة، والحكومة، تشارك فيه كل المؤسسات المجتمعية».

في المقابل، أفادت المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع، وداد لوتاه، بأن دور وحدات التوجيه الأسري يقتصر على محاولة حلّ المشكلات، ومنع وقوع الطلاق، وينتهي دورها عقب وقوعه، لافتة إلى أن وحدة الاستشارات الأسرية تقدم استشارات مجانية للأزواج الراغبين في تلقي النصيحة والمشورة، لحلّ الخلافات بينهما قبل أن يؤدي استفحالها إلى الطلاق.

وقالت إن دور الوحدة في الإصلاح بين الزوجين وحلّ المشكلات الأسرية، من شأنه الحدّ من معدلات الطلاق التي تصل إلى المحكمة، وغالباً ما تكون الأسباب بسيطة، يمكن حلّها، وإيجاد طرق للصلح بين الطرفين.

وأضافت أن «محاولات الإصلاح تكون فردية وبمجهود شخصي بعد الطلاق، وأن كثيراً من الزوجات يندمن عقب انفصالهن عن أزواجهن، ويتصلن بي، ويطالبنني بمحاولة إعادة الحياة الزوجية قبل نهاية فترة العدة».

تويتر