طالبه بتطوير أدواته الإعلامية وإبراز «التقصير» بهدف الإصلاح وليس التشهير

«الاتصال الحكومي»: الإعلام الرسمي الموجّه لم يعد مقبولاً

المحاضرون أكدوا أهمية التعليم في التنمية الوطنية. من الصدر

حثّ منتدى الاتصال الحكومي الأول وسائل الإعلام على تحري الدقة في ما تبثه وتذيعه وتنشره، وأكد أن الإعلام الرسمي الموجه لم يعد مقبولاً، مطالباً بتطوير الأدوات الإعلامية بما ينسجم وروح العصر.

وقال الشيخ سلطان بن احمد القاسمي، رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، إن «الإعلام الهادف والملتزم والمحايد، يشكّل دعامة قوية في تطور الشعوب والأمم، لأنه يبرز إنجازاتها ويقدم صوراً ومفاهيم صحيحة، ولا يقف دوره عند هذا الحد، بل عليه أيضا مسؤولية متابعة التقصير الذي قد يظهر أحياناً هنا وهناك، وإبرازه بهدف الإصلاح والتطوير، وليس بهدف الإساءة والتشهير».

صدقية «المتحدث الرسمي» شرط لإدارة الأزمات

شهدت وقائع منتدى الاتصال الحكومي الأول، أمس، جلستين، حملت الأولى عنوان «إدارة المخاطر والأزمات الإعلامية» والثانية «المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية».

وركزت الجلسة الأولى، التي تحدث فيها مدير مكتب تلفزيون «إم.بي.سي» في القدس، الدكتور نبيل الخطيب، ورئيس شركة ابكو العالمية، براد ستيبلز، وأدارتها المذيعة في قناة الجزيرة، ليلى الشيخلي، على البحث في موضوع الأزمات الإعلامية وأسبابها وكيفية تجنبها، وطرح الحلول العملية للمؤسسات الحكومية في مواجهة تلك الأزمات.

وعرض المحاضران آليات تقييم أداء المؤسسات الحكومية للأزمات الإعلامية، وكيفية إدارة العلاقة مع وسائل الإعلام بشكل احترافي، مؤكدين أهمية تعزيز الثقة بالأداء الإعلامي للجهات الحكومية قبل وقوع الأزمات.

وتناولت الجلسة سيناريوهات ناجحة وأخرى لم تكن على مستوى الأزمات لممارسات أقسام الاتصال الحكومية.

ومثالاً غير ناجح على فشل الاتصال الحكومي في مواكبة الأحداث تطرق براد ستيبلز إلى حادثة إعصار كاترينا، وكارثة فوكوشيما في اليابان، إذ اتسم الأداء الحكومي بعدم القدرة على نقل رسائل واضحة حول الأزمة، وفشل في التواصل مع وسائل الإعلام وتلبية احتياجات الاتصال الميدانية. وفي المقابل، عرض حادثة انتشار وباء «سارز» في سنغافورة، وكيفية التعاطي مع الأزمة بأشكال ميدانية مختلفة، حيث تم الحرص على إشراك وسائل الإعلام والعمل على المستوى المجتمعي، وحرصت وزارة الصحة على عقد مؤتمر صحافي يومي إلى حين انتهاء أسئلة الصحافيين التي تعكس المخاوف الرئيسة للشعب، فضلاً عن إطلاق قناة تلفزيونية خاصة تتحدث باللهجات المحلية للسكان، الأمر الذي أدى إلى حالة من الرضا العام عن أداء الاتصال الحكومي.

وبدوره أورد الخطيب أمثلة من خبرته الشخصية، كالتعتيم الإعلامي الحكومي الذي رافق كارثة تشرنوبل أثناء وجوده في مينسك، قبل 25 عاماً، مضيفاً أن مهمة العلاقات العامة في هذه المنطقة غالباً ما تركز على «إسدال الستار» (حجب المعلومات) عن الجمهور، ولكن هذه الحال قد تغيرت حالياً.

أما جلسة المتحدث الرسمي في المؤسسات الحكومية، التي تحدث فيها عضو مجلس إدارة مؤسسة الشارقة للإعلام، أحمد سالم بوسمنوه، والناطق الرسمي الأسبق في الحكومة الأردنية، الدكتور نبيل الشريف، والمستشار الإعلامي السابق في رئاسة الجمهورية اللبنانية، رفيق شلالا، وأدارها المذيع في قناة الجزيرة، محمد كريشان، فناقشت أهمية الدور الذي يلعبه المتحدث الرسمي في تحقيق الفهم المتبادل بين المؤسسة التي يمثلها والرأي العام، وعلاقة ذلك بتحسين صورة مؤسسته وتعزيز سمعتها الإيجابية.

وسلطت الجلسة الضوء على أبرز التحديات التي تواجه عمل المتحدث الرسمي وكيفية التغلب عليها، إضافة إلى الحديث عن المهارات التي يجب أن يتمتع بها المتحدث الرسمي للقيام بواجبه على أكمل وجه.

وبحثت الجلسة اختلاف التعاطي مع الصحافة بفضل ما حصل عليه الإعلام أخيراً من حريات؛ الى جانب أهم مميزات وصفات المتحدث الرسمي.

وقال شلالا، إن فكرة وجود متحدث رسمي جديدة، ونظراً لحساسية هذه المهمة، لم يكن يتم سابقاً تكليف أحد بها، ولكن دعت الضرورة لذلك مع الأحداث والتطورات التي جعلت من وجود متحدث رسمي أمراً ضرورياً لأهميته مصدراً موحداً للمعلومات الصادرة عن الجهة التي يمثلها.

وأضاف أن المتحدث الرسمي يجب أن يتمتع بصفات وقدرات معينة على صعيد الشكل والمضمون، بما في ذلك القدرة على إيصال الرسالة، وعلى الإقناع، والصدقية، وتوحيد الصورة، والاطلاع على الأحداث، فلا مجال لعبارة: «لا أعرف».

وقال الشريف إن المتحدث الرسمي يلعب دوراً مهماً في تشكيل صورة الحكومة أمام الجمهور، لذلك عليه أن يتمتع بالوضوح وأن يكون جزءاً من القرار ومواكباً له، وليس فقط وسيلة لإيصال المعلومات، وفي حين تقع مسؤولية إيصال المعلومة على عاتق المسؤول السياسي والمتحدث الرسمي؛ فقد تم حصرها في المتحدث الرسمي لمنع أي مجال للتضارب في المعلومات.

وسلط بوسمنوه الضوء على دور المتحدث الرسمي في منطقة الخليج، والإمارات بشكل خاص، وكونه جزءاً من الثقافة المجتمعية، ما يزيد من أهمية الشفافية مع الجمهور والحاجة إلى توفير بيئة مناسبة تفسح المجال للحديث عن الموضوعات العامة.

إلى ذلك، ترتكز جلسات اليوم الثاني على حملات التوعية في الاتصال الحكومي في كل من الولايات المتحدة وأميركا، وخبرات ماليزيا وتركيا في تطوير الاتصال الحكومي الإعلامي، ودور الإعلام المرئي في دعم المؤسسات الحكومية والتطور الاجتماعي، ودور الكاريكاتير في تصحيح المفاهيم الخاطئة ورفع مستوى الوعي.

وأضاف في كلمة له بمناسبة انطلاق المنتدى، الذي ينظمه مركز الشارقة الإعلامي، وتستضيفه غرفة تجارة وصناعة الشارقة: «لا نريد إعلاماً تائهاً مضللاً، ولا إعلاماً رسمياً موجهاً، بل نريد إعلاماً صادقاً يخاطب العقول، وقادراً على تحمل المسؤولية في إظهار الحقيقة التي هي حق مشروع للمتلقي»، لافتاً إلى أن «الساحة الإعلاميةأ شهدت تطوراً كبيراً في مختلف وسائل الإعلام، من مطبوعة ومرئية ومسموعة ورقمية، حتى بات لزاماً علينا جميعاً أن نتحرى الدقة في المعلومات التي نقدمها للقارئ والمشاهد والمستمع، ما يتطلب تضافر جهودنا جميعاً من إعلام حكومي ووسائل إعلام خاص للخروج باستراتيجية إعلامية تحقق أهدافنا على الدوام، هدفها الرئيس إيصال الرسالة الإعلامية لإمارة الشارقة والعالم أجمع بأفضل صورة».

وأوضح أن «المنتدى يأتي ضمن توجيهات ومرئيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تطوير الإعلام بجميع أشكاله ووسائله، حيث نلتقي على مدار يومين لنتبادل الأفكار والخبرات لبلورة نتائج تخدم أمتنا وشعوبنا في تقديم رسالة إعلامية حكيمة وهادفة تخاطب الشعوب بما يترجم أفكارنا وما تقتضيه أجندتنا الفكرية والثقافية بصدق وبشفافية».

وأفاد مدير مركز الشارقة الإعلامي، أسامة سمرة، بأن جلسات المنتدى، الذي انطلق أمس، ستناقش الاحتياجات والمهارات الاعلامية التي تسعى إلى السمو بالأداء الإعلامي وتوفير أحدث الممارسات المهنية للاتصال الحكومي ووضعها في متناول قادة الرأي ورؤساء المؤسسات الحكومية وكبار المسؤولين.

فيما أكد المتحدث الرسمي للمنتدى رئيس الوزراء الماليزي السابق، داتو سري عبدالله أحمد بدوي، أن التعليم وتنمية الثروة البشرية المبنية على مبادئ الإسلام الحضاري، يضمنان مستقبلاً من التقدم والازدهار، معتبراً أن «ماليزيا تقدم نموذجاً متواضعاً للتجديد والإصلاح، وربما النهضة في العالم الإسلامي، لكنها لا تدعي أنها كاملة، وأن لديها كل الأجوبة لمشكلات العالم الإسلامي».

وأشار إلى إحصاءات اليونسكو التي تشير إلى وجود 373 باحثاً لكل مليون نسمة في العالم العربي، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ ،1081 ولكن كثيراً من هؤلاء العلماء لا يعيشون في المنطقة، وقد أُخذت مواهبهم إلى الغرب، كما تشير الإحصاءات إلى أن واحداً فقط من أهم 100 عالم في العالم يأتي من العالم العربي، في حين ان المنطقة قدمت حائزاً واحداً لجائزة نوبل، وهو المصري المولد أحمد زويل، الذي حصل على جائزته في الكيمياء عام ،1999 بينما كان يعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية.

كما أن عدد الكتب المترجمة سنوياً من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية في حدود 300أ، وبالمقارنة مع هذا، في بلد صغير مثل اليونان، هناك خمسة اضعاف عدد الكتب التي تترجم في المنطقة العربية بأسرها، وفي اسبانيا وحدها يُترجم ما يقرب من 100 الف كتاب سنوياً.أ وقال «إننا بحاجة إلى أن تنمو شعوبنا قبل أن نتمكن من تنمية اقتصادنا، وإلى رؤية لتحديد أهدافنا، وإلى خطط وبرامج طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل لتحقيق أهدافنا، والأهم بالنسبة للجميع، نحن بحاجة إلى أشخاص عاليي الجودة لتخطيط وتنفيذ ما بادرنا به». وقال بدوي إن الأهمية في القرن الـ21 تكمن في القدرة على التطلع إلى المستقبل، وليس لحجم الدولة، مضيفاً أنأالشباب هم الشريحة الأسرع نمواً من سكان البلدان العربية، إذ إن 60٪ تقريباً من السكان هم دون سن الـ،25 ما يجعل هذه المنطقة إحدى أكثر المناطق شباباً في العالم، إذ يبلغ متوسط العمر 22 عاماً مقارنة مع المعدل العالمي البالغ .28أ وقال إن التحدي الذي يواجه العالم الإسلامي هو كيفية إعادة تشكيل الانطباع، وإعادة تصنيف الإسلام، وهو ما يمكن القيام به من خلال تبني الإسلام الحضاري، الذي يشمل التدريس الإنساني للإسلام، معتبراً أن التركيز على الإسلام الحضاري هو الفرصة التي يوفرها الإسلام لتجديد المجتمعات. وأكد بدوي أن الاسلام الحضاري يهدف الى الترويج لصورة تقدمية تنموية، وأيضاً إلى بناء مجتمع أخلاقي قوي ذي قيم دينية وروحية راسخة.

 وقال إن التعليم إذا ما طبق بطريقة صحيحة يمكن أن يكون حلاً سحرياً لمشكلات العالم ويساعد في بناء مهارات تضمن وسيلة لتوليد الدخل على وجه الخصوص في البلدان النامية، منوهاً بأن التعليم الحقيقي هو الذي يبني الشخص ليجعله قادراً على تحمل مسؤولياته عضواً في العائلة وفرداً داخل الجماعة وجزءاً من المجتمع ومواطناً في بلد ما، ويهدف المنتدى الذي يشارك فيه ما يزيد على 600 شخصية سياسية وإعلامية عربية وعالمية رفيعة المستوى ورؤساء وممثلي الدوائر والجهات الحكومية المختلفة في الإمارات، إلى تطوير آليات الاتصال الحكومي في المنطقة والخروج بمنظومة جديدة في فكر الاتصال الحكومي، تستفيد منها المؤسسات الحكومية في دولة الإمارات والمنطقة العربية.

تويتر